الثلاثاء, 27-مايو-2008
الميثاق نت -   * د. طارق المنصوب -
اليوم، وقد انجلت الصورة واتضحت معالمها بشكلٍ نهائي بعد إجراء الانتخابات لمحافظي المحافظات في بلادنا، وباتت كل محافظة تتوفر على محافظ منتخب شعبياً ولو بطريقة غير مباشرة عبر ممثليه في المجالس المحلية، في تجربة جديدة ورائدة تشهدها بلادنا والمنطقة لأول مرة، بدأ حديث الأماني والطموحات والتطلعات الشعبية من أجل تحديد أولويات المرحلة القادمة يتزايد ويتصاعد بوتيرة سريعة وربما بطريقة غير مسبوقة لم نعهد مثيلاً لها في مجتمعنا اليمني، حتى غدت أصداؤه مسموعة في جنبات وأركان جميع المجالس الشعبية والمنتديات الفكرية.
فما أن تلتقي بأحد حتى تستشعر نبرة التفاؤل ولغة الأمل قد عادت لتحتل مكانها ضمن مفردات حديثه، عوضاً عن لغة اليأس والقنوط التي ألفنا سماعها في فترة سابقة. وربما عزز التعديل الوزاري، والذي طال عدداً كبيراً من الوزراء وما أعقبه من إعلان مفاجئ عن مبررات التعديل وارتباطه بإحالة بعض الملفات المتعلقة بقضايا الفساد إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهو الحدث الذي سيكون له دون شك أثره الإيجابي على مجمل التجربة السياسية اليمنية من أجل إرساء وتعزيز دولة النظام والقانون والمؤسسات، أقول عزز ذلك التعديل هذا التفاؤل والتطلع الشعبي وذاك الطموح بجدية التوجه الرسمي نحو تدشين مرحلة جديدة من الإصلاحات الإدارية والسياسية، وتهيئة الأرضية المناسبة لمعالجة العديد من الأدواء والمشاكل التي يعاني منها المواطن والوطن اليمني.، وإمكان مشاركة الشعب في رسم وتحديد معالم وأولويات المستقبل القادم.
كيف لا؟ وأغلب جماهير شعبنا اليمني باتت تدرك أنها كانت لاعباً رئيسياً وشريكاً أساسياً في تحديد ملامح التجربة السياسية والمحلية القادمة في بلادنا عبر التصويت في الانتخابات الأخيرة لصالح البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية، ذلك البرنامج الذي وعد ببناء «يمن جديد مزدهر ومستقبل أفضل، كما وعد.. باستكمال مسيرة البناء والتنمية والنهوض الحضاري.. ومكافحة الفساد وتأسيس اقتصاد وطني متين يوفر حياة كريمة لكل المواطنين». وهل بعد الوعد إلا الوفاء؟

وللتوضيح نشير إلى تكون ما يشبه الإجماع في أوساط كثير من أبناء مجتمعنا اليمني على ضرورة أن يتم تحديد أولويات المرحلة القادمة منذ الآن، وعلى وجوب انطلاق قافلة البناء والتنمية من المستوى المحلي هذه المرة على ضوء التطلعات الشعبية التي ينتظرها الجميع من هذه التجربة الجديدة، وهي ولا شك طموحات كبيرة بحجم عظمة هذا الوطن الزاخر برجاله وثرواته وكنوزه التاريخية والحضارية.
وعلى الرغم من تأكيدنا على أهمية صدور مثل تلك المواقف الشعبية، وهو ما ينم عن تنامي الوعي الشعبي بأهمية المرحلة الراهنة، فإننا نؤكد أن تلك الأولويات سوف تتفاوت من محافظة إلى أخرى بحسب ظروف كل واحدة منها وبحجم الموارد المادية والبشرية التي تتوفر عليها، وكذا بالنظر إلى الاحتياجات التنموية المتباينة، وحجم الموارد المالية المركزية التي سوف ترصدها الحكومة للمحليات لإنجاح مسيرة التنمية. وربما لهذا السبب وقع الاختيار على تطبيق سياسة الانتخاب لرئيس السلطة المحلية من أبناء المحافظة نفسها ليكون أقدر على معرفة ظروف المحافظة الواقعية وتحديد الأولويات تحديداً حقيقياً بعيداً عن المغالاة أو التهوين، وعلى قاعدة لا إفراط ولا تفريط.
وما تجب الإشارة إليه هو أن مسألة تحديد أولويات المرحلة القادمة ممكنة فقط إذا عمد كل محافظ منتخب إلى دراسة الواقع المحلي عبر إشراك كافة شركاء التنمية من مؤسسات المجتمع المحلي وذوي الاختصاص في عملية الدراسة والتخطيط الواقعي لتلك الأولويات، وتقدير حجم الموارد المادية والبشرية التي تتوفر عليها المحافظة التي على ضوئها يمكن تحديد الأولويات والاحتياجات الأساسية من مشاريع تنموية واستكمال انجاز المتعثر منها لتحسيس المواطن بثمار التنمية الحقيقية. وكذا تقدير الصعوبات المتوقعة والتحديات الحقيقية التي تعيق تحقيقها أو تحديد الإكراهات والتحديات التي تقف بوجه تنفيذ تلك السياسات والقرارات، واقتراح سبل التغلب عليها.
أخيراً، ربما يتفق الجميع على أن أهم الأولويات في المرحلة القادمة تبقى هي تحقيق التنمية بكافة أبعادها ومستوياتها، من أجل محاربة كل مظاهر الفقر والحد من الآثار السلبية لارتفاع الأسعار، وخلق مشاريع لامتصاص الأعداد المتزايدة من الشباب العاطل عن العمل، وزيادة الاستثمارات المحلية في شتى المجالات من خلال تشجيع مشاريع الجمعيات المحلية وخاصة جمعيات الأسر المنتجة لرفع مستوى الأسرة اقتصادياً، وتشجيع المزارعين من أجل تحقيق الاكتفاء من المحاصيل الزراعية المنتجة محلياً لتحقيق الأمن الغذائي، ومعالجة كافة المظاهر السلبية التي قد تعيق مشاريع التنمية، مثل تفشي جرائم القتل والثأر، وحمل السلاح، المتفشية في المجتمع المحلي الناجمة عن الفقر والمعاناة ... والقائمة تطول.
*- جامعة إب
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7003.htm