حسن عبد الوارث -
●● تعرَّفت إليه عن كثب في آخر زياراته إلى مدينة عدن ، قبيل الوحدة .. وتعزَّز هذا التعارف في أول زيارة له إلى مدينة صنعاء، بعد الوحدة ..
بَيْدَ أن الطبيعة الخاصة به تحول دون أن تتوطَّد علاقتكما الشخصية بسهولة خارج أسوار القصيدة , حيث يظل ثمة جليد في هذا المضمار ، إذْ أنه على العكس من الشاعر الكبير سعدي يوسف – على سبيل المثال – الذي يذوب في وعاء التواضع على صعيد حياته الشخصية , أو الشاعر الكبير أدونيس أيضاً , أو الشاعر الكبير قاسم حداد , أو غيرهم من كبار شعراء العربية الذين تفتتن بأشعارهم حدّ الغيبوبة أحياناً ، فتضعهم في أبراج عاجية أو قصور شاهقة , فإذا ما تعرَّفت إليهم في حيواتهم الخاصة أذهلتك تلك البساطة وذلك التواضع وتلك الحميمية التي يتصفون بها من دون تصنَّع أو حبكة أو مبالغة !
وبرغم ذلك كان محمود درويش وسيظل واحداً من اكثر شعراء الضاد عملقةً وجبروتاً .. وستظل قصيدته أيقونة القضية العربية الكبرى .. وسيظل إرثه الشعري إنجيلاً بالغ الأهمية والفرادة ، أكان على صعيد الفن ، أو على صعيد الثورة .. في حدائق الحب ، أو في محراب التوجُّد .. لمن يبحث عن القرنفلة في الكلمة ، أو لمن يبحث عن الرصاصة النبيلة..
يوم أمس الأول رحل عنا درويش عن 67 عاماً عمراً بيولوجياً , و 44 عاماً عمراً شعرياً ..
وداعاً رسول القصيدة – القضية .. وداعاً شاعر النار المقدسة , والوردة المقدسة .. والقضية المقدسة .. وداعاً محمود درويش ، وسنظل ما حيينا نغني معك بدموعنا التي احتوت كل ملح الارض :
"صباح الخير يا ماجد
صباح الخير
قُمْ اقرأ سورة العائد
وحثّ السير
إلى بلدٍ فقدناهُ
بحادث سير" !!□
[email protected]