تحقيق - درهم السفياني -
أبدى خبراء في الزراعة تخوفهم من إستمرار تراجع زراعة وإنتاجية القطن في اليمن خلال السنوات الثلاثة الأخيرة, بعد أن سجل المحصول أعلى مستوى في كمية الأنتاج عام 2003م بلغت 29 ألف و91 طن, من مساحة مزورعة بلغت 28 ألف و287 هكتار .
وطالب الخبراء وزارة الزراعة والري بإتخاذ التدابير اللازمة تفاديا لاستمرار راجع هذا المحصول النقدي الهام.
وبحسب بيانات الاحصاء الزراعي فان مساحة زراعة القطن في اليمن تراجعت العام الماضي الى 18 ألف و504 هكتارات ، وبحجم إنتاج قدره 23 ألف و322 طن.
ويرجع أستاذ إنتاج المحاصيل والأعلاف بكلية الزراعة جامعة صنعاء الدكتور عبده فقيرة تراجع أنتاج اليمن من محصول القطن خلال السنوات الأخيرة الى عوامل تتعلق بالسياسة السعرية المتبعة في زراعته ، حيث تفوق أسعار المدخلات الزراعية للقطن ، عائداته التي تتراوح ما بين 65 ريال الى 70 ريال للكيلوجرام الواحد منه والمحدد من قبل الدولة.
وقال فقيرة " هذا يعني ان المردود الإقتصادي لمحصول القطن لايغطي تكاليف انتاجه".
وهو ما تؤكده دراسة علمية حديثة أعدها نخبة من الأكاديميين والباحثين في مجال تطوير زراعة القطن في اليمن, إعتبرت إرتفاع تكاليف إنتاجه سببا رئيسيا في عزوف كثير من المزارعين عن زراعته .
شركات القطن رابح أساسي
وفيما أعتبر أستاذ إنتاج المحاصيل بكلية الزراعة أن شركات الحلج والتصدير هي الرابح الأساسي على حساب المزارع, حمل السياسة السعرية المتخذة في التعامل مع بيع انتاج محصول القطن خلال المواسم الماضية مسؤولية التراجع الواضح في زراعة القطن وانخفاض انتاجه .
ويوافقه الرأي مدير مكتب المنظمة العربية للتنمية الزراعية باليمن المهندس عبدالقادر سليمان عواجي, الذي أعتبر السياسة السعرية وإرتفاع أسعار مدخلات الإنتاج من أسمدة وعمالة وأجور تجهيز الأرض للزراعة وزيت محركات, أبرز الصعوبات التى تواجه زراعة القطن في اليمن .
المسؤولون في وزارة الزراعة والري يؤكدون بأن تراجع زراعة وإنتاج القطن في اليمن تقف وراءها سيطرة الشركات التجارية ذات العلاقة بتجارة وتسويق وحلج القطن, واحتكار البذور وبيعها بأسعار مرتفعة جدا مقارنة بسعر الشراء من المزارع.
ويقول مدير عام الإرشاد والإعلام الزراعي الدكتور منصور العاقل "ان السياسة السعرية وقلة المنافذ التسويقة لمحصول القطن وارتفاع اسعار مدخلات الإنتاج من بذور واسمدة ومعدات زراعية وري, أسهمت بشكل كبير في إنخفاض الإنتاجية من المحصول خلال السنوات الثلاث الأخيرة خاصة في منطقة تهامة التى تعد من أهم دعائم قطاع الزراعة ومسلة الغذاء في اليمن " .
معوقات وصعوبات
ويبين الدكتور عبده فقيرة أن زراعة القطن في اليمن ما تزال رهن العديد من الصعوبات والعراقيل منها جهل مزارعي القطن بالأساليب الفنية في العملية الزراعية كتجهيز الأرض, وتحديد مواعيد زراعة المحصول, والعمق المناسب لزراعة البذرة وعمليات خدمة المحصول بعد الزراعة ( الخف والترقيع والعزيق ).
ويضيف قفيرة إلى ذلك , كيفية التعامل مع الأسمدة, وكمية الري في المراحل المختلفة لنمو المحصول وطرق الجني المناسبة .
وطبقا للدراسات العلمية في هذا المجال فإن أبرز معوقات زراعة القطن في اليمن تتمثل في عدم توفر البذرة, اضافة الى جهل المزراع بالعمليات الزراعية المثلى والمكافحة الحيوية للمحصول, وكذا تدهور اشجار القطن نتيجة الافراط في استخدام المبيدات .
عائد اقتصادي هام
ويعتبر محصول القطن من أهم محاصيل الألياف ذات القيمة الصناعية والإقتصادية, حيث يمثل مصدرا رئيسيا لتوفير المادة الخام اللآزمة في صناعة الغزل والنسيج, فضلا عن استخداماته المتعددة التى تصل بحسب الدراسات الى أكثر من ألف و400 استخدام في مجالات مختلفة .
وبحسب الأبحاث العملية في مجال النباتات فإنه يمكنك الحصول من طن واحد فقط من القطن الخام على ألفين و420 متر مربع من الأقمشة النيسيجية و86 كيلوجرام من الزيت الصالح للتغذية و226 كيلوجرام من كسب صالح لتغذية الحيوانات و15 كيلوجرام من الصابون و35 كيلوجرام من زغب ناتج عن عملية الحلاقة الى جانب 80 كيلوجرام من بذرة القطن الزراعية .
وتولي معظم الدول زراعة القطن إهتمام خاصا لدورها في دعم الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة من عائدات التصدير, وتوفيرها فرص عديدة من الايدي العاملة
حلول ومعالجات
من جانبها دعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليمن الى ضرورة وضع خطط طويلة المدى من قبل مراكز البحوث التابعة لوزارة الزراعة والري الموجودة في مناطق زراعة القطن وتنفيذ برامج بحثية في مجال انتاج وتربية محصول القطن لتحسين الانتاجية كما ونوعا لتطوير المعاملات الزراعية وتربية أصناف جديدة من القطن وتحسين الأصناف الموجودة بما يسهم في تطور جودة المحصول .
وأوصت بإعداد وتنفيذ برامج تنفيذية من قبل مشروع إكثار البذور في مجال اكثار البذور المربي وبذور الأساس والبذور المعتمدة لتوزيعها على زراع محصول القطن في موسم زراعة القطن .
وشدد الدكتور فقيرة على أهمية إعادة النظر في تبني سياسية وآلية جديدة للتعامل مع المحصول من قبل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة الزراعة والري لتشجيع المزارعين من خلال إيجاد تكافؤ بمقدار معين ومناسب بين تكاليف إنتاج المحصول وسعر الكيلوجرام الواحد منه بحيث يستطيع المزارع تغطية نفقات الإنتاج وتحقيق ربح من المحصول .
ونبه فقيرة إلى أن زراعة القطن في اليمن مرشحة للتدهور خلال السنوات القادمة إذا لم تتخذ التدابير والسياسات المناسبة, وقد يترتب على ذلك خسائر إقتصادية كبيرة تتأثر بها شريحة واسعة من المزراعين يعتمدون على القطن كمصدر اساسي لتوفير احتياجاتهم المعيشية, الى جانب أعباء زيادة نسبة البطالة بسبب الأيدي العاملة في زراعة القطن واستخداماته .
ويرى مدير عام التسويق بوزارة الزراعة والري المهندس فاروق محمد قاسم أن اطلاق نظام تسعيرة القطن ومراجعته سنويا وعدم احتكار شرائه من قبل جهة واحدة فقط, سيسهم في تشجيع زراعة القطن وزيادة الإنتاجية في وحدة المساحة .
الإرشاد الزراعي
ويعتبرالمهندس فاروق الى أن تشجيع القطاع الخاص والتعاوني للإستثمار في مجال زراعة القطن وشرائه وحلجه وتصديره, وكذا تفعيل دور الارشاد
الزراعي والإلتزام بالمواعيد الزراعية والموصى بها في محطات البحوث الزراعية, أبرز العوامل المساهمة في تطوير زراعة وانتاجية القطن, الى
جانب إلزام المؤسسات التجارية بتوفير اسمدة لاتضر بجودة القطن ونقائه وبكميات كافية, إضافة الى القيام بحملات المكافحة في وقتها المحدد .
ويقول مدير عام الإرشاد والاعلام الزراعي " الإرشاد الزراعي يلعب دورا هاما في توعية المزراعين بالطرق المثلى في زراعة القطن من خلال
تحديد المواعيد الزراعية ومعدل التقاوي وكذا عمليات التسميد وعدد الريات الملائمة لزراعة المحصول حيث ان الري بالغمر وبطريقة عشوائية في
بداية النمو يؤثر سلبا على المحصول, بالإضافة الى أهمية التوعية بطريق الجني بحيث يتم الحفاظ على الانتاج دون اتلافه عند عمليات الجني ".
مناطق زراعة القطن
ورغم تركز زراعة القطن في سهل تهامة بمحافظة الحديدة ودلتا أبين ودلتا أحور بمحافظة أبين ودلتا تبن بلحج, إلا أن تلك المناطق شهدت خلال
السنوات الأخيرة تراجعاً كبيرا في زراعة وانتاجية القطن.
وأنخفضت إنتاجية محصول القطن بمحافظة الحديدة من 17 ألف و315 طنا عام 2003م الى 15 ألف و529 طن عام 2007م, بينما أنخفضت في أبين من 7 آلاف و523 طنا الى 5 الآف 695 طن وفي لحج من 4 الآف و218 طنا الى ألف و878 طن خلال نفس الفترة .
وبحسب بيانات الإحصاء الزراعي فإن أفضل انتاج لسهل تهامة من محصول القطن وصل الى 27 ألف و174 طنا من مساحة قدرها 29 ألف و254 هكتارا أي بمتوسط إنتاجية للهكتار الواحد بمقدار 929 كجم قطن, الإ انها تعتبر إنتاجية متدنية مقارنة بما يمكن انتاجه من المحصول من تلك المساحة في حالة اتباع الأساليب الحديثة والأسس العلمية في العملية الزراعية .
سبأ