افتتاحية الثورة -
التحركات المكثفة والمتواصلة التي تقوم بها القيادة السياسية اليمنية من أجل احتواء الخلاف الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وتحقيق المصالحة الفلسطينية تجسد حقيقة المواقف القومية والمبدئية التي التزمت بها الجمهورية اليمنية تجاه أمتها والتي تقوم على نصرة الحقوق العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه من دنس الاحتلال ونيل استقلاله وإقامة دولته ذات السيادة الكاملة على ترابه الوطني.وتواصلاً للدور الذي بذلته بلادنا برعايتها للحوار الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس والذي أفضى إلى التوقيع على إعلان صنعاء وقبول طرفيه بالجلوس على طاولة الحوار وحل الخلافات القائمة بينهما على قاعدة التفاهم الأخوي يأتي التحرك اليمني الجديد ليصب في مجرى إنجاح أهداف المصالحة الفلسطينية وذلك عن طريق بذل الجهود في اتجاهين متوازيين يتركز الأول في تحفيز الموقف العربي للقيام بدوره في هذا الصدد وذلك ما هدفت إليه الاتصالات التي أجراها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح مع عدد من إخوانه القادة العرب وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفخامة الرئيس المصري محمد حسني مبارك وسمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، والتي جرى فيها تنسيق المواقف إزاء كل ما يتصل برأب الصدع الفلسطيني، فيما ينصب الاتجاه الثاني على الأخذ بأيدي الأشقاء الفلسطينيين ودفعهم نحو تبني الخيارات العملية التي من شأنها تعزيز وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية وتغليب المصلحة العليا لشعبهم.وقد برزت دلالات هذا الجانب في استمرار عملية التواصل مع الأشقاء الفلسطينيين وآخرها الاتصال الهاتفي الذي أجراه يوم أمس فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بأخيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وقبل ذلك لقائه أمس الأول بوفد حركة حماس برئاسة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، حيث كان التأكيد اليمني صريحاً وشفافاً على أنه لابديل أمام الأشقاء سوى المضي في طريق المصالحة وإعادة لحمة الصف الوطني الفلسطيني وطي صفحات الخلاف والتفرغ للدفاع عن قضيتهم العادلة ونضالهم المشروع من أجل استرداد حقوقهم المغتصبة وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.ونعتقد أن في تحقيق التوافق الفلسطيني مصلحة لكل الأطراف الإقليمية والدولية، إذ أن وحدة القرار الفلسطيني ستسهم في خدمة عملية السلام والمساعي المبذولة في هذا الاتجاه.ومن هذه الحقيقة فإن اليمن حينما رعت لقاءات الأشقاء في حركتي فتح وحماس خلال الفترة الماضية، فإنها قد انطلقت مما يمليه عليها واجبها الديني والقومي والأخلاقي والإنساني لإيمانها بأن المصالحة الفلسطينية وإن كانت شأناً داخلياً فإنه أمر يهم كل أبناء الأمة العربية والإسلامية.وما يجب أن يكون معلوماً أن اليمن ومن خلال ذلك الجهد القومي الصادق لم تكن تبحث عن مكسب سياسي أو إعلامي لأنها ليست بحاجة إلى ذلك فما يهمها بالدرجة الرئيسية هو استنهاض قدرات الأمة وإكساب الدور العربي فاعلية أكبر تمكنه من احتواء الأزمات والخلافات التي تضعف الأداء المشترك لقناعتها بأن امتلاك العمل العربي المشترك لمثل هذه الفاعلية سينعكس إيجاباً على تحصين الذات والهوية العربية من فخاخ الاختلافات والتباينات التي لا ينتج عنها سوى المزيد من الانتكاسات والشتات والويلات والمآسي.وإذا ما أحسن العرب الاستفادة من تجاربهم في الماضي والحاضر على نطاق تطويق الأزمات الناشبة على المستويات القطرية أو الثنائية أو الأوسع من ذلك فلن يستعصي عليهم إيجاد الآليات المؤسسية الكفيلة بحل الخلافات العربية في نطاقها العربي.وقد برهنت الكثير من الشواهد مقدرتهم على ذلك إذا ما التقت الإرادات، وأكبر دليل ما يفصح عنه الحل العربي للأزمة اللبنانية الذي يمكن إعادة إنتاجه وتطبيقه على الحالة الفلسطينية وحسم الخلاف بين حركتي فتح وحماس بنفس المستوى من الإرادة والتحرك المشترك.