كلمة الثورة -
الموت يهاجم أناساً في حضرموت والمهرة ويحاصر آخرين في منازلهم الطينية الآيلة للسقوط حين تتشرب بمياه سيول المطر المحيطة به. ومن نجا فقد لحقت به الإصابة وطاله التشرد وقد جرته السيول وهي التي جرفت مزرعته التي يملكها ويعيش من موردها وهدمت منزله الذي يأوي إليه. وآخرون محاصرون أو محبوسين داخل منازلهم وقد انقطعت السبل بهم بالحياة فلا مخرج يمكنهم من تدبر طعامهم وقد تعطلت الهواتف وانقطعت صلتهم ببعضهم ومع غيرهم وليحرموا حتى من الحصول على كلمة مواساة ويعجز أقرباؤهم من تلقي إشارة اطمئنان عليهم. المياه تحيط بحياتهم نهاراً والظلمة ليلاً وقد انقطع التيار الكهربائي عن مناطقهم ولنا أن نتصور حجم معاناتهم ونحن الذين نضيق ذرعاً بانطفاء ساعة للكهرباء في النهار وليس الليل فقط. هؤلاء البشر الذين تتهددهم الكارثة في حضرموت والمهرة هم يمنيون إخوة لنا في الوطن والدين وأهلنا وعلينا أن نشعرهم أننا إلى جانبهم فلا يقنطوا وتخاطب الكارثة فينا روح الوطنية والعقيدة التي تحثنا على التلاحم والإيثار والنجدة عند الخطر والعون لدى الاحتياج. ونحن بالفعل أمام وضع مأساوي وحالة إنسانية في المقام الأول ان لم تكن بشكلها الكامل والأولوية فيها تبعاً لذلك لعمليات الإنقاذ والإيواء والإغاثة. ولا مجال الآن للمناكفة وممارسة سياسة الاستغلال للظروف والاصطياد في مياه السيول العكرة الممتلئة قيعانها بجثث الموتى وسطوحها بأجساد المنجرفين والمشردين، والحاصل أن الضرر والخراب لم يستثن أو يفرق بين ممتلكات خاصة ومرافق عامة فقد طال الجميع سواسية أموالاً وبشراً أيضاً. ولقد أتت السيول على أغلب البنى الأساسية والمشاريع الخدمية والإنمائية التي تحققت للمنطقة وتوفرت لقاطنيها وليت نتائجها وآثارها المدمرة وانعكاساتها السلبية تتوقف عند حدود حدوث الكارثة إذ أن الأضرار البيئية الصحية هي ما يتوقع ظهورها ونشر مخاطرها. وتتعدد بالنتيجة أوجه ومجالات المواجهة بحسب متطلبات وضرورات التصرف الآني الانقاذي والعمل البعدي لمعالجة التداعيات وإصلاح الأضرار وإعادة الإعمار. وينم الوضع عن أن الكارثة التي جلبت الشر للبعض فتحت في نفس الوقت أبواب الخير للبعض الآخر لأن يجنوا الحصاد العظيم جزاء من الخالق وشكراً من الخلق إن هم تدافعوا إلى المشاركة في فعل الغوث وأعمال البناء. والباب مفتوح أيضاً أمام الكسب السياسي لمن يفكر فيه ويسعى إليه من زاوية صنع الجميل مع مواطنيهم واستقطاب شعورهم بالعرفان والامتنان وعلى من يسوءه أمر الاحتياج إلى المساعدة الإقليمية والدولية أن يبادر إلى تقديم ما لديه من إمكانات مادية. ولقد قالها الأخ الرئيس بوضوح قاطع "إننا لن نطلب شيئاً من أحد" وان وردت المساعدة بمبادرة ذاتية من الجهات الخارجية فلن نحول دونهم وفعل الخير. وعلينا جميعاً أن نعمل ألف حساب لمواقفنا قبل أن نتخذها حتى لا نقع في فعل قطع السبيل وحرمان اخوتنا الذين أصابتهم الكارثة من فرصتهم بل حقهم في التداوي من أوجاعها والتخلص من معاناتها. وهناك عمل دؤوب في الميدان يبذله المخلصون من رجال القوات المسلحة والأمن وقيادات تنفيذية تتنقل بين غرف العمليات وميادين العمل الإنقاذي وتوجهات تسعى إلى وضع البرامج اللاحقة لإصلاح ما خربته السيول. والمجال مفتوح أمام من يرى واجباً عليه اللحاق بالركب ومن يتخلف عن تلبية الواجب الديني والوطني فذلك شأنه وعليه أن يتحمل تبعات موقفه.