الميثاق نت -

الإثنين, 16-يونيو-2025
الميثاق نت - كتب / بليغ الحطابي -
تنتشر الكوليرا في صنعاء وعدد من المدن الخاضعة لسيطرة حكومة التغيير، بسرعة في أوساط المجتمعات والاحياء المكتظة بالسكان حسب مسؤولين صحيين.
ويؤكدون أن ذلك ناتج عن انعدام وسائل الصرف الصحي والمياه النظيفة وتراكم القمامة ومخلفات الاطعمة..
ياتي ذلك فيما لم تحرك وزارة الصحة ساكناً بشأن حملات التوعية والتنسيق مع الجهات والمؤسسات الأخرى، باستثناء جهود بسيطة يقوم بها الاطباء والعاملون الصحيون،الذين يبذلون جهودا جبارة من اجل البقاء..
وعزا المختصون إلى جائحة تشهدها بعض المحافظات بين فترة وأخرى نتيجة عدم وضع سياسة لمنع تفشي مثل هذه الاوبئة..

ظروف قاسية..
ويفاقم تفشي الكوليرا معاناة السكان في عموم المحافظات اليمنية الذين يكابدون ظروفاً قاسية ناجمة عن الحرب المستمرة منذ 10 أعوام، وبحسب أطباء وعاملون في المستشفيات لـ"الميثاق" فالوباء ينتشر بسرعة في ظل ضعف البنية التحتية للمنشآت الصحية التي تعرضت لدمار خلال الحرب والعدوان.. واستمرار معاناتها نتيجة تبعات وتأثيرات تلك الحرب والحصار بضعف المستلزمات والمحاليل اللازمة إلى جانب ضعف الجانب التوعوي وانعدامه احياناً وبالذات في المناطق النائية والقرى البعيدة عن المدن..
وتقول منظمة الصحة العالمية إنها سجلت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، أكثر من 11 ألف حالة إصابة بالكوليرا، ما يعكس حجم الأزمة الصحية الراهنة وتعقيداتها..

دون انذار..
احد المرضى المصابين بالمستشفى الجمهوري بصنعاء تحدث لـ"الميثاق": كل شيء بدأ فجأة، الإسهال المائي الحاد والتقيؤ المستمر كانا أول الأعراض، وسرعان ما انتشرت العدوى بين أطفالي الصغار وزوجتي.. تواصلت مع احد اخواني فتم اسعافنا إلى المستشفى..

وضع كارثي..
وتنتشر الكوليرا بسرعة لتحول وضع الأطفال السيء أصلاً في اليمن، إلى كارثة..
ويقول اطباء في ذات المستشفى "إن الاوضاع تتدهور سريعاً في ظل شح الموارد الطبية وعدم توفر مياه شرب نظيفة، مما جعل الوضع أكثر خطورة"..

قلق..
(علي) مثل الكثيرين في اليمن، يعيشون في حالة ترقب وقلق دائم من المستقبل..
فالمعضلة الكبرى التي يواجهها هو وغيره من السكان ليست فقط الفقر أو النزاعات، بل أيضاً النقص الحاد في البنية التحتية للمشافي و للمياه والصرف الصحي، والظروف المعيشية الصعبة التي لايستطيعون توفير القوت الضروري..

الأكبر انتشاراً عالمياً..
منظمة الصحة العالمية تؤكد أن اليمن أصبح رابع أكبر دولة في تفشي الوباء عالمياً، ويحتل المرتبة الثانية في عدد الإصابات بالكوليرا في إقليم شرق المتوسط، مما يستدعي استجابة دولية عاجلة لمواجهة هذه الأزمة..

أرقام صادمة
مع نهاية العام الماضي 2024م قالت منظمة الصحة العالمية إن اليمن يتحمل العبء الأكبر من حالات الإصابة بالكوليرا على الصعيد العالمي، مشيرة إلى أن البلاد عانت من سريان الكوليرا بصفة مستمرة لسنوات عديدة، وسجلت بين عامي 2017م و2020م أكبر فاشية للكوليرا في التاريخ الحديث..
وأفادت بأنه حتى ديسمبر من العام 2024م أبلغ اليمن عن 249,900 حالة مشتبه في اصابتها بالكوليرا، ووقعت 861 وفاة مرتبطة بالكوليرا منذ بداية العام نفسه..

وفيات..
وخلال الأيام الماضية شهدت بعض مشافي ومراكز العلاج للكوليرا في صنعاء حالات وفاة لبعض مرضى الكوليرا كما اكد لي بعض الاطباء والعاملون الصحيون، لكن المسؤولين لم يفصحوا عن الارقام، لعدم اختصاصهم..

بلا تصريح..
الكوليرا لا تحتاج إلى تصريح عبور لكي تجتاز نقطة تفتيش أو حدود، فهو مرض قاس يمكن أن يفقد الشخص حياته في بضع ساعات نتيجة الجفاف الشديد الذي يعانيه والاستنزاف من خلال الإسهال المائي والقيء، وغيرها من الأعراض.. كما أنها لا تميز بين المناطق الخاضعة لأطراف سياسية مختلفة..

مناظر مروعة..
"في بعض المستشفيات والمراكز الصحية القليلة العاملة التي قمت بزيارتها، في صنعاء وفي محطة تقييم حالة خطورة وضع الأطفال، شاهدت مناظر مروعة لأطفال على آخر رمق- وأطفال صغار الحجم ،انهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة"..
لكن هؤلاء هم المحظوظون، فهناك عدد لا يحصى ولا يعد من الأطفال الذين يموتون يومياً بصمت في جميع أرجاء اليمن، ولأسباب يمكن الوقاية منها أو علاجها بسهولة، مثل الكوليرا والإسهال وسوء التغذية.. كما يقول أطباء..
ويرى الدكتور وهاج المقطري بانه رغم الإنجازات إلا أن التحديات قائمة ولا يزال الوعي والتثقيف الصحي أكبر معضلة،
وقال :التوعية الصحية أمر حيوي بتعريف الناس بأهمية غسل اليدين ومأمونية النظافة البيئية والمحيط الخارجي للمنزل وعدم رمي القمامة في غير أماكنها..
كما أن هناك صعوبة في التكيف لدى البعض مع الإرشادات والإجراءات الصحية لكن اذا تضافرت جهود الجميع سنصل الى نتيجة ايجابية..
فيما ترى الدكتورة اسماء عبدالكريم زهرة استشارية طب اطفال وحديثي الولادة ان الحلول ممكنة لانقاذ اطفالنا وبلادنا من فاشية الكوليرا..
وتضيف: صحيح ان الكوليرا عدوى بكتيرية حادة وشديدة وسريعة الانهاك للجسم وتصيب الامعاء، إلا انه اذا توافرت نوايا جادة وتعاون حقيقي من الجميع كل من موقع مسؤوليته سنتغلب على هذا الخطر..
وتتصاعد خطورتها في البلدان التي تعاني من ضعف البنية التحتية نتيجة الصراعات وحتى عام ٢٠٢٥م تهدد الكوليرا الصحة العامة في اليمن.، بحسب الدكتورة اسماء فإن تصنيفات دولية تؤكد أن اليمن لا تزال في منطقة الخطر بعودة فاشية الكوليرا التي اجتاحتها العام ٢٠١٦م ومسجلة ضمن الدول المرتفعة الإصابة..

أزمة صحية..
وتؤكد اسماء زهرة ان الكوليرا ليست مجرد مرض بل انعكاس لازمة هيكلية وصحية لا يمكننا ان نسمح بفقدان المزيد من الارواح.. فلنعمل يدا بيد من اجل المواطن.. على الجميع تحمل المسؤولية لانقاذ الارواح والتغلب على هذا الوباء..

سباق لانقاذ الحياة..
في زيارتي لبعض المراكز التقيت بعاملين في مجال الصحّة، وهم يسابقون الزمن لمنع الكوليرا من قتل المزيد من الأطفال والاشخاص المصابين من كبار السن، يعملون بكل تفان، وملتزمون رغم شحة الامكانات لدى بعض المراكز..، لسان حالهم: علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لتزويدهم بالإمدادات الطبيّة والدعم الذي هم في أمس الحاجة إليه..
ووجهوا دعوتهم بالقول: على الجميع السلطات الصحية والمواطنين والمؤسسات والإعلام في اليمن أن يتحدوا، ان يتنازلوا عن أطماعهم وسياساتهم وحروبهم وحساباتهم الخاصة، لانقاذ الشعب.. لانقاذ المواطن الذي يواجه الموت في كل مكان..
ويضيفون: لقد آن الأوان لوضع اتفاق سياسي يمني - يمني من اجل اليمن.. من اجل ابنائنا وحمايتهم، ومن اجل الازدهار والتنمية لليمن..
وفي مواجهة هذا الوباء، تتجه الأنظار إلى الجهود الرسمية للحد من انتشار الكوليرا لكنها سرعان ما تتبدد وتذروها الرياح، كسرعة انتشار الوباء،.. وسط تحذيرات طبية بإدراك حجم الخطر والكارثة والعمل على وضع الحلول الجذرية لمثل هذه الحالات وعدم الاعتماد على دعم المنظمات، وعمل خطة عاجلة لمحاصرة الجائحة، بسرعة إعادة بناء البنية التحتية وتأهيل الموجود منها وتزويدها بمختلف الادوية والعلاجات وتوفير المستلزمات الاسعافية والمحاليل، والبدء بحملات توعوية وتنسيق الجهود بين المؤسسات لتوعية وتثقيف المواطن، وبالذات المناطق الريفية حيث يرى الأطباء أن أكثر الحالات التي تأتيهم تصل من المناطق الريفية المجاورة لصنعاء..
ومع الانتشار المخيف مقابل عدم الاهتمام بالجانب التوعوي من قبل المسؤولين الصحيين، باستثناء بروشورات لمركز التثقيف الصحي بصفحته على الفيسبوك، فيما غالبية الأسر لا يتصفحون الانترنت وليس لهم صفحات على فيسبوك.. لا تزال التساؤلات تجتاح الشارع في العاصمة والمدن الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء هل فعلا هناك جائحة كوليرا..؟! وحتى إعداد التقرير لازلنا ننتظر ردود وتوضيحات وزارة الصحة كونها غير مدركة لخطورة الوضع.. وما يعانيه ويواجهه المواطن.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 16-يونيو-2025 الساعة: 12:44 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67592.htm