الإثنين, 27-أكتوبر-2008
الميثاق نت -   محمد‮ ‬أنعم -
أحدث البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية- نقلة نوعية في وعي الانسان وحقق قفزة كبيرة في طرح العديد من القضايا بشفافية أمام الرأي العام بعد أن كان البعض يتستر عليها أو يتخوف من طرحها..
هكذا‮ ‬بدأ‮ ‬الاعتراف‮ ‬بحقيقة‮ ‬المشاكل‮ ‬التي‮ ‬تواجه‮ ‬بلادنا‮ ‬بدون‮ ‬تحفُّظ،‮ ‬والبحث‮ ‬عن‮ ‬حلول‮ ‬لها،‮ ‬بعد‮ ‬تشخيصها‮ ‬علمياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬واقتصادياً‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬اكاديميين‮ ‬وباحثين‮ ‬ومتخصصين‮.‬

وقضية مكافحة الفساد من القضايا التي ظل مسكوتاً عنها طويلاً، لكنها أخذت منعطفاً جديداً في حياتنا بعد سبتمبر 2006م.. اليوم اصحبنا ندرك أن الذين يطالبون بإحالة المفسدين الى أجهزة القضاء ومحاكمتهم ليس معظمهم من أصحاب النوايا الحسنة لانهم يحاولون بمطالبهم تلك فقط اثارة البلبلة سعياً لتقديم انفسهم كمناضلين ومقاتلين أشاوس ضد الفساد، بهدف الحصول على معونات خارجية.. وهذه الاساليب هي صفقات فساد لا تختلف بقذارتها عن تلك الاساليب الرخيصة التي يتبعها المرتزقة والمأجورون والخونة ضد بلدانهم وشعوبهم.. وكنا نتمنى أن يطالبوا‮ ‬بإلغاء‮ ‬نص‮ ‬قانوني‮ ‬يحرم‮ ‬مساءلة‮ ‬المسئولين‮ ‬وهو‮ ‬عائق‮ ‬تعاني‮ ‬منه‮ ‬نيابة‮ ‬الأموال‮ ‬حتى‮ ‬اللحظة‮.‬
إن مكافحة الفساد لا يمكن أن يقوم بها أولئك الانتهازيون والمتاجرون بقضايا الشعب ودماء ابنائه ولقمة عيشهم، أو الذين يلهثون خاضعين خانعين للأيادي الغربية طمعاً في الحصول على مال قذر.. بل إن مكافحة الفساد تتطلب رجالاً صادقين نظيفي الأيادي لهم قلوب مفعمة بالحب لليمن‮ ‬وللشعب‮ ‬صافية‮ ‬وعقول‮ ‬سليمة‮ ‬وصحيحة‮ ‬من‮ ‬أمراض‮ ‬المناطقية‮ ‬والكراهية‮.‬
^ إن المؤتمر الشعبي العام يفخر بأن حكومته أعلنت الحرب ضد الفساد قولاً وعملاً.. وها هو يقدم البراهين المادية الدالة على ذلك منذ أن منح الشعب ثقته لبرنامج فخامة الأخ الرئيس، ولعل قيام الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ولجنة المناقصات واقرار قانون الذمة المالية،‮ ‬وإعداد‮ ‬مشروع‮ ‬قانون‮ ‬التدوير‮ ‬الوظيفي‮ ‬وغير‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬الاجراءات‮ ‬الممنهجة‮ ‬تؤكد‮ ‬أن‮ ‬حكومة‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬تقود‮ -‬فعلاً‮- ‬حرباً‮ ‬لا‮ ‬هوادة‮ ‬فيها‮ ‬ضد‮ ‬الفساد‮.‬
^ ندرك يقيناً أن الابطال المزعومين والذين يدَّعون خوضهم لمعارك شرسة ضد الفساد هم جزء من جحافل هذا العدو، والمجندون لتمييع أو تغيير وجهة سير هذه المعركة الوطنية ومحاولة ايقافها حماية للفساد والمفسدين.
بمعنى أوضح إن هيئة مكافحة الفساد مطالبة أن تقف وقفة تقييمية أمام هذا التغير والتحول الذي أحدثه برنامج الرئيس في حياتنا، وألا تتحول الى ظاهرة صوتية أو »كمبارس« كما سبق أن تعهد عزالدين سعيد احمد عضو الهيئة تأكيداً منه على بسالة وفدائية المهمة الوطنية التي تخوضها‮ ‬الهيئة‮.‬
^ طبعاً ليس المطلوب من الهيئة ان تحصر مكافحة الفساد في اقامة الندوات واستلام اقرارات الذمة المالية، بل ألا تتحول الى جهاز يشبه دور المسنين، لأنها تمضي -حسب ما أعتقد- الى تبنّي اساليب الوعظ التي تسبب النعاس.
الأشهر القليلة الماضية، أعطتنا انطباعاً بأن الحكومة والجهات التي تتعامل معها تمتلك شفافية ووضوحاً في تعاملها مع هذه الظاهرة، والأمر أكثر جدية وجرأة بالنسبة لتقارير جهاز الرقابة والمحاسبة ومحاكم ونيابات الأموال العامة، وهذا يجعل الهيئة في موقف محرج جداً عندما‮ ‬تسرب‮ ‬تقريراً‮ ‬فيه‮ ‬خمس‮ ‬قضايا‮ ‬فساد‮ ‬الى‮ ‬الصحف‮.. ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الذي‮ ‬تنشر‮ ‬الجهات‮ ‬الحكومية‮ ‬الأخرى‮ ‬عشرات‮ ‬التقارير‮ ‬وتحدد‮ ‬فيها‮ ‬تفاصيل‮ ‬المخالفات‮ ‬والتجاوزات‮ ‬المالية‮.. ‬وكذلك‮ ‬اسماء‮ ‬المتهمين‮ ‬فيها‮.‬
^ الشيء الآخر أن ثمة أحزاباً ومنظمات تدعي أنها تقوم بمكافحة الفساد في البلاد.. صحيح أن منظمات المجتمع المدني لها تمثيل في هيئة مكافحة الفساد، ولا نقول هنا بإلغاء أي دور شعبي، وإنما يجب ألا يسمح بإفساد هذا الدور والجهد الوطني الصادق.
بمعنى أوضح المطلوب من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد امتلاك رؤية واضحة وشفافة للتعامل مع المنظمات المدنية المهتمة بقضايا الفساد.. على الأقل ولو من خلال الالتزام بنصوص ميثاق شرف اخلاقي، وعلى أقل تقدير أن تفصح تلك الأحزاب والمنظمات عن الجهات الداعمة لها ومبالغ الدعم الذي تتلقاه في سياق خوضها -المزعوم- الحرب ضد الفساد.. وأن تقدم قياداتها اقرارات بالذمة المالية، والشيء المهم هنا أن تعمل هذه الأحزاب والمنظمات وفق نظم محاسبية حديثة وشفافة وتعلن عن أرصدتها وحساباتها بشكل دوري.. و.. و.. الخ.
نتطلع‮ ‬الى‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬التفكير‮ ‬جدياً‮ ‬في‮ ‬تبني‮ ‬رؤية‮ ‬كهذه‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬تتحول‮ ‬قضية‮ ‬مكافحة‮ ‬الفساد‮ ‬الى‮ ‬مصدر‮ ‬للافساد‮ ‬أو‮ ‬الارتزاق‮.‬
نتمنى أن يكون الجميع ضد الفساد.. لكن لابد أن يعلموا وخصوصاً أحزاب المشترك أن الشراكة في مكافحة الفساد تستوجب المصداقية والوضوح والشجاعة والنزاهة والمسئولية الصادقة، ما لم فلا فرق بين المفسد الذي ينهب المال العام، أو المفسد الذي ينهب المساعدات والدعم الذي يُقدَّم‮ ‬لشعبنا‮ ‬عبر‮ ‬المنظمات‮ ‬المدنية‮ ‬الأجنبية‮ ‬أو‮ ‬الدول‮ ‬المانحة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 03:41 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-7967.htm