عبدان دهيس -
منذ أن تشكل «اللقاء المشترك»- المعارض.. الذي جمع- بحسب نظرية «السياسة فن الممكن»- بين ألد «أعداء الأمس» في الساحة السياسية- ليصبحوا «أصدقاء اليوم»- رغم «النزعة العدائية»- التاريخية المعروفة بينهم.. والمتأصلة في مكوناتهم الفكرية والسياسية والروحية والنفسية.. وما يحمله كل طرف منهم للآخر من نوايا غير حميدة- تفصح عنها علانيةً وثائقهم وبرامجهم وأهدافهم منذ أن نشأت أحزابهم- والمؤكدة على إختلاف توجهاتهم السياسية- الفكرية.. ذات المشارب والمنابع المتعددة.. وغير الملتقية.. منها- الاشتراكية العلمية والأممية البروليتارية والأصولية والناصرية والقومية والطائفية المذهبية المتحجرة- وخاصة ذلك الاختلاف والتضاد في توجهات.. «القطبين الحزبيين الرئيسيين» - المتنافرين.. سياسياً وفكرياً وايديولوجياً.. «الاشتراكي الأممي» و«الاصلاح».. ذي النزعة الاصولية المتشددة -اللذين اجتمعا- ولله في خلقه شؤون..على «طاولة المشترك الواحدة»- وليس لهم من هدف آخر.. سوى هدف الوصول الى السلطة- حتى وإن كان هذا الهدف على حساب قضايا الوطن المصيرية والسيادية- وليس كما صرح الشيخ عبدالله صعتر- أحد كبار قادة وشيوخ الاصلاح المتشددين.. في مهرجان أقيم بمحافظة إب للمعارضة الأسبوع الماضي بالقول: «الفقر والجوع هما اللذان جمعانا بالاشتراكي»- منذ أن تشكل هذا «التجمع التوليفي»- المعارض المتناقض.. لم يتوان- وبالذات «الاشتراكيون والاصلاحيون» وقياداتهم- كالعادة التي درجوا عليها- وقطع العادة عداوة.. وهذا ما تدلله أحاديثهم اليومية- بالمزايدة والمتاجرة السياسية بالقضايا الوطنية المصيرية الحساسة.. وعلى نفس موال العزف على هذا الوتر- الذي غدا محلاً وغير ذي صوتٍ مسموعٍ- بسبب تهالك ريشته من كثر الطرب والطنين والرنين المتكرر.. والذي أدى به الى خروجه عن الجاهزية- حسب.. «الاصطلاح العسكري».. نرى هذه «الجماعات»- المفلسة للأسف.. التي يمكن لنا أن نسميها- جماعات «من كل قطر أغنية»- كلما سنحت لها الفرصة.. وعندما يأتي مثلاً- ذكر «قضايا المرأة».. نراها تقيم الدنيا ولا تقعدها- بالتباكي والحديث المعسل حيناً.. والمبطن حيناً آخر.. كله واحد.. عن المرأة وحقوقها وقضاياها والمزايدة باسمها.. في حين يلزمون الصمت المطبق.. «صم بكم».. عندما تطرح بجدية.. قضية المرأة وحقوقها وأهمية إشراكها في السلطة ومؤسسات الدولة وإدارة شؤون المجتمع.. وتشجيعها ودعمها في الانتخابات- كمرشحة وناخبة في آنٍ معاً..!! > لقد كفل دستور الجمهورية اليمنية الموحدة -والتشريعات والقوانين النافذة- ذات الصلة بالحقوق والحريات.. كامل الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين جميعاً- الرجل والمرأة.. وبالتساوي ومن دون نقصان- فما للرجل من حقوق وما عليه من واجبات.. هو للمرأة وعليها ايضاً- كنصف المجتمع.. ولا تستقيم شوكة ميزانه الا بها.. وهذا هو الحال السائد الآن- الذي تجسده وترعاه وتصونه الدولة.. لكي تحتل المرأة موقعها المناسب إلى جانب أخيها الرجل.. وتتعامل به على الواقع عند ممارستها لوظيفتها.. كأحد مكونات النهج الوطني الديمقراطي.. الذي تسير فيه وارتضاه الشعب بإرادة وطنية وسياسية.. تستحق الثناء والتقدير والاحترام وأهمية الحفاظ عليها- وهنا تكمن مسؤولية الجميع- سلطة ومعارضة في ذلك. والفخر بهذه التجربة- ليس بأسلوب.. المزايدات والمناكفات والتحششات والفهلوات والمكايدات والتشويهات العمدية.. والمتاجرة بقضايا الوطن واستغلال معاناة الناس ووعي البسطاء.. والتطاول على الثوابت الوطنية والتشكيك بصدق نوايا الحاكم- وهي ممارسات جبلت عليها «معارضة المشترك».. حتى أصبحت زادها اليومي.. الذي لا يمكن كما يبدو.. إنها قادرة على الاستغناء عنه- ولكن من خلال.. صدق النوايا فيما تقول وتحويلها الى فعل.. وأن يبدأ هؤلاء وبالذات- «إصوليو المشترك» من داخل أحزابهم والمؤسسات التابعة لهم..!! > بعد هذا.. ماذا عسانا أن نقول لأمثال هؤلاء المستخفين بعقول اليمنيين.. المتباكين.. «زوراً وبهتاناً» على قضايا الوطن المصيرية- كما يدعون.. ومنها «قضية المرأة».. التي كان «الرفاق» في عهدهم- قبل الوحدة قد «أمموها» وأتى «عدو الأمس اللدود»- «صديق اليوم الحميم» -الاصلاحيون- جماعة «بتوع ربنا».. حسب تعبير الاصطلاح الذي أطلقه عامة أخوتنا المصريين على «الاخوان المسلمين» عندهم- و«برقعوها».. فمن يصدّق من؟! ومن يكذِّب من..؟! «الرفاق» أم «بتوع ربنا»؟!! دعونا نستعرض شيئاً من أفعالهم- وهي مناسبة لتعرف المرأة كيف أرادوا وكيف تمكنوا وكيف يريدون من جديد «برمجتها» وإعادة «تأميمها» والمزايدة والمتاجرة باسمها.. وأن يجعلوها -قضية ل«الاستهلاك السياسي»- ليس إلاّ؟!! > إذا بدأنا ب«الرفاق»..فحدث ولا حرج- فالجميع يتذكر.. من جيل ذاك الزمان لعهد الرفاق.. أو سمع- عن «قانون الأسرة».. في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة.. وعن المزايدات التي كانت تتم باسم المرأة.. التي وصلت إلى حد الدفع بها للخروج الى الشارع- شاءت أم أبت.. بالرضى وإلاّ بالصميل.. وتهتف.. «تحريف الشيذر واجب».. تحت ذريعة تحريرها من الأفكار البالية.. ولكن كان وراء الأكمة ما وراءها- كان الهدف الحقيقي من وراء هذه «الهيصة» و«الزيطة والزمبليطة» هو فرض تمردها على زوجها.. واستلاب العصمة والوصاية الزوجية منه اي تاميمها بعد ان يكون قد تم تدمير مكونات الأسرة- وبالتالي يسهل تحريكها ب«الريمونت كنترول».. وفق «منهاجية الرفاق» -والتي منها.. منع الرجل من الزواج بثانية- وهذا تعدٍ على الشرع- بينما هم محلل لهم.. والوقائع والشواهد كثيرة.. ومعظم الناس تعرفها.. والأدهى والأمر أن «بيت الزوجية» يؤول للزوجة عند الطلاق.. مع معاش الزوج الشهري -الذي يصادر مباشرة وفي الحال- من مرفق عمله.. إذا كان يعمل مع الدولة -بمجرد وصول أمر المحكمة.. وإحالته الى طليقته- ولم يعط له إلاّ «الفتات» تحت حجة مصاريف أولاده.. وإذا تمرد على هذا الأمر مصيره السجن- بعد جرجرته إلى المحاكم واتحاد النساء.. ولجان الدفاع الشعبي التي كانت متواجدة في كل حي- ونادراً ما كانت المحكمة تحكم للزوج الطليق- وبحضور ممثل عن إتحاد النساء.. بالسماح له أن يأتي في المساء الى المنزل- لينام فقط.. ليس في غرفة خيالية- وإن كانت متاحة.. ولكن في «المطبخ» أو عند «باب الحمام» - الله يعز مقداركم.. وفي حالات كثيرة كان يطرد الى الشارع- حتى وان كان البيت باسمه.. وللزوجة الحق في طلب الطلاق- لأتفه الأسباب.. التي لا يقرها شرع ولا قانون- الاّ «قانون الأسرة».. ومنها كمثال على ما نقول: إذ طلب الزوج من زوجته- التخفيف من الخروج بدون إذنه.. أو من تكرار التأخر الليلي- تحت ذريعة.. الاجتماعات الحزبية او تكليفات اتحاد النساء والشباب أو لجان الدفاع الشعبي- تحت شعار: «من أجل القضية الوطنية» -سرعان ما تتقدم لطلب الطلاق- حتى وإن كان ملتزماً بكافة المسؤوليات الزوجية لها- ومبررها في ذلك.. أنه تدخل في شؤونها الخاصة- بحسب «قانون الاسرة».. ومازلت أتذكر بالمناسبة- حديثاً للرئيس الشهيد سالم ربيع علي «سالمين» .. في عام 1975 - العام العالمي للمرأة -ألقاه في المسرح الوطني بالتواهي- عدن.. أمام حشد كبير من النساء- انتقد فيه المفهوم الخاطئ عند المرأة لحريتها.. وذكر واقعتين للتدليل على ذلك.. الأولى أن امرأة طلبت الطلاق بسبب أن عيون «زوجها لونها أزرق.. والثانية طلبت الطلاق بحجة أن زوجها «عسكري».. وقال ليس هكذا تفهم المرأة حريتها.. ولكن «الرفاق» لم يرق لهم هذا الكلام.. وساروا في غيهم يعمهون!! أما أخواننا في الله.. «بتوع ربنا» فقصصهم وحكاياتهم كثيرة.. مما يندى لها الجبين.. فعقب حرب 1994م- هاجموا حرية المرأة هجوماً شديداً.. وأفتوا بحجابها وتبرقعها ولفها بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها.. وكانوا يجوبون المنتزهات والاستراحات العائلية والشواطئ.. ويطلبون من الزوج وزوجته «عقد النكاح».. إن كانا «متزوجين» شرعاً.. بل وصل الأمر ببعض «صبيتهم» أن يطعن في شرعية زواج والديه.. ويطالبهما بعقد قران جديد.. وإلاّ فزواجهما يعد باطلاً.. ولم يقتصر أمرهم عند هذا الحد- ولكنهم ايضاً.. أفتوا بتحريم أن تشاهد المرأة التلفزيون.. أو تحلب البقرة.. وغيرها من العجائب الأصولية.. وبعد هذا نقول: على المرأة أن تدرك هذه الأبعاد وحقيقة من يريد أن يتاجر بقضيتها.. أما حريتها فهي مكفولة دستوراً وقانوناً.. والله من وراء القصد!!