الجمعة, 31-أكتوبر-2008
الميثاق نت -    طه العامري -
بحلول الكارثة التي حلت على بعض المحافظات اليمنية جراء السيول القادمة على خلفية الكثير من الظواهر الطبيعية تراكمت على كاهل الوطن المزيد من المعاناة خاصة والكارثة تزامنت مع الأزمة المالية العالمية والتي مهما قيل عنها فإنها غير بعيدة عنا ولا يمكننا أن نكون بعيدين عنها ولو وضعنا على خارطتنا الوطنية طاقية الإخفاء الشهيرة بمعجزاتها، فالأزمة المالية العالمية بكل تداعياتها تصيبنا وتضرب اقتصادنا في عمقه وإن حاول البعض التقليل لدوافع غير منطقية لأننا في الأخير ضمن المجموعة الحضارية الدولية بدليل أن التأثيرات المناخية التي تسببت بها الدول الصناعية الكبرى وهي الأزمة التي لا تزال محل جدل بين المتسببين بها فيما ضحاياها يدفعون الثمن ونحن منهم وبالتالي ليس معقولاً القول أننا بعيدون عن الأزمة المالية وتداعياتها فقط لكي يدلل بعضنا إنه ضامن وضعه وجاهز ومستعد للتعامل مع الأزمة..!! بيد أن الكارثة الطبيعية التي حلت بنا إذا ما أضفنا تبعاتها وتداعياتها على تداعيات وتبعات الأزمة المالية الدولية، وربطنا كل هذه الأزمات والظواهر بوضعنا الاقتصادي وبقدراتنا التنموية، فنحن والحال كذلك أمام وضع ليس طبيعياً وغير معهود أو مسبوق، وبالتالي فإن مواجهة كل هذه الكوارث مجتمعة يتطلب منا الوعي والقدرة والصبر والصمود والتعاطي الخلاق والمسئول مع قضايانا الوطنية، وتلكم متطلبات تستدعي بداية أن نغير من أساليبنا وطرق تعاملنا مع القضايا الوطنية، وأن نستبدل خطابنا السياسي والإعلامي بخطاب وطني ومسئول لا يحمل مفردات الكيد ولا ثقافته وثقافة الانتقاص من بعضنا أو من تحولاتنا ومنجزاتنا الوطنية والحضارية.. إن الاصطفاف الوطني في مثل هذه الحالات الوطنية هو الأساس الذي عليه وبه نتمكن من مواجهة التحديات ونستطيع دمل جراحنا والتغلب على تبعات الكارثة والخروج من شرنقتها، وإذا لم تكون هناك إرادة وطنية جمعية وتوافق واتفاق فإن من الصعوبة بمكان أن نعمل ما يدمل جراحات الضحايا أو نعيد تعمير ما خلقته الكارثة أو نواجه تبعات الأزمة المالية ووقعها على اقتصادنا الوطني وعلى مجمل مشاريعنا وخططنا التنموية الوطنية.. إننا وبالقدر الذي تأثرنا به من هول الكارثة التي حلت بوطننا والتي رغم فداحتها إلا أننا نشكر الله عليها ونجده من يشكر على المكروه، فإننا بالمقابل مطالبين بأن نلقي جانب كل ثقافة اعتدنا التعامل بها فيما بيننا، فالوضع الوطني بمجمله لا يتحمل والمرحلة تحتاج من الجميع إلى الاصطفاف والتكامل والتكافل والولاء المعبر عن الشعور بالمسئولية، وعلى الجميع نبذ كل لغة التوتير والاستهداف وخطاب الكيد وثقافة تصفية الحسابات السياسية وأن يعمل الجميع وبمختلف مشاربهم السياسية والفكرية وقناعتهم الأيديولوجية بروح الفريق الواحد نابذين بجد ومسئولية كل ما اعتدنا عليه من الخطاب والسلوك والمواقف التي تربكنا وتدفعنا إلى تعميق الجراحات فيما بيننا وتبعدنا أيضاً عن مواجهة التحديات التي لن ترحمنا ولن تمكنا من التعاطي السلبي معها فنحن إن لم نصطف بجد ومسئولية وعزيمة فإن تيار العاصفة والأزمات سوف تجرفنا كما جرفت السيول مناطقنا المنكوبة..!! لذلك أتمنى على الجميع العمل بمسئولية وطنية وبهوية وانتماء وإرادة وقدرات وطنية ومواقف موحدة وراسخة وثابتة وحتى نتمكن من تجاوز الأزمات والكوارث وتبعاتهما.. لقد حان الوقت واللحظة التي علينا أن نلقي بكل خلافاتنا السياسية وراء ظهورنا وأن نصطف لنواجه الكوارث التي حلت بالوطن ونعمل على علاجها ومحو معالمها وهذا لن يتأتى لنا إن لم نكن على قدر من المسئولية والشعور بمخاطر سوف تترتب على كل هذه الأزمات والكوارث التي بلانا بها الله سبحانه وتعالى وعلينا أن نتعامل معها برؤى وطنية مسؤولة وحضارية وترتقي إلى مستوى الانتماء والهوية والعلاقة الحضارية والتاريخية وكل القيم التي تربطنا بالوطن الأرض والإنسان والهوية.. أن خلافاتنا السياسية والحزبية يجب أن تؤجل إلى ما بعد الأزمات وأن نعمل على إغلاق كل بؤر التوتر والخلافات وكل نوافذ الأزمات وأن نرتقي بعلاقتنا إلى مستوى حضاري وطني مشرف ويعكس أصالة هويتنا وانتمائنا ووعينا الوطني وقدراتنا الحضارية في التعامل مع الأزمات وآلية التصدي لها ومواجهتها بروح وطنية وبإرادة وطنية راسخة وهوية لا تقبل الجدل والتفريط، يجب أن نكون قادرين على الظهور كشعب حضاري واعٍ مدرك قوانين المتغيرات ومستوعب جدلية الخلافات السياسية وحدودها والسقف الذي يجب الالتزام به في الحالات الطبيعية والنطاق الذي يجب الأخذ به عند الأزمات والكوارث.. إن أمامنا فرصة يجب أن نستغلها ونتفق في ما بيننا على المدى الذي يجب أن يعنون حراكنا، وبما يمكنا من تجاوز الكارثة وتجنيب الوطن المزيد من الكوارث وهي الأفدح التي سوف تنشأ إن لم نعمل على التوافق والإتفاق والابتعاد عن النزق والكيد وثقافة الانتقاص والإباحية السياسية والاستهداف.. فهل تجمعنا الكوارث إن كانت المنجزات قد فرقتنا أو بالأصح فرضت علينا نمطا من التباين جعلنا نفقد كل ممكنات التوافق والاتفاق..؟ طه العامري [email protected]
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8007.htm