الميثاق نت - أجمع سياسيون وأكاديميون على أن الإجراء الذي اتخذه نواب الشعب يوم أمس الأول في إسقاط مشروع التعديلات لقانون الانتخابات والإبقاء على القانون النافذ مثل إجراءً دستورياً حسم الخلافات التي كانت تهدد بعرقلة الانتخابات البرلمانية المقرر أن تشهدها اليمن أبريل 2009م.
ورأى أحمد الصوفي أن البرلمان تعاطى بمسئولية مع واجباته وحسم بشكل قاطع كل صور الابتزاز السياسي وأعاد الثقة لأبناء الشعب بأن الانتخابات القادمة ستجرى في موعدها وبنفس القانون الذي أجريت عليه الانتخابات السابقة .
مشيراً إلى أن ذلك الإجراء كان هو الحل بعد أن تعذر الوصول إلى تسويه مع أحزاب المشترك بما اتفقت عليه مع المؤتمر رغم أنها أقلية .
وقال مدير المعهد الديمقراطي للمؤتمرنت :إن إرتهان الأغلبية لابتزاز الأقلية كان سيحيل الانتخابات إلى لعبة سياسية اللاعب الأوحد فيها أحزاب الأقلية التي صممت على تعديل القانون برمته ومع ذلك لم تلتزم بما تعهدت به .
وعزا الصوفي عدم إيفاء أحزاب المشترك بوعودها إلى عدم جدية تلك الأحزاب بعد أن قام الرئيس بتلبية مطالبهم سواء بالإفراج عن المعتقلين أو بما يتعلق بالتعديلات الخاصة بالانتخابات والتي كانت ستؤدي إلى إعلان النتائج بعد عشرة أيام وهذا يخالف أبسط أعراف التقاليد الديمقراطية .
وأضاف : ورغم تلك التنازلات الخطيرة فإن القانون النافذ أقر أيضاً من قبل جميع هذه الأحزاب ، متابعاً: هناك حسابات فردية لدى كل حزب على حده ولكنهم متكتلين ضد طرف آخر وعندما أظهر الأخير مرونة مع مطالبهم بدأ الخلاف ينشأ حول من سيكون ممثلاً لهم وهي إشكالية حصص وليست إشكالية رضا عن هذا القانون أو ذاك.
من جانبه أكد الأستاذ بجامعة إب الدكتور طارق المنصوب أن عودة أحزاب اللقاء المشترك عن تعهداتها، وتنصلها عن التزاماتها وتلكؤها عن تقديم أسماء مرشحيها إلى اللجنة العليا للانتخابات، لا يمكن تفسيره بغير رغبة تلك الأطراف في إبقاء أجواء الأزمة علها تستفيد من ذلك في تحقيق مكاسب ذاتية وحزبية أخرى مستقبلاً.
وأضاف المنصوب للمؤتمرنت :كيف لا، وهي قد فسرت قبول الحزب الحاكم تلبية مطالبها على أنه دليل ضعف، وأنها قد شعرت بأنها مع كونها لا تتوفر على الأغلبية في مجلس النواب قادرة على انتزاع بعض المكاسب، وأهمها الاتفاق على إطلاق سراح بعض المتهمين بإثارة القلاقل والنزاعات والدعوات الانفصالية والتحريض على الدولة والفتنة، والموافقة على تعديل بنود قانون الانتخابات العامة والاستفتاء. وإلا كيف نفسر أنها مع كل تلك المكاسب آثرت الانسحاب وعدم تنفيذ الشق الذي يعنيها من الاتفاق.
وأكد الدكتور المنصوب أن أحزاب المشترك يبدو أنها فوجئت بموافقة الحزب الحاكم والأغلبية على تلك المطالب التي بدت لها تعجيزية، ولم تتوقع في أقصى حالات التفاؤل أن يتم لها ذلك، ولذا لم تضع هذا ضمن الاحتمالات الممكنة أو القابلة للتحقق حتى تضع لنفسها سيناريوهات أو بدائل مقبولة في حال قبول تلك المطالب من الأغلبية.
مشيراً إلى أن ذلك حدا بها إلى التسويف والمماطلة والتأخير، بهدف كسب الوقت ليس إلا ريثما يتسنى لها اتخاذ موقف ما منها، ثم في خاتمة المطاف اضطرت إلى الإفصاح عن الموقف الحقيقي والنية المستميتة في إدخال البلد في دوامة من الصراعات والقلاقل من أجل إطالة أمد الأزمة وتعظيم المكاسب الذاتية.
واعتبر أن وقوف مجلس النواب أمام مسئوليته الوطنية برفض التعديلات الجديدة التي طرحتها أحزاب اللقاء المشترك، وإقرار القانون بصيغته وتعديلاته النافذة، وتزكية قائمة المرشحين لعضوية اللجنة العليا للانتخابات.وضع الشعب اليمني أمام حقيقة أن أحزاب اللقاء المشترك تبقى بامتياز أحزاب أزمات لا تنتعش إلا فيها، وبغير هذا الواقع لا يمكن لها أن تصمد أمام الاستحقاقات الوطنية القادمة.
الدكتور نجيب غلاب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء قال أن مشكلة المشترك الأساسية أنه أدار اللعبة بطريقة الهدف منها دفع المؤتمر إلى الحفاظ على الوضع القائم بالنسبة لقانون ولجنة الانتخابات وكان الإصلاح هو اللاعب الأساسي في هذه العملية.
وارجع غلاب ذلك إلى أزمة داخلية يعيشها المشترك وتناقض في مصالح بين تكويناته المختلفة .
وأشار إلى انه من ناحية قانونية لم تكن هناك أية مخالفة دستورية أو قانونية لكن إقرار قانون موجود كان تعبير عن رغبة سياسية لحسم الأمر.
واعتبر نجيب غلاب تشكيل اللجنة العليا للانتخابات جزء من صراع داخلي فالإصلاح يرى أنه يجب أن يكون له نصيب الأسد في اللجنة كما أن عدم التساوي بالقوة في تكوينات المشترك والتي تمثل هما كبيراً لصالح الإصلاح سيجعل أي توزيع من نظر الإصلاح غير عادل.
ونوه غلاب إلى أن التعديلات التي كانت مطروحة لن تؤثر بشكل حقيقي على المسارات الواقعية للعبة الانتخابية القادمة .
وأضاف: أن المشترك يرى في الانتخابات كابوس فظيع حيث التوافق على الدوائر وتوزيعها بين المشترك تمثل للإصلاح ام المصائب وقد تفجر الانتخابات القادمة المشترك من الداخل.
وقال غلاب: إن حركة الإخوان المسلمين في اليمن تعاني من ضعف في صفوفها شتت الرؤية السياسية لقياداتها وان بعض القوى الفاعلة داخلة الحركة لو استمر الوضع الحالي ستتجه إلى المؤتمر كما حصل في الانتخابات الرئاسية .
وأضاف إن أفضل طريقة للإصلاح لترميم صفوفه هو إدخال البلد في أزمة سياسية تدفع النظام لمواجهتها وبالتالي تخلق حالة من التماسك الداخلي قبل العملية الانتخابية.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هدف الإصلاح عقد مؤتمرات وطنية مسبقة للعملية الانتخابية لمواجهة مسألة قانون الانتخابات وفتح ملفات ومشاكل وقضايا وطنية يهدف من خلالها الإصلاح خوض دعاية انتخابية مبكرة هدفها تشويه صورة المؤتمر والنظام السياسي وإقناع الشعب أنه البديل المناسب .
وقال غلاب: إن الإصلاح لديه اعتقاد أنه سيكون الخاسر الأكبر في أي تحالف انتخابي مع المشترك مدللا على ذلك بالصراعات التي ظهرت في المحليات وكانت لعبة مفضوحة أدركتها الأحزاب الأخرى داخل المشترك .
واشار غلاب إلى أن البناء العقائدي للإصلاح يجعل قواعده غير ملتزمة بالجهاد الانتخابي لصالح الأحزاب العلمانية أو المذهبية حتى في الدوائر غير المضمونة وربما يصوتوا لمن يمثل المؤتمر أو أي جهة مستقلة أخرى وقد يدفع الإصلاح أعضائه تسجيل أسمائهم في الأماكن التي تضمن قوتهم .
وأضاف غلاب إن أحزاب المشترك تدرك اللعبة وهي أمام خيارات أما أن تصبح قوة ملحقة بالإصلاح أو منفردة مثل الإصلاح أو ترشح مرشح المؤتمر أو أي جهة أخرى .
وقال الأكاديمي غلاب: ان خوف المشترك من العملية الانتخابية دفعهم لشن خطاب نافي لشرعية النظام والسعي مقاطعة الانتخابات لإثبات فرضية أن الحاكم غير شرعي مشيراً انه في حالة المقاطعة فإن الإصلاح لن يترك الانتخابات وسيدخل بمستقلين كون المقاطعة تمثل خطورة للإصلاح خصوصاً أن المرحلة القادمة مهمة في عملية بناء النظام السياسي والمقاطعة تعني للإصلاح أن المؤتمر في الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون الأوحد في الساحة السياسية .
وتابع غلاب إن مصلحة الإصلاح الحقيقية كما تدرك القيادات والأعضاء هو فك اللقاء المشترك وهذا الخيار رغم أنه أكثر جدوى للإصلاح إلا أن شركائه قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة وأصبحت مصالح الحزب مرتهنة لخطاب تعبوي يدرك أغلب الإصلاحيين أن هذا الخطاب أفقدهم شعبيتهم وزرع الخوف في قلوب الناس منهم ، وأصبح لدى كثير من القوى الاجتماعية أن التعاطف مع الإصلاح ومساعدته بالفوز في ظل خطابه الفوضوي ربما يقوده إلى العنف .
ولفت الباحث نجيب غلاب إلى ان هناك تيار داخل الإخوان المسلمين في اليمن على قناعة أن الخطاب الفوضوي الذي يتبناه البعض قد خلق ثقافة المواجهة والصراع لدى أعضاء الحركة وان هذا التيار أصبح على قناعة أنه غير قادر على مواجهة هذه الكتلة المواجهة التي تمثل أفراغ لطاقة الحزب ونشر حالة من الخذلان والخطر وأن اتهام القيادات المعتدلة بالانتهازية وخيانة المبدأ قد يفجر الحزب من الداخل .
وقال غلاب ان مشكلة الإصلاح في المشترك أشبه بقطار يسير بسرعة متهورة ولا يدرك أن فرامل القطار قد تم تعطيلها .
معتبراً هذه الأسباب هي من دفعت المشترك لدفع المؤتمر لاتخاذ القرار بشكل فردي مع الملاحظة أن القانون السابق أسهم الإصلاح في صناعته بشكل جوهري .
وعلق على من يقول أن المؤتمر خالف القانون والدستور بالقول إن التوافق حول لجنة الانتخابات عرف مخالف للقانون والدستور .
وتساءل غلاب هل أدرك الإصلاح أزمته وعقد صفقة خفية أحزاب المشترك فيها كالأطرش في الزفة ..؟
|