يحيى نوري -
❊ انزعاج مابعده انزعاج يعتري أحزاب المشترك عند كل دعوة توجه لها لخوض حوار مسؤول وفقاً للدستور والقانون. انزعاج يبعث لدى المهتمين والمتابعين للشأن السياسي اليمني حالة من الاندهاش والاستغراب، لكونه هذا الانزعاج لايمتلك أي حيثيات منطقية وموضوعية ولايعبر في الوقت ذاته عن موقف سديد منتصر للحوار ومُثله وقيمه ولايعكس أيضاً إيمان هذه الأحزاب بالتزامها بأسس وقواعد الدستور ولا بالأهداف والمضامين التي حملتها برامجها السياسية أكانت فراداً أو جماعة وبشأن العملية الديمقراطية والتي تحتم عليها العمل الدؤوب من أجل ترسيخ وتجذير الممارسة الديمقراطية في إطار سلوك دستوري يجسد إيمانها أيضاً بالممارسة الديمقراطية المرتكزة على الدستور والانتصار له دوماً باعتباره الأرضية القوية والصلبة لأي توجه يهدف إلى تطوير وتحديث التجربة الديمقراطية اليمنية عموماً. وانزعاج أحزاب المشترك بل ورفضها خوض غمار عملية حوارية وفقاً للدستور والقانون لانجد تفسيراً له سوى أنه محاولة عبثية من محاولات المشترك العديدة التي تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب المصلحة الوطنية العليا وهي المصلحة التي أضحت- للأسف الشديد- لاتمثل هدفاً استراتيجياً لهذه الأحزاب وأصبحت تلهف وراء مصالحها الآنية والضيقة من خلال اتخاذها لمواقف غريبة كموقفها هذا الرافض للحوار في إطار الدستور.. وحقيقة ان وقفة أمام هذا العبث المشتركي من شأنه ان يظهر لنا جلياً مخاطر وتداعيات مثل هذا السلوك- إذا ما تم لهذه الأحزاب الفرصة للدخول في الحوار خارج إطار أسس وقواعد الدستور.. ولعل أبرز هذه المخاطر ان حواراً كهذا يضعف تماماً من دور المؤسسات الدستورية، ويضعف أيضاً من هيبة الشرعية الدستورية ناهيكم عن كونه أي هذا الموقف يمثل ضرباً بعرض الحائط للإرادة الشعبية في بلوغ دولة المؤسسات الدستورية والتي عبر عنها شعبنا من خلال الاستحقاق الانتخابي الذي أفرز الخارطة السياسية الراهنة وحدد بدقة ثقل القوى السياسية سياسياً وحزبياً وشعبياً. وإذا كانت الأهداف التي تسعى أحزاب المشترك إلى تحقيقها من الحوار المتجرد عن قيم ومُثل الدستور تمثل عبثاً فادحاً بالحوار نفسه ولاتؤسس في الوقت ذاته لتقاليد وقيم راسخة لعملية الحوار وتهيئ له بالتالي كل عوامل النمو والتطور والتحديث.. فإن كل ذلك لايختلف اثنان في نتائجه الكارثية على ان مستقبل الحوار والتعاطي مع القضايا الوطنية في إطار الشرعية الدستورية سيصبح مع الأيام معول هدم حقيقياً لقيم الديمقراطية وهو الأمر الذي يتطلب من هذه الأحزاب ان تراجع موقفها الغريب هذا وبالصورة التي تقدم نفسها كأحزاب سياسية تمثل مدارس حقيقية للممارسة الديمقراطية وان تقدم أيضاً من الفعاليات والمناشط ما يؤكد إيمانها وانتصارها للدستور كقاعدة قوية يمكن لها ان تنطلق من خلالها ومعها كافة ألوان الطيف السياسي باتجاه المزيد من التطور والتحديث للدستور على أسس سليمة ورؤية ناضجة وثاقبة تستوعب المصلحة الوطنية العليا ولاشيء غير هذه المصلحة. وخلاصة إن المؤتمر الشعبي العام وهو الذي يمثل الطرف الآخر من عملية الحوار عليه ان يتشبث بموقفه المنتصر للحوار في إطار الدستور لما في ذلك من أهمية على حاضر ومستقبل الحوار وأن أي تهاون من قبله إزاء هذه الشرطية المهمة لعملية الحوار من شأنه ان يمثل هو الآخر إضراراً بمسيرته وانجازاته كتنظيم سياسي جُبل دائماً على تحمل مسؤوليات التطوير للتجربة الديمقراطية، وأضحى من خلال رصيده هذا الرائد الذي لايخدع اهله في كل توجهاته المنتصرة لمثل الديمقراطية وبناء الدولة اليمنية الحديثة. وبإصرار المؤتمر ووضعه حداً فاصلاً بين أية ممارسات عوجاء تتم في إطار الاستغلال الرخيص للديمقراطية يكون قد قدم انجازاً جديداً لصالح الحوار المسؤول وهو الحوار الذي سوف تصب نتائجه لصالح الوطن.. أما من يصرون على ممارسة هواياتهم العبثية هذه فإنهم قد أضروا بأحزابهم وجعلوها أحزاباً تبدو أمام كل المهتمين والمختصين بالشأن السياسي كمعاول هدم في أبشع صور الاسفاف بإنجازات الوطن الديمقراطية وهو ما يتطلب منها سرعة القيام باتخاذ موقف مسؤول علَّه يمكنها من التناغم مع قضايا الوطن بمسؤولية وطنية على درجة عالية من الشفافية والوضوح.