الخميس, 23-أكتوبر-2008
الميثاق نت -  نصر طه مصطفى -
على قدر ما نعرفه ونفترضه جميعاً من حنكةٍ وخبرةٍ ودهاء أحزاب اللقاء المشترك وقدرتها على المناورة والتلاعب بالأوراق السياسية ونجاحها في كثير من الأحيان في تحقيق أهدافها، إلا أنها تبدو في أحيان أخرى وكأنها لازالت في ألف باء السياسة حيث توحي بعض ممارساتها لها وكأنها في غاية السذاجة والسطحية...

ومن ذلك ما تظن أنها تمكنت من الإمساك به كورقة للكسب السياسي داخليا وخارجيا من خلال تواصل تعليقاتها تجاه ما اعتبرته تهديداً للتعددية في خطاب الرئيس علي عبدالله صالح صبيحة الاحتفال بالذكرى الخامسة والأربعين لثورة 14أكتوبر، فتوظيف هذه الأحزاب لحديث الرئيس في الحقيقة يسيء إليها هي ولا إلى الرئيس ويظهرها في غاية السطحية والسذاجة لأنها تعلم جيدا أكثر من غيرها أن الرئيس، لم يقصد به إلا توضيح أهمية وأولوية الوحدة الوطنية على أي اعتبار آخر كونها غاية وليست وسيلة، وأنه لن يقبل أن تتسبب أي ممارسات خاطئة في المساس بها، ولم يقصد بالفعل التهديد بإلغاء التعددية لمجرد إلغائها كما تحاول بيانات المشترك الإيحاء به، لأن التعددية مبدأ مفروغ منه وليس محل جدل أو مساومة لدى الرئيس...

وهنا أسأل إخواننا الكرام في الإصلاح لو أن مخرجات العملية الديمقراطية التعددية جاءت يوماً ما بأغلبية تطالب بجعل الشريعة الإسلامية أحد مصادر التشريع هل سيسكتون عن ذلك وهل سيقبلونه أم أنهم سيكونون على استعداد لرفض هذه التعددية مقابل الحفاظ على المصدرية الكاملة والوحيدة للإسلام في عملية التشريع؟! ومن ثم أليست الوحدة الوطنية أصلاً من أصول الدين تماماً كما هو حال مرجعية الدين في التشريع؟! وهل إذا قال أحد قادة الإصلاح مثلا أن التعددية إذا كانت ستلغي المادة الثالثة في الدستور فإنه لا حاجة لهذه التعددية سيعتبر ذلك تهديداً للتعددية؟!

على كل حال فإن توظيف المشترك لحديث الرئيس يبدو في غاية السذاجة والبؤس، ويظهر وكأنه (شبحة أعمى في ظلمي) خاصة وأنه – أي المشترك – يعلم أن هذا الجزء من حديث الرئيس لم يكن موجهاً له بالأساس وإنما هو موجه لغيره من الأطراف التي تنهش في جسد الوحدة الوطنية... وبدلاً من أن تقف أحزاب المشترك مع الرئيس في موقفه هذا أخذت تهاجمه وتوجه له النقد، وتتعامل مع حديثه على طريقة (ويل للمصلين) وهي طريقة بدائية في العمل السياسي، وأتمنى بصدق لو أنها كانت أكثر حصافةً لتتدارك الوقوع في هذا المطب الساذج...

وبالمناسبة فهذا المطب يذكرني بمطب آخر كانت ولازالت بعض صحف المشترك واقعة فيه من حيث استمرار توظيفها لأحد أحاديث الرئيس علي عبدالله صالح في أحد مهرجاناته الانتخابية عام 2006م عندما قال إن الدولة ستحل مشكلة البطالة خلال عامين، وهو توظيف ساذج على أي حال من هذه الأحزاب وكان يفترض بها أن تربأ بنفسها عنه لأسباب بسيطة وواضحة، فأولاً كان الرئيس يتحدث بصدق وتلقائية وحرارة كما هو حال أي مهرجان انتخابي معبراً عن رغبة جادة في معالجة هذه المشكلة الصعبة التي لم تستطع أغنى وأقوى المجتمعات والدول المتقدمة أن تعالجها حتى اليوم، وهذا لا يعيب الرئيس في شيء فكل قادة العالم المنتخبين يقدمون وعوداً من هذا النوع ويثابرون في تنفيذها وعلى سبيل المثال فقد كانت قضية البطالة أحد أسخن القضايا الانتخابية بين الرئيس الفرنسي الحالي (نيكولا ساركوزي) ومنافسته (سيجولين رويال) فالوعود الانتخابية هي في الحقيقة طموحات وليست أكاذيب أم أن المشترك لم يعرف ذلك بعد؟! وسبب ثانٍ هو أن هذه الأحزاب تعلم جيداً أنه لم يولد بعد أي رئيس في الدنيا نجح في الوفاء بكل وعوده الانتخابية وذلك أمر طبيعي للغاية فالمعوقات التي تظهر هنا وهناك تحول دون ذلك، وعلى سبيل المثال من كان يتوقع قبل شهرين أو ثلاثة فقط ظهور الأزمة المالية العالمية الحالية التي ستنعكس سلباً على كل بلدان الدنيا بما فيها النامية ومنها بلادنا...

وسبب ثالثٍ أكثر بساطة لو أننا رجعنا لأحاديث مرشحي المشترك الرئاسيين لوجدنا فيها من الوعود ما يمكن توظيفه ضدهما، وضد المشترك بنفس السذاجة والسطحية لكن أي سياسي يحترم نفسه لا يمكنه الوقوع في هذا المطب لأنه سيكون قادراً على التمييز بين ما ينبغي أن يكون مجالاً لنقد المنافس ما لا ينبغي، ونظرة واحدة للمعركة الانتخابية المحتدمة في الولايات المتحدة بين أوباما وماكين كافية لبيان القصد فهل يتعلم إخواننا في المشترك منها ما يساعدهم على تجاوز سذاجة الأساليب التي يمارسونها في أدائهم السياسي؟!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7915.htm