الثلاثاء, 24-يونيو-2008
الميثاق نت -   طه العامري -
بين الاستقرار واللا استقرار في أي وطن وفي أي شعب ومجتمع ودولة الوعي الذي يمثل القاسم المشترك بين المسارين وهو الفاعل بوجوده والدافع باتجاه كل عوامل التطور والتقدم التنموي والاستقرار الحياتي والمعيشي، وفي غيابه تكون الفوضى عنواناً والأزمات هوية والتناحر ديدن المكونات المجتمعية التي بغياب الوعي تغيب عنها كل علاقتها الاجتماعية وتحجب عنها الرؤية وتوصد أمامها سبل ودروب التقدم والتطور الوطنيين وبالتالي يصبح العراك عبثيا والفعل والموقف والخطاب والسلوك والممارسة وكل ما يتصل بدور القوى الاجتماعية الوطنية يصبح عرضة للانتقاص على قاعدة أن لا تقدم ولا تنمية ولا تطور ولا استقرار بغياب الوعي الوطني والرؤى الوطنية والمشروع الوطني الذي تتوافق عليه المكونات الوطنية وتعمل في سبيل تحقيقه والانتصار لأهدافة الاجتماعية والحضارية. إن الوطن إنسان والإنسان هوية وانتماء ووعي وإيمان عميق برسالة ورؤية وهدف وهو ما يبدو أننا نفتقده في حراكنا الوطني الذي لا ينم عن وعي ولا هوية ولا انتماء ولا فعل ولا إيمان يستوطن بعضنا لا بوطن ولا بشعب ولا بسلامتهما واستقرارهما معا. بيد أن أهم وأبرز المخاطر التي تواجهنا بكل قدراتنا وإمكانياتنا وأهدافنا الوطنية هي ما يتعلق بفهمنا لعلاقتنا الوطنية التي تبدأ في رؤيتنا وفهمنا لعلاقتنا بالوطن وحدود ونطاق هذه العلاقة، ثم علاقتنا ببعضنا في هذا المكون الوطني بكل امتداده الجغرافي ومكوناته وشرائحه وطبقاته وتنوعه الثقافي والحضاري والتاريخي، وكيف هي كل هذه المعطيات والثوابت التراكمية المكتسبة تنظر وتفهم من قبلنا كيف نتعاطى بها مع بعضنا..!!. الأمر الآخر ما يتصل برؤيتنا لقضية الهوية السيادية الوطنية وهي إشكالية أخذ منها البعض ذريعة للانتقاص من كل حقائق الوجود الوطني وعلى خلفية الرؤى الديمقراطية والتحولات وهي رؤى ومفاهيم حضارية أخذ بها الوطن ناشدا التطور والتقدم والانطلاق نحو الآفاق الحضارية والإنسانية من خلال شراكة ندية وكاملة تمنحنا مقومات التقدم والتطور دون أن تفقدنا خصوصيات تاريخية واجتماعية وثقافية وفكرية وحضارية ضاربة جذورها في أعماق التاريخ الإنساني. إن مسألة الهوية السيادية والرؤى ومفهوم السيادة الوطنية من ثوابت التقدم والتطور والنمو في أي مجتمع ولكنها بنظر بعضنا تؤخذ برؤى قاصرة ومحدودة وهي رؤى مدمرة لكل قيم ومكونات النسيج الاجتماعي خاصة حين يصبح الولاء ذاتياً وينحصر توصيف الهوية والانتماء لأيا منا في نطاق - المذهب والطائفة والحزب والعقيدة الفكرية سياسية كانت أو دينية ويصبح الوطن مجرد حاضن وحسب لا يشعر بعضنا تجاهه غير بشعور المصلحة التي بها تقاس نسبة الولاء والانتماء..!!. لا نختلف على أن وطننا اليمن يعاني من كثير من الظواهر والأزمات منها بدافع موضوعي ومنها نتاج عوامل ذاتية وممارسات خاطئة ويزداد الأمر تعقيدا حين نجد أنه ليس فينا من يخطئ ويملك الشجاعة ليعترف بأخطائه، يضاعف هذا النزوع وشموليته تقريبا فقدان البعض لثقافة وطنية جامعة لا يرى أصحابها الوطن من زاوية مصالحهم ومنافعهم ولكن يبقى الوطن هو الوطن الذي لا تتغير النظرة إليه مهما كانت المعاناة التي هي دافع للانتماء وليس عاملاً للانتقاص منه..!!. والحقيقة المرعبة والمثيرة أن خطاب بعضنا وممارسته ومواقفه وأفعاله جميع هذه التصرفات والمواقف الصادرة عن بعضنا لاتدل على ان لهؤلاء وطناً أو قضية أو انتماء حين يتعاملون مع كل الظواهر السلبية كانت أو الايجابية والمتصلة بالحراك الوطني والوجود الوطني، أقول حين يتعاطي هؤلاء مع كل هذه الظواهر وفق حسابات خاصة مجردة من كل قيم الانتماء هنا تبدو المعادلة مثيرة وكارثية وهي فعل يصعب قبوله أو تحقيق أي مكاسب للوطن في ظل مثل هذه المواقف والممارسات وفي ظل طغيان خطاب أصحابها الذين لم يفرقوا بين ما هو ثابت وما هو متغير وبين خصومة وخلاف مع النظام السياسي وبين أن يصبح الخلاف مع الوطن والشعب ومن ثم تأتي الممارسات المعبرة عن نزق الرؤى وإجداب في الوعي وجمود في الذاكرة وتصلب في الخطاب لتطغى على إثر هذا وفي ظل هكذا مواقف ثقافة مادية عنوانها الوطن بقدر المصلحة هذه الثقافة تقوم عليها المجتمعات الليبرالية والرأسمالية مع الأخذ في الاعتبار الكثير من الفوارق والمعطيات والمفاهيم الثقافية والفكرية والمعتقدات السياسية والدينية والتراث الحضاري والعلاقة التاريخية ومداها وهي التي شكلت مكونات تلك المجتمعات خلال مراحل التحول والعمران والتنمية الاجتماعية، إذ من الصعب مثلاً أن نعمل على مقارنة واقعنا الوطني بكل ما يعتمل بمجتمع كالمجتمع الأمريكي وهو من حيث التقدم والتطور يعد الأول في العالم لكن لهذا المجتمع قيماً ومفاهيم خاصة لا يمكن إسقاطها على واقعنا ولا يمكن ان تكون وسيلتنا للتقدم كما لا يمكن أن يكون مجتمع كالمجتمع الأمريكي قدوة حسنة لنا في اليمن..!!. ولذلك نختلف فيما بيننا وهذا فعل مشروع وظاهرة إنسانية ولكن كيف لنا جعل هذا الخلاف من أجل الوطن وفي سبيل تقدمه بالمدى والوسائل التي نريدها ونحدد معالمها نحن وليس علينا أن نفعل كما يفعل الآخرون..!!. ليس علينا ان نواصل حراك الغباء والجهالة والتجهيل ونوغل باسم التقدم والديمقراطية والحداثة في تبني ثقافة إباحية ونعمل على تسويقها ونجند أنفسنا للانتصار لقيمها رغم إيماننا بأن ما سبق ان قمنا به حين كانت الثورة الوطنية والاستقلال، عنواناً للحرية واليوم تحولت قيم الثورة الوطنية والاستقلال، رجسا من عمل الشيطان وفعلاً متخلف وأصحاب، لنقف بذات النفق وبذات الموقف الحضاري ورما بذات الأدوات والمسميات غالبا لنتحدث باسم الديمقراطية، كونها عنوان الحرية في عصرنا الراهن..!!. ولكن ما هو مطلوب منا فعلا هو رؤى وطنية صادقة من أصالة المسار الحضاري والتاريخي ومن تراكمات ثقافية شكلت قيم هذا الشعب وخلدت مراحل تحولاته الوطنية ودوره الحضاري والإنساني ومعالم لا زالت تحير عقول علماء التقدم والحداثة. إن الوطن ليس مسمى وأحداثاً وخطاباً سياسياً ولكن الوطن إنسان يحترم نفسه ويعشق وطنه والوطن قيمة حضارية وهوية وشعور وانتماء والوطن بناء فكري وروحي ووجداني وعلاقة راسخة مكوناتها منحوتة في الوجدان والذاكرة.. فهل من يتعظ ويفعل ويقف مواقف وطنية تفصل وتفرق بين الخلافات السياسية والانتماء وبين مصالح الفرد ومصلحة الوطن..؟؟. ameritaha @ gmail.com
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7293.htm