الثلاثاء, 06-مايو-2008
د/عبدالعزيز المقالح -
هل يستطيع "تسونامي" الجوع أن يوقظنا - نحن العرب- من الغفلة التي تلف حياتنا كلها بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية؟ وهل في مقدور هذا "التسونامي" المرعب أن يعيد إلى أبناء الأمة العربية بعضاً من التكاتف والتضامن الجاد؟ وهل تشكّل المخاوف الناتجة عن التقارير المتلاحقة بشأن تصاعد أسعار الأغذية، حافزاً للأنظمة العربية لحماية مواطنيها من المجاعات المحققة التي باتت تدق الأبواب بعنف؟.
أسئلة كثيرة يطرحها الواقع بإلحاح شديد، ويرفدها بمجموعة من النذر التي لا تبشر بخير للشعوب والأنظمة، والوقوف عليها والتفكير فيها لا يعد حالة روتينية، بل استجابة لضرورة يقتضيها الواجب الوطني، ويفرضها الشعور الجاد في رغبة البقاء. ومن المؤكد أن الأنظمة العربية وغير العربية التي تتجاهل خطورة الموقف الغذائي، لن تتحمل وزر ما سوف يحدث لها، بل ووزر ما سوف يحدث للملايين، ومن هذه الملايين التي ستضطر تحت وطأة الجوع إلى الخروج إلى الشوارع في حالة هياج جنوني، يصعب على أية قوةٍ مجابهته أو إيقاف حماقاته عند حد، وقد قيل قديماً إن الجوع كافر وعقل الجائع في إجازة.
ولا جديد في القول بأن غالبية الأقطار العربية مرشحة للمجاعات، وارتفاع أسعار القمح والأرز إلى أرقام فلكية، سيقتضي من الأنظمة العربية منفردة ومجتمعة الإسراع في وضع استراتيجية غذائية، قابلة للتنفيذ الفوري من أجل طمأنة المواطن العربي، وإشعاره بالأمان ليس في المرحلة الراهنة فحسب، وإنما على مدى المستقبل المنظور. ولعل التجربة الفريدة التي أقدمت عليها بعض الدول في أمريكا اللاتينية تستحق الدراسة والاقتداء، فقد رصدت هذه الدول ملايين الدولارات لمواجهة تزايد الأسعار في المواد الغذائية، لتقي مواطنيها من الآثار السلبية لهذا التزايد، الذي تلعب فيه السياسة دوراً بالغ الوضوح، على أمل أن ينجح غياب الرغيف فيما فشلت فيه الأساطيل والأسلحة الفتاكة والويل لمن لا يعرف ما يدور في دوائر الكبار وعقولهم.
ولم يعد سراً أن الكبار قد فشلوا في السيطرة على العالم عن طريق التهديد والوعيد وشن الحروب المتلاحقة، وأنه لم يعد في مقدور الأسلحة الاستراتيجية المتطورة أن تخيف الفقراء، وتدفعهم إلى الاستسلام دون قيد أو شرط لكل ما يريده هؤلاء (الكبار)، فعمدوا إلى وضع استراتيجية جديدة تقوم على إشعال حرب المجاعات العالمية، وفي هذه الحال فمن حق العالم مواجهة هذه الاستراتيجية الظالمة بالتركيز على استراتيجية مواجهة، تقوم على بناء القدرات الذاتية للشعوب التي يقال أنها فقيرة، وهي ليست كذلك، ويقال أنها لا تستطيع أن تستغني عن معونات (الكبار) وصدقاتهم التافهة، وهي ليست كذلك أيضاً.
ولعل أول ما تتطلبه الاستراتيجية الجديدة للشعوب المعرضة للمجاعات وجود حالة من تناغم المشاعر والمواقف بينها وبين قياداتها، حتى لا تقوم هذه القيادات برفض هذه الاستراتيجية، أو التعاون مع (الكبار) على إفسادها، علماً بأن هناك أنظمة عربية تلقت منذ زمن بعيد وما تزال تتلقى أوامر بصرف النظر عن زراعة القمح، لأن القمح سيأتيها من الخارج بأثمان زهيدة بالإضافة إلى مساعدات مالية سخية، وذلك كله يفضح الدور الذي يلعبه بعض (الكبار) أو كل (الكبار) لإحكام السيطرة الاقتصادية والنفسية على كثير من شعوب العالم، وعلى الشعب العربي بخاصة. ومن المهم هنا، التنبيه إلى أن استراتيجية بناء القدرات الذاتية هي الحل المنشود والمطلوب والممكن، وليس كما يرى البعض الاتجاه إلى ارتكاب الحماقات التي يتم تصنيفها في خانة العنف والإرهاب.
محمد الخوبري في روايته الثانية (المدّاح والموت):
يعجبني إصرار الجيل الجديد من الكتاب اليمنيين على الاندفاع نحو كتابة الرواية، ومحمد الخوبري واحد من هؤلاء المبدعين الذين يقرعون أبواب هذا الفن السردي البديع، ويسعون إلى أن يكون لهم حضورهم الفاعل في هذا العالم الإبداعي، الذي يراه البعض جديداً على اللغة العربية. رواية (المدّاح والموت) هي الرواية الثانية له بعد روايته الأولى (أحلام الفتى سالم)، وهو يرصد في أعماله الروائية حياة الفئات المهمشة في الواقع اليمني لما قبل، وبعد الثورة وقيام الجمهورية، وفيها التقاط ذكي ولماح لصور وأحداث من البيئة المحلية بتفاصيلها الواقعية المثيرة.
تأملات شعرية:
كنتُ أحلم
في أن يكونَ فمي للكلامْ
ولكنه - آه وا أسفاه-
غدا وطناً للطعامْ.
كنتُ أحلم في أن يكون الهواءْ
شرابي،
وهذا الفضاءُ كتابي
ولكن خُلْمي انزوى ذابلاً
حين قال الرغيف: عليك السلامْ!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6866.htm