عبد الجبار سعد -
لا يدري الإنسان كيف يُوفِّق أقطاب المشترك بين ولاءاتهم لأحزابهم، وولاءاتهم لـ «مشتركهم».. فحين يتحدثون عن قضايا الأمة فكل إنسان يلمس مدى الانفصام القائم فيما بينهم ككتلة وبينهم البين كأحزاب .. وإذا ضربنا صفحا عن مواقف أكبر تنظيماتهم التسجمع اليمني للإصلاح من انتخابات الرئاسة الماضية، حيث برز رئيس التجمع في جانب والتجمع في جانب آخر، وبرز رئيس مجلس شورى الإصلاح وكتلته في جانب.. ورموز التجمع السياسية في جانب مضاد.. ثم لم نسمع أحدا من حلفائه قال كلمة احتجاج على مثل هذه الخيانات للتحالفات المعقودة..
إذا ضربنا صفحا عن هذا فكيف نفسر المواقف المتناقضة حول القضايا الدائرة في هذه الآونة، خصوصا هيئة الفضيلة التي تبناها الإصلاح بأبرز رموزه وقياداته الدينية.. وعارضها الإصلاح بأبرز رموزه وقياداته السياسية والممثلة باللقاء المشترك.. ثم عندما يجد الاصلاحيون في اللقاء المشترك أنفسهم في مآزق كهذه يلقون بها على رفاقهم في اللقاء لكي يضعوها في إطارها التبريري.. وهكذا يقوم قائم المشترك ليقول للناس عبر بيانهم المشترك .. الذي صدر الأسبوع الماضي.. بعد وقفة مشتركة.. يقول البيان:
«وفيما يتعلق بما تم تداوله مؤخرا بشأن التوجهات الرسمية الرامية إلى تشكيل ما يسمى بهيئة الفضيلة، يرى المجلس الأعلى للمشترك بأن ما يثار في هذا الصدد ينبغي ألاَّ يحجب عن المقاصد السياسية الحقيقية الكامنة خلفها، والرامية إلى خلط الأوراق وإرباك الحياة السياسية».
ترى من يقوم بهذا الخلط ومن وراءه؟ ولماذا سميت هذه توجهات رسمية والمعروف أن القائمين بها إصلاحيون ؟ هل هي توجهات الإصلاح الرسمية والتعبير هو عن أنفسهم أم غير الإصلاح؟ وعلى من يا ترى يجوز هذا الكلام وفي أي سوق ينفق؟.. ثم يقولون: «إن هذا يأتي في محاولة رسمية بائسة ومفضوحة لصرف الأنظار عن عجز السلطة وفسادها وتحميل الآخرين تبعات أخطائها وخطاياها، بما في ذلك تعطيلها لدور فاعلية الأجهزة والمؤسسات الرسمية والعمل خارج الدستور والقانون النافذ».
هذا كلام، جميل لو أن أصحابه يقصدونه.. فهل هم فعلا يرغبون في قيام أجهزة الدولة ومؤسساتها بدورها، في محاربة كل المظاهر الشاذة في السلوك الاجتماعي والسياسي والثقافي والأخلاقي.. ؟
هل مسالك المشترك واحتجاجاته واعتصاماته وبياناته تنبئنا أن المشترك حريص على قيام المؤسسات الرسمية بدورها بدون إرباك أو إعاقة أو تشويش من جانب أحزابه، أم أن ما يدور هو العكس تماما؟ .. فمواجهة الجيش والأمن للمتمردين عن الدولة ترفضه أحزاب اللقاء، وإيقاف فوضى الاعتصامات الهادفة إلى خلق الأزمات وزرع الفتنة .. تدينه أحزاب اللقاء .. ومحاكمة الداعين إلى الفتنة والمحرضين على العنف وعلى الاقتتال .. تقف ضده أحزاب اللقاء .. ثم يقولون إن الدولة تقوم بتعطيل فاعلية الأجهزة والمؤسسات الرسمية والعمل خارج الدستور والقانون النافذ .. هل هذا الكلام مقصود من جانبهم؟!.
وعندما يقفون ضد كل إجراءات الدولة لمواجهة الفتن والتمرد، فماذا سيبقى على المؤسسات الرسمية فعله وينال رضاهم إذن..؟!!
لماذا يحتج المشترك على أنشطة المشترك إذن ؟
ولماذا يعترف الآن بدور السلطة وهو الذي ظل ولا يزال يدين كل تصرفاتها بكامل أجهزتها الأمنية والعسكرية والقضائية .. ؟
ما أجمل أن نسمع أحزاب اللقاء المشترك تقول: «يؤكد المجلس الأعلى للمشترك على أن الفضيلة كقيمة اجتماعية وأخلاقية نبيلة هي مسئولية مجتمعية مناطة بجميع الفئات والشرائح الاجتماعية أحزابا ومنظمات وأفرادا، وليست حكرا على جهة بعينها أو جماعة بذاتها عدا كونها مسئولية السلطة بأجهزتها ومؤسساتها الرسمية في المقام الأول والأخير، باعتبارها الجهات المعنية بتطبيق الدستور والقوانين النافذة في البلاد.»
ما أجمل هذا الكلام ولكن ما أبعده عن حقيقة السلوك المشترك لأحزاب اللقاء .. وما أبعده أكثر عن مسالك أكبر أحزاب اللقاء المشترك الذي يعيش انفصاما داخله ويصدر للحياة السياسية كلها مخرجات هذا الانفصام النكد، وهيئة الفضيلة ومعارضتها أبرز نتائج هذا الانفصام..
فهل يعرف المشترك أن المشترك هو صاحب فكرة الفضيلة؟!.. وهل يدرك الإصلاح أن الإصلاح هو مؤسس الهيئة وصاحب فكرتها.. أم لا ؟