فيصل الصوفي -
التنظيم الإرهابي الذي نفذ أحد أعضائه الهجوم الانتحاري في سيئون صباح الجمعة الماضية برر فعله الشنيع بأنه «دفاع عن الإسلام من المهرجانات والحفلات الغنائية التي بدأ فنانون عرب يقيمونها في مدينة يمنية» .. « فهي تلوث عقول أبنائنا وبناتنا بالغناء والمجون والاختلاط» كما قال في البيان الذي نشره في اليوم الثاني للهجوم .. ومثل هذا التبرير سوف يكون مقبولاً لو صدر عن رجال الدين في «ملتقى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذين يحرضون ضد المجتمع ويشحنون صدور المتعصبين بمزيد من الغيظ ويسقون أفاعيهم جرعات إضافية من السم .. أما أن يتخذه الإرهابيون مبرراً للقتل والهجوم على دائرة أمنية فنحن لا نصدقهم هذه المرة, لأن المكان الذي استهدفوه هو مقر للأمن والضحايا المقصودين هم رجال شرطة .. ليس المكان مسرحاً غنائياً والضحايا ليسوا مطربين ولا من عشاق الفن والموسيقى, فهؤلاء هم مستهدفون, وهذا مؤكد, ولكن ليس هذه المرة.
- الشيء الوحيد الذي يصدق في ذلك البيان هو أن الإرهابيين أصبح لديهم مبرر جاهز للقتل والتدمير حصلوا عليه بسهولة من أولئك العلماء الذين يعدون عرابين أصلاء للإرهابيين, وما ترديد شائعات العلماء في هذا البيان إلا دليل على أن شائعاتهم مؤثرة في أتباعهم ومريديهم ولدى الإرهابيين, حتى أنهم اليوم يعتبرون «الفن» فاحشة كافية لتبرير أفعالهم بمبرر جاهز وشائع يغطون به دوافعهم الحقيقية .. وهي دوافع مرتبطة بالرغبة في الموت والقتل وإثارة الاضطراب وإضعاف النشاط الاقتصادي.
- يقال إن الانتحاري الذي نفذ الهجوم كان طالباً جامعياً في كلية الطب, والسيارة المفخخة التي قادها بسرعة عالية لكي يخترق بها الحواجز ويصل إلى هدفه كانت سيارة ماركة «كيا - موديل 2003م» .. فهذا الإرهابي ليس جاهلاً, وهو والتنظيم الإرهابي ليسوا مجموعة من البائسين الفقراء .. ولذلك ينبغي التخلي عن ترديد الأسطورة التي صنعها الغرب, ويقول فيها إن الإرهاب ناتج عن قلة الأمل وعن الفقر .. فسيارة جديدة كالتي استخدمت في الهجوم لا يملكها فقراء, وإضافة إلى قيمتها صرف الإرهابيون أموالاً أخرى لزوم تنفيذ العملية من متفجرات وتفخيخ وتخطيط ومراقبة «وتجهيز الشهيد»! وغير ذلك من أبواب الإنفاق.
- إن الإرهابيين لديهم عرابون قادرون على شطب فطرة الإنسان, ولديهم ممولون .. وهؤلاء موجودون بيننا, وإذا فتحنا عيوننا سوف نراهم ونعرفهم.