السبت, 17-مايو-2008
الميثاق نت -             طه العامري -
،،تبدو الخارطة العربية موغلة وبقدر من الهرولة والحماس نحو هاوية الفعل الحضاري وكل ما هو شاذ من السلوك والخطاب والموقف، ويمارس العرب - ذاتيا - جلد أنفسهم بكل السياط المتاحة ومنها سياط الارتهان والأفعال والسلوك الاستلابية وكل ما يقود الأمة بوجودها وحقيقة مسارها نحو دائر الانقراض أو بمعنى أدق نحو مربعات التمزق والانشطار، ويزداد الأمر قتامة وقهرا حين نرى كل ما يحدث على الخارطة العربية مجبولا بقدر من الحماس والإرادة التي تعنون تصرفات البعض الغارقين في وهم الإباحية الحضارية المعنونة بمسميات حقوقية تبدأ من حرية الساسة وحرية الأديان وحرية الرأي والصحافة والإعلام وصولا إلى حرية الارتداد والاركسة وحرية العملة والعمالة والارتهان والانفتاح.. عناوين حضارية لا حصر لها لكنها عديمة الجدوى والفائدة ولاتقدم للأمة كل هذه الشعارات قنطاراً من كرامة أهدرت أو حقوق استبيحت ولا تزال الدائرة تدور حول المكون العربي الأرض والإنسان والوجود الحضاري القومي بكل مكوناته وحقائقه وثوابته التاريخية والدينية والتاريخية.
فوضى تعصف بوجودنا القومي والقطري وعلى مختلف الجوانب والمجالات الحياتية وحقائق معطياتها ومسارها وتفاعلاتها.
وتبدو الخارطة العربية مسرحا لعبث العابثين ومعتركاتهم فيما الفعل العربي يعنون معطياته بين الانبهار والتفاعل المشفوع بكثير من الحماس من قبل مكونات عربية ومسميات تبدو من خلال تصرفاتها ومواقفها وسلوكها وكأنها تسعى راغبة بالانتقام من واقعها ومجتمعها ومن أمتها برمتها وبكل مكونها القطري والقومي، وآخرون يحاولون جاهدين مسايرة راهن الحال بكل معطياته بحيث لا يؤدي الامر إلى حالة من الانفراط الحضاري والشتات ومضاعفة الخسائر الحضارية بصورة تفقد الأمة كل ثوابتها وخصوصياتها القومية وموروثها الديني والحضاري، فيما تيار آخر بعيد عن مركز صناعة القرار العربي الرسمي يقف مواقف مناهضة لكل ما هو مخالف لحقيقة الوجود والفعل والقيم الحضارية العربية ويتمثل هذا في التيار العربي المقاوم والناشط بمعزل عن النظام العربي وهذا فعل قومي وظاهرة تاريخية وفعل مشروع ومتقدم.
ومع التسليم بكل هذه المعطيات والصور العربية الراهنة فإن الوعي العربي قليلا ما يقف امام هذه المعطيات بصورها .. لكن في الغالب حسب منطق راهن الحال فإن الفعل العربي يأتي مبتورا عن حقائق التاريخ والجغرافية وبمعزل عن موجبات الفعل المطلوب لمواجهة تداعيات الراهن..!!.
فالكيان الصهيوني ربما يجد نفسه في ظلال الراهن العربي بعيدا عن زمهرير العداء التاريخي الذي سقط تحت وقع التفاهمات والاتفاقات المبرمة بين أطراف عربية وهذا الكيان، فيما النظام العربي يشعر ببعديه القطري والقومي وكأنه خارج المعادلة المباشرة لدائرة الصراع مسقطا واجباته القومية على وقع الارتهان الإتكالي بكون هذا النظام يشعر بقدر من الرضا عن واجبات أدائها وبالتالي يرى النظام العربي إنه قد فعل ما عليه وبالتالي وحتى يتمكن هذا النظام من توفي المتطلبات الحياتية اليومية لشعبه والحصول على شراكة اقتصادية مع المنظومة الغربية والأوروبية وكان عليه في هذا الحال التماشي مع قوانين المرحلة وقيمها..!!.
ومن فلسطين إلى العراق والصومال والسودان ولبنان ومواقع عربية أخرى ليست الصحراء الكبرى نهايتها، كل هذه المواطن والفضاءات الجغرافية العربية تمثل مجتمعه مسارح لتفاعلات حضارية وأفعالاً عبثية بغض النظر عن منطق الفعل ورد الفعل وهو المنطق الذي لا يبرر هذا الانبهار والحماس للهرولة نحو مقصلة حضارية تنزع إلى شرذمة الوجود والفكر والتراث والمعتقد للأمة بمعزل عن قناعات مكونها الثقافي والسياسي ومسمياتها القطرية.
ولنأخذ مثالاً عن هذه الاتفاقات المبرمة مع العدو الصهيوني، فتلك الاتفاقات لم تحقق ما أبرمت من أجله وليس لمن رفضها التطلعات المرجوة والطروحات المعلنة حينها التي برر بها البعض تفاهمه مع كيان العدو وهذا يعطينا دلالة قطعية على ان حل الصراع العربي الصهيوني وأقول الصراع العربي الصهيوني لأن ما يحدث لا يعني الأخوة في فلسطين ولبنان وسوريا بل الصراع لا يزال وسوف يستمر صراعاً عربياً - صهيونياً، وسوف تواصل الدولة العبرية ممارسة دور ومهمة وسلوك وتصرف - تاجر البندقية -.
فلاسلام إذا ولا توافق وحين يأتي من يقدم للعدو كل التنازلات التي تعلنها سرعان ما نجدها تنقلب عليها وتقدم كشفا آخر بطلبات أخرى والأمر لما يزل..؟؟.
وحين تشتد الأزمة تصبح سياسة جلد الذات هي السائدة في الواقع العربي وشغل شاغل للنخب المعنية والمثال المشهد اللبناني والعراقي والفلسطيني دون ان نغفل الصومال أو نتجاهل السودان، والحصيلة إننا بهكذا سلوك نقدم وبكل شفافية خدمات مجانية لعدو الأمة..!!.
وفي لحظة تحول حتى الدين بكل قيمه السامية وعدالته وسماحته واعتداله ورؤيته الثاقبة لكل الظواهر، أقول حتى ديننا دخل في المعادلة الاستنزافية للراهن العربي الذي ثمة من يقولبه وفق البعد الإستراتيجي الصهيوني ووفق أجندة واشنطن الراغبة في هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة ولذلك يتحدث - بوش - عن دولة فلسطينية مزعومة، ثم يأتي محتفيا ومشاركا بذكرى نكبة العرب وضياع فلسطين وهو منطق يدل وبجلاء عن نوايا لا تحتاج الى تأكيد، ويؤسفنا وفق هذا الراهن ان البعض منا لم يتردد في إرسال رسائل العتاب إلى أعداء الأمة باحثا عن دعم موعود ومكافأة عن خدمة قدمت، ومع التسليم بكل هذه المعطيات فإن الغائب في كل هذه المعادلات العبثية هو - العقل العربي - والفعل العربي والنوايا العربية والإرادة وتظل الظواهر العربية المشرقة في زمن القتامة الراهن هي المستهدفة من الوحدة اليمنية العظيمة إلى المقاومة العربية وهما الحاضران الوحيدان اللذان ينيران سماء الأمة ويخففان بوجودهما من وقع الراهن العربي وتداعياته وحتى يصحو العقل العربي من سباته ويعيد الفعل العربي قراءته للأحداث بعيون عربية أصيلة بعيدا عن التفاعل المحوري والحسابات المتعددة الأبعاد والتوجهات..!!.

ameritaha @ gmail.com
نقلا غن الثورة
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6922.htm