الثلاثاء, 13-مايو-2008
عبدالولي المذابي -
من الخطأ أن تظل الانتخابات مجرد هدف بحد ذاتها, فمن الطبيعي أنها وسيلة لتحقيق هدف اكبر وأسمى هو اختيار الأفضل من بين البدائل المطروحة ومنحه سلطة التنفيذ وإدارة شئون الناخبين بما يمتلكه من الكفاءة والخبرة والثقة.
ومن المؤسف أن كل الحوارات والنقاشات الدائرة حاليا تركز على نوع معين من التوازنات السياسية وتحقيق الحسم في الانتخابات لصالح أحزاب او تكتلات اجتماعية معينة , وفي غمرة تلك الانفعالات يضيع المعيار الأساسي للانتخاب والاختيار الجيد , وقد يتغافل البعض عن عدم توافر بعض الصفات القيادية وكفاءة التنفيذ لأحد المرشحين لا لشيء سوى النكاية بمرشح حزب آخر أو تكتل آخر قد يكون بالفعل غير صالح للمنصب , وهو ما تستغله بعض الأحزاب سواء المشاركة او المقاطعة للانتخابات لدعم أو إضعاف بعض المرشحين من خلال تزكية مرشحين آخرين أضعف أو أقوى للنيل من الخصوم وتستغل في سبيل ذلك سيطرتها على حصة من الهيئة الناخبة التي يستوجب حصول المرشح على تزكية 10% من أعضائها , وهو ما يعني عمليا أن عدد المتنافسين في كل محافظة لن يزيد في كل الأحوال عن عشرة مرشحين فقط , وهو ما يساعد على السيطرة على العملية الانتخابية بصورة مزدوجة من خلال عملية تزكية المرشحين وصدق ولاء الهيئة الناخبة. هذا السلوك يتنافى مع جوهر العملية الديمقراطية التي وجدت من اجل اختيار الأفضل والأصلح للناس بغض النظر عن الميول الحزبية او الانتماءات المناطقية وغيرها .

ومن المؤسف أن أصبح ذلك مألوفا لدى كثير من الأحزاب ولكن الأسوأ منه هو ذلك الإصرار عليه واستغلال كافة الإمكانيات من اجله وخصوصا من قبل الأحزاب التي أعلنت مقاطعة الانتخابات مع استمرارها في العمل على تخريب التجربة بكل ما تستطيع. النتائج المتوقعة لانتخابات المحافظين تتسم بالسيطرة الكاملة تقريبا بحكم محدودية أعضاء الهيئة الناخبة بالإضافة الى أن هذه التجربة تحديدا مرتبطة بنتيجة انتخابات أعضاء المجالس المحلية في العام 2006 والذين يشكلون قوام الهيئة الناخبة حاليا ولهم حق تزكية المرشحين وانتخابهم. خصوصية هذه الانتخابات تسير في صالح المؤتمر الشعبي العام لأسباب عدة منها النتائج الكبيرة التي حققها في الانتخابات المحلية الأخيرة وبالتالي حصوله على أصوات كثير في هذه الانتخابات وسبب آخر يكتسب أهمية كبيرة هو مقاطعة أحزاب المشترك لهذه الانتخابات وهو ما أعطى للمؤتمر سيطرة شبه كاملة عل الهيئة الناخبة وأتاح له المجال لتحقيق نصر اكبر في هذه الانتخابات التي تتم عبر أعضاء المجالس المحلية وليس عبر الانتخاب المباشر, وهي ميزة إضافية لحسم النتيجة.

ولا شك ان المؤتمر قد أدرك كل تلك العناصر فسارع بثقة لإعلان قائمة نموذجيه لمرشحيه , وهو يدرك تماما انه يلعب على أرضه وبين جمهوره بعد أن انسحب غريمه قبل البدء دون أن يترك أثرا يذكر على التنافس مخلفا سخطا لدى جمهوره الذي أحزنه هذا الانسحاب والإعلان عن عدم قدرته على تحمل المسئولية وعدم ثقته بجماهيره. أحزاب المشترك لم تكن بحاجة إلى هذه المقاطعة فهي لم تكسب منها شيء سوى مناقضة نفسها فهي التي ظلت تنتقد سوء التعيين وفساد المحافظين بل زادت على ذلك إذكاء النزعة المناطقية وما هو أكثر منها.

الواضح جليا أن أحزاب المشترك انزعجت أيضا من نتائج الديمقراطية فمن الطبيعي ان تسير نتائج انتخابات المحافظين على منوال انتخابات أعضاء المجالس المحلية الأخيرة فإذا كان (المشترك) يريد انتخابات مباشرة عبر الشعب ولا يريدها عبر أعضاء المجالس فما عليه الا أن يقبل بالتعيين ويكف عن التذمر وينتظر حتى يحين موعد الانتخابات القادمة , وان كان لا يقبل بنتائج الانتخابات السابقة وعاد للتشكيك فيها ووصمها بالتزوير فهو قول غير مقبول منه الا بشرط أن يعلن اشتراكه في تزويرها كونه حصل على 46% من اللجان الانتخابية التي أدارتها وهو ما يعني عمليا انه شريك في تزويرها , خصوصا إذا ما علمنا انه لم تشكل أي لجنة انتخابية من حزب واحد كما أن نتائج أي لجنة لا تعتبر رسمية ما لم يوقع عليها كافة أعضاءها وهو ما لم يحدث بل ان كل اللجان وقعت على نتائجها, ولذا من الواجب على أحزاب المشترك أن تمتلك الشجاعة وتعلن أنها غير قادرة على تحمل خسارة جديدة.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6908.htm