الخميس, 19-يونيو-2008
الميثاق نت -                 بقلم /فيصل جلول -







انتظر العرب خلال نصف القرن المنصرم نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية على أحرَّ من الجمر. انتظروا «كنيدي وجونسون ونيكسون وكارتر وريغن وبوش الاب وكلينتون وبوش الابن» واليوم ينتظرون «باراك اوباما».كانت حصيلة الانتظار ما نعرف وما تعرفون جميعا. في كل مرة كنا نقول ربما يكون الرئيس الامريكي القادم افضل من الذي رحل، وفي كل مرة كنا نكتشف ان الفرق بين الراحل والقادم هو كالفرق بين الماء والماء. وفي كل مرة كنا نأمل بأن تغير الادارة الامريكية الوافدة موقفها من اسرائيل وأن تتفهم حقوقنا وتنصفنا بعد طول انتظار، وفي كل مرة كانت اسرائيل تتوسع في انتهاك الحقوق ويتعاظم ظلمها وتزداد غطرسة، وتمعن في فرض شروطها علينا، ولسان حالها يقول «لا سلم الا مقابل السلم ولا ارض مقابل السلم». قاعة الانتظار وفي كل مرة ومع كل رئيس أمريكي جديد كان يقال لنا انتظروا الادارة الجديدة حتى تستقر وطالبوها بالتحرك من بعد، وفي كل مرة كان الرئيس الامريكي الوافد يقول لنا ضمناً أو علناً لايمكنني التحرك الا في نهاية الولاية، حيث من الممكن التحرر من ضغوط اللوبي الصهيوني وفي نهاية الولاية يسعى للتجديد الذي يمر بدعم اللوبي الصهيوني، وعندما تشارف الولاية الثانية على الانتهاء ينتبه الرئيس الامريكي لمشاكلنا ويسبقه الوقت فيمضي الى سبيله، ونحن نقيم على الانتظار علَّ حقوقنا تصل مع الرئيس القادم .. وهكذا دواليك منذ نصف قرن. والحال المضحك المبكي مع المرشح الأوفر حظاً في الرئاسيات الجديدة «باراك اوباما» أنه لم ينتظر الوصول الى البيت الابيض لكشف اوراقه ازاء حقوقنا فهو قال صراحة -أمام حشد من عناصر اللوبي الصهيوني في واشنطن- إنه يؤيد ضم القدس للدولة العبرية واعتبارها عاصمة أبدية لاسرائيل، وانه لن يوافق على تقسيمها بين العرب والاسرائيليين. وهو في هذا الموقف اكثر تشدداً من بوش الابن ولعله في تصريحه هذا قد وفرَّ علينا قلق الانتظار لكن المشكلة تكمن في أننا سمعنا ما قاله ونتصرف وكأنه لم يقل شيئا، ما يوحي أننا الفنا الانتظار حتى اصبح استراتيجية مألوفة لانجرؤ على التخلي عنها، وبالتالي البحث عن استراتيجية أخرى تأتينا بحق طال انتظاره. حتى لاننتظر ما بعد «باراك اوباما» كما انتظرنا اسلافه ربما علينا ان ننطلق في طلب حقوقنا من مبدأ نعرفه و لكننا نتجاهله، وهو أن الحقوق لا تهدى بين الدول وإنما تأتي عندما يسعى اليها اصحابها بكل الوسائل المتوفرة لهم، وأولها العزيمة والتصميم. واذا كانت الحكمة السائدة تقول «لا يضيع حق وراءه مطالب» صحيحة فإن الصحيح أيضا أن طلب الحق لا يتم في قاعة الانتظار. وعليه فلننس اوباما ولنطلب حقنا من الصهاينة كما يطلب الشجعان. بين الحق والباطل الطائفية والمناطقية شقيقتان مولودتان من بطن واحد.الأولى رضعت وترضع من نهد الفتنة التاريخية بين المسلمين، والثانية رضعت وترضع من نهد المستعمرين الاجانب ومستشرقيهم.الأولى نهضت على قسمة المسلمين والعرب الى شراذم وشيع ومذاهب وفرق، كل منها يدعي امتلاك الحق الالهي المطلق دون سواه من خلق الله، والثانية نهضت على قسمة الأوطان الى نواح ودساكر بلغت في جنوب البلاد 22 ناحية كل منها يدعي الأفضلية والرقي على سواها ويسعى لافضيلته بخطب وهمية عن هوية تاريخية مزعومة وحق زمني حصري. في مكافحة الطائفية والمناطقية يخوض التيار الوحدوي اليمني نضالاً حثيثاً لايمكن الا أن يكون مظفرا، ذلك ان انتصار الشقيقتين السيئتي الذكر على الوحدة هو انتصار للباطل على الحق، وانتصار للخراب على العمران، وانتصار للشراذم على المجتمع الموحد، وانتصار للأجانب على اليمنيين، وانتصار للجنون على العقل وانتصار للتخلف على التقدم، وانتصار للجهل على العلم، وانتصار لليأس على الأمل...الخ . في اليمن لا توجد منطقة وسطى بين الوحدة واعدائها فمن ليس وحدويا هو طائفي ومن ليس وحدويا هو مناطقي. في اليمن لا خياراً ثالثا بين الوحدة واعدائها، فإما أن يكون اليمني وحدويا أو لا يكون يمنيا ذلك أن معنى اليمنية هو الوحدة ومعنى اللا يمنية هو الانحياز للطائفية والمناطقية. في اليمن يكون اليمني وحدويا او لايكون البتة، فلا كينونة لليمني ولا معنى لوجوده خارج الوحدة اليمنية الجامعة و العابرة للمذاهب والطوائف والمناطق والمدن والقرى والدساكر . في اليمن لا يمكن تحصيل الحقوق المشروعة بوسائل طائفية ومناطقية، وإنما بوسائل وحدوية، فعندما تكون الوحدة بالنسبة للجميع هي الخط الأحمر اليمني العريض، فإن كل نقاش في ربوعها وكل جدل في فناء عرشها وكل سؤال عن الحقوق بين ثناياها يكتسب مشروعيته وأهميته من مشروعيتها وأهميتها. في تضاعيف الوحدة يمكن للمرء أن يحصل على حقه المسلوب أو المهضوم أو المنهوب فالحق داخل الوحدة أمر واجب، بل جزء لا يتجزأ منها، ذلك أن الوحدة لا تتحالف مع الباطل ولا تستجيب لمغرياته الخادعة. قديما قال أحد فلاسفة التنوير: «كن شريفاً وافعل ما شئت» وفي اليمن يصح القول «كن وحدوياً وافعل ماتشتهي» لأن الوحدة والشرف سواء، والوحدة والاخلاق سواء، والوحدة والايمان سواء. في اليمن المستقبل هو الوحدة، والطائفية والمناطقية هي الماضي، وبين الماضي والمستقبل لا يخطىء عاقل في الاختيار.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7237.htm