الإثنين, 28-أبريل-2008
عبدالعزيز الهياجم -
،، في لغة الخطابات والبيانات الصحفية يستطيع كائن من كان أن يمنح نفسه وزناً ثقيلاً وهالة إعلامية تفوق حجمه بكثير وتجعل منه بطلاً غير متوج.
وحتى لو كنت شخصاً مغموراً يكفي أن تعلن عبر وسائل الإعلام المختلفة بأنك سترشح نفسك في أي استحقاق انتخابي، ولنقل على سبيل المثال في الانتخابات المرتقبة لمحافظي المحافظات.. يكفيك أن تحدد هدفك بمنازلة مرشح أو مرشحي السلطة والحزب الحاكم لتكون مميزاً وجاذباً للانتباه والأضواء حين تعدد مساوئ المتنفذين وتعزف على نغمة الأوضاع المعيشية للناس، وتعلن الحرب على الفساد والفاسدين، وحتى لو كنت تعرف سلفاً أن لا أحد سيصوت لك فبإمكانك أن تكون بطلاً حين تجمع وسائل الإعلام وتصدر بياناً تتهم فيه منافسيك بالتزوير وشراء الذمم وتسخير المال والإعلام لإسقاطك.
هذه المقدمة ليس مقصوداً بها أحد، سواء كان فرداً أو حزباً أو جماعة، ولكن أردت من خلالها أن أوضح وجهة نظري وقناعتي الشخصية وهي أنه مهما قيل عن تجربتنا الدميقراطية من أنها لا زالت محكومة بظروف اجتماعية معينة وتراكمات عهود شمولية سابقة ولا زال الوعي المجتمعي للناس بالديمقراطية الحقة قاصراً أو في طور تشكله الناضج فإنه لم يعد مقبولاً أن نعلق إخفاقاتنا على شماعة التزوير والتلاعب بالنتائج لأن هامش هذا التجاوز يظل في المحصلة النهائية هامشاً ضيقاً ونسبة لا تكاد تذكر.
وقد أثبتت تجربتنا الديمقراطية ذلك من أول تجربة وتحديداً من الاستحقاق الانتخابي الأول المتمثل بالانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع والعشرين من أبريل 1993م، والتي أفرزت خارطة سياسية وحزبية تشكلت بتشكل ألوان الطيف ولم يستطع أحد حينها أن يقيم نتائج تلك الانتخابات على أنها جاءت لتكرس هيمنة ونفوذ شركاء الاتلاف الحاكم فهي أعطت بعض قوى المعارضة حجماً أكبر من حجم بعض قوى السلطة مما يدل على أن الوعي الشعبي كان حاضراً بطريقة أو بأخرى، وأن هامش التزوير والتلاعب بالنتائج لم يكن بالكاد يذكر وعكست ذلك نتائج بعض المحافظات الكبيرة التي عرفت بتميزها بامتلاك نسبة كبيرة من الوعي والثقافة والتعليم وكانت نتائجها تكشف عن إرادة للتجديد والتغيير انطلاقاً من مبدأ إتاحة الفرصة للخطاب الآيديولوجي لهذا التيار أو ذاك لينتقل من القول إلى الفعل وحينها لم تستطع قوة السلطة والمال والإعلام أن تقف في وجه هذه الإرادة الأمر الذي يجعل حجة المدعين بالتزوير واهبة.
وجاءت الاستحقاقات الانتخابية اللاحقة لتكشف تراجعاً لبعض القوى التي تحولت من معارضة إلى حاكمة لتؤكد حقيقة أن الناس هم من بمقدورهم أن يدفعوا هذه القوى إلى سدة الحكم أو يعيدوها إلى المعارضة وفقاً لما وجدوه وما لامسوه على أرض الواقع العملي وما إذا كانت الشعارات والبرامج الطموحة التي دغدغت عواطفهم قد ترجمت فعلياً أو لا.
واليوم ونحن على أبواب منعطف هام في مسيرة تجربتنا الديمقراطية والمتعلق بانتخاب محافظي المحافظات ينبغي على الجميع أن يكون رافعة قوية لتعزيز هذه المكتسبات الديمقراطية وليس المزايدة عليها في إطار المماحكات والمكايدات السياسية.
وبغض النظر عن التيار أو الحزب صاحب الحظوظ الأقوى للفوز بنتائج هذه الانتخابات انطلاقاً من معطيات حجمه في الهيئات الناخبة فإننا بذلك نؤسس لمبدأ ديمقراطي ربما تجني ثماره القوى التي هي الآن خارج السلطة إذا ما استعدت جيداً للاستحقاقات الانتخابية القادمة وأعادت قراءة الواقع وتقييم أدائها وقدرتها على كسب ثقة الناس وذلك أمر لن يتأتى إلاّ ببرامج حقيقية وصادقة توائم بين القول والفعل وليس اعتماداً على المناكفات والمزايدات والمكايدات السياسية والحزبية.

al [email protected]

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6807.htm