اللواء هاشم سعد بن عايود السقطري* - في الحادي والعشرين من شهر مايو، من عام 1990م المجيد، سطع فجر جديد على أرض اليمن السعيد. يومها، تلاقت نبضات القلوب في شطري الوطن، شمالاً وجنوباً، لترسم لوحة بهية من الوحدة والوئام. يومها، ارتفعت الهامات شامخة، وتوحدت الرايات خفاقة، معلنة ميلاد يمن قوي موحد، ينهض من رماد الفرقة ليصافح آفاق العزة والمنعة.
لقد كانت لحظة تاريخية فارقة، تجسدت فيها آمال أجيال تعاقبت، وتطلعات شعب عانى مرارة الانقسام. كانت حلماً طال انتظاره، ونبراساً أضاء دروب المستقبل، مؤذناً بعهد جديد من التكاتف والتكامل. يومها، استشعر كل يمني نشوة الانتماء إلى كيان واحد، يجمع تحت سمائه تاريخاً مشتركاً، وحاضراً واعداً، ومستقبلاً مشرقاً.
لقد حملت الوحدة اليمنية في طياتها مكاسب جمة، تجلت في تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وتوسيع آفاق التنمية الشاملة، وتقوية حضور اليمن على الساحة الإقليمية والدولية. لقد فتحت آفاقاً واسعة للتبادل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين أبناء الوطن الواحد، وعززت الشعور بالتضامن والتآزر في مواجهة التحديات. لقد كانت الوحدة بمثابة صمام أمان، وحصن منيع في وجه كل محاولات النيل من استقرار اليمن وازدهاره.
إلا أن مسيرة الأمم لا تخلو من عثرات، وقد واجه يمننا الموحد تحديات جسيمة، عصفت باستقراره وأدمت قلوب أبنائه. لكن في غمرة هذه الصعاب، يظل جوهر الوحدة هو السند القوي، والملجأ الآمن، والبوصلة التي تهدينا سبل الخلاص. إن الحفاظ على هذه الوحدة المباركة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية، وواجب وطني مقدس، يقع على عاتق كل يمني غيور على وطنه وتاريخه ومستقبله.
إن ذكرى الوحدة اليمنية ليست مجرد استحضار لماضٍ جميل، بل هي دعوة صادقة للتمعن في قيمها النبيلة، واستلهام روحها الوثابة، وتجديد العهد على صونها وحمايتها. إنها دعوة إلى نبذ الفرقة والخلاف، وتغليب مصلحة الوطن العليا.
*محافظ محافظة سقطرى ـ
عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|