الأحد, 22-يونيو-2008
الميثاق نت -  جميـل الجعـدبي -
*من المسلم به لدى العامة أن اختلاف برامج ورؤى القوى السياسية في البلدان الديمقراطية يأتي في قضايا لا تتنافى مع تعاليم الدين، ولاتخالف المبادئ ولاتمس القوانين والدستور والذي تستمد شرعيتها منه. ومن المعيب جداً لدى العقلاء أن يتخلى زعيم حزب سياسي عن تعاليم دينه، فلا يدين متآمراً على وطنه، ولايستنكر مخططا لزعزعة أمن مجتمعه ، وأن يتنصل عن مبادئ واتفاقات وقع عليها بالأمس مع زعماء الأحزاب الأخرى واعتبرها انتصاراً حققه على خصومه.

* إنه حال قيادات أحزاب المشترك في بلادنا والذين باتوا يتمترسون وراء مواقف الرفض والمقاطعة لكل شيء، بما فيها خطوات إصلاحية طالما كانت مبعث مزايداتهم وضمن مفردات برامجهم، فهم يرفضون اليوم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة بعد أن نفذوا البند الأول من الاتفاق بالأمس،، ويرفضون مقترحات وعروض الآخر لتشكيل لجنة الانتخابات،، لكنهم لا يفصحون عن الطريقة التي يرونها صائبة لتشكيل لجنة الانتخابات، والأدهى من ذلك أن يذهبوا للمساومة على نتيجة الانتخابات قافزين على إرادة الناخب، وهم أكثر المشككين في نزاهة الانتخابات، ولا يزالون حتى اليوم يندبون على حائط جدران خروقات انتخابية يزعمون بوقوعها في الانتخابات الماضية.

* ومن خلال الممارسة السياسية لأحزاب المشترك وأشكال تجلياتها يصعب على المتابع فهم ما الذي تريده هذه الأحزاب بالضبط.؟! فهم مثلاً في قضية الأحداث المؤسفة في بعض مديريات صعدة يظهرون مواقف (متذبذبة) يغلب عليها طابع (المتفرج والمتشفي )في آن واحد، ومع ذلك لا يعجبهم حل هذه القضية سلمياً وفقاً لبياناتهم وتصريحاتهم عقب توقيع اتفاق الدوحة ، ولا يروق لهم كذلك حلها بالحسم العسكري ،ويحتار المتابع هنا بماهية الطريقة التي يمكن أن تحل بها فتنة صعدة غير الطريقتين السابقتين.(السلم او الحرب)

* ويبدو جلياً أن نخب المشترك السياسية ما زالت تعاني من عقلية سلطوية وبيروقراطية لبعض قياداتها تتمترس خلف أشكال سياسية حزبية ضيقة ، تعكس من خلالها فهماً سياسياً ضيقاً يفتقد إلى السعة والموضوعية في إدراك وتحليل الواقع السياسي والاجتماعي وآفاقهما المستقبلية، فهم في مثال آخر يطالبون بتوسيع صلاحيات الحكم المحلي، فإذا ما جاءت هذه الخطوة نجدهم ينقلبون على أنفسهم وعلى الآخرين.فيرفضون انتخاب المحافظين، ويشارك نوابهم في نقاش وتعديل قانون السلطة المحلية، ويقاطعون الانتخابات ويشارك فيها أعضاء منهم في المجالس المحلية.

* وبالرجوع قليلاً لتتبع مسيرة أحزاب المشترك والحافلة بالرفض لكل شيء لا يغيب عن ذاكرتنا رفضهم إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد، ومقاطعة كتلهم في البرلمان جلسة اختيار أعضاء الهيئة، وهم قبل وبعد ذلك لا يألون جهداً في الشكوى من الفساد، والمطالبة بمحاربة الفساد، فاذا ما أقيل مسئوول ما لتورطه في قضايا فساد انبرت وسائل إعلامهم جبهة أخرى تصور المسئول المشبوه بالفساد وكأنه ضحية ليس إلاَّ.

* وهكذا تجدهم يتغنون بحقوق المرأة ويرفضون التصويت على المواد الخاصة بإعطاء المرأة حقوقها السياسية ،، ويساءلون مسئولي الأمن عن أحداث أمنية تقع بين الحين والآخر ويرفضون في نفس الوقت التصويت على قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، ويشتكون من انتشار السلاح ويرفضون التصويت على مواد قانون السلاح.

* التناقضات وانعدام الرؤية والممارسة السياسية القائمة والعقلية الاتهامية والقفز على الواقع في أداء هذه الأحزاب والمواقف غير المسئولة تجاه مخاطر محدقة بالوطن لايمكن ان تكون مواقف قواعد تلك الأحزاب مطلقا . كما انها تؤكد بأن القيادات الحزبية في المعارضة ما زالت تعاني جملة من تشوهات الوعي السياسي مثل غياب الوعي الديمقراطي والممارسة السياسية الديمقراطية وهيمنة النزعة الشخصانية على بعض قياداتها وكلها عوامل تجعل من العمل السياسي والشراكة الوطنية مجرد عمل تجاري بحت لا يتعدى حدود (حجم الحصص) ومقدار المكاسب المحققة وراء إبرام ( الصفقات.)
[email protected]

-عن صحيفة الثورة
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7267.htm