الثلاثاء, 04-نوفمبر-2008
الميثاق نت -    د/عبدالعزيز المقالح -
من الواضح المعلوم أن الكوارث الهاطلة من السماء، هي تلك التي ليس في مقدور البشر أياً كانت قدراتهم أو إمكاناتهم التصدي لها أو رد فعلها، كالعواصف والزلازل، وكل ما لا يد للانسان في صنعه أو مواجهته. أما الكوارث المخطط لها على الأرض، فهي هذه التي تأتي من صنع الإنسان نفسه، وأغلبها لا يأتي فجأة ولا بين يوم وليلة، وإنما بعد تفكير طويل وإصرار عنيد، كالفتن التي لا يدري لها أحد من العقلاء سبباً ولا هدفاً والتي تتحول إلى حروب داخلية يكون الاخوة أبناء الوطن الواحد، هم وقودها وحطب نيرانها البشعة التي نسى الناس في ظلام دخانها أنهم أبناء عائلة واحدة محكوم عليهم منذ الأزل وحتى الأبد أن يتعايشوا ويتضامنوا، وأن يكونوا صفاً واحداً في مواجهة العدو الخارجي، الذي يتربص بهم جميعاً، ويسعده غاية السعادة أن يرى دماءهم تسفك وصفوفهم تتمزق. ومن بين الكوارث التي لا تهطل من السماء ولا طاقة للأرض والناس على احتمالها، تلك التي يتم التخطيط لها من بعيد لإشاعة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة، وتحويل الاختلافات الفكرية والاجتهادات الدينية إلى بؤر للصراع، وإيقاظ للفتن النائمة وتبديد طاقات الشباب، وصرفهم عن متابعة أحدث التحولات في بناء الأوطان وإشغالهم بالخلافات الثانوية عن الوطن الذي يحلمون ببنائه والعيش في كنفه بأمن واستقرار، وتحويله إلى محرقة تلتهم الأخضر واليابس. وهذا النوع من الكوارث لا يسعد بها سوى الشيطان الذي يضحك ملء شدقيه، وهو يرى الحرائق تدمر العقول وتشوي النفوس. وكوارث من هذا النوع أبسط من أن يشوبها جدال أو يتناولها قلم لو استخدم الناس عقولهم لا عواطفهم ونوازعهم. وهناك دائماً ألف وسيلة ووسيلة للتعاطي مع أشد الاختلافات والخلافات وأقساها. ونأتي إلى نموذج آخر من الكوارث التي يصنعها البشر لأنفسهم بأيديهم، وهي كوارث إن لم يقف الوطن بأكمله في مواجهتها، فإن عواقبها ستكون وخيمة على حياته الاقتصادية والاجتماعية، ومنها غياب الإشراف الدقيق والأمين على مقاولات الطرق والمباني واختيار المواقع المناسبة لها. وما أكثر الطرق المسفلتة التي لم تعمر عاماً واحداً ثم عادت إلى ما كانت عليه أرضاً يباباً، ومنذ وقت غير قصير وبي رغبة في التوقف تجاه واحدة من هذه الكوارث التي قد يراها البعض صغيرة وغير جديرة بأن تدرج في نطاق الكوارث، في حين أنها كبيرة ومدمرة، وأعني بها الانحراف بمشاريع التنمية وإصرار بعض المتنفذين والمستفيدين، على أن يتم إنشاء مشروع معين في مكان يحرم الوطن من فوائد لاتعوض، كما هو الحال - على سبيل المثال- في المحطة الغازية التي تضافرت الجهود المؤسفة على إقامتها في قلب قاع جهران سلة الغذاء، تلك التي تمد العاصمة ومدناً أخرى بالخضر والحبوب المتنوعة.. إلخ وقد تم اختيار قلب هذا المكان لأنه من أملاك الدولة ليكون موقعاً للمشروع، وكأنه لا مكان مناسب للمشروع غيره، بعد أن أجمع العقلاء على أن في الإمكان نقله بعيداً عن قاع جهران إلى الهضاب القريبة، أو إلى أماكن جبلية تكون أكثر أماناً من السيول والأمطار، ومن أعمال التخريب التي باتت في الآونة الأخيرة علامة يمنية مميزة، بعد أن فسدت الذمم، وهبط مستوى الوطنية لدى البعض إلى ما تحت درجة الصفر. لقد استمعت إلى عشرات الفلاحين وعشرات المتخصصين الرافضين لإقامة المحطة الغازية في هذا المكان، وهناك إدانة شعبية واسعة لهذا الإجراء غير المدروس، والذي لا يزال العمل فيه يسير على قدم وساق دونما اعتبار لأي رأي أو نصيحة، ويقول البعض منهم إن المستشارين الأجانب - والأجانب أصبحوا قدوتنا وأصحاب القول الفصل في حاضرنا ومستقبلنا!!- كانوا يرفضون وبشدة العبث بالأرض الزراعية، ويفضلون إقامة المشروع في إحدى الهضاب الجرداء وما أكثرها في المنطقة شرقاً وغرباً، لكن أعداء كل ما هو أخضر وجميل، والباحثين عن المغانم في الكوارث التي تلحق بالوطن يصرون على إقامة المحطة "الغازية" في هذا المكان، ولا شأن لهم بما يترتب عليها من غزو الأرض الزراعية وما يصيب المناطق المجاورة من تلوث وما يلحق بقاع جهران من أذى، لا يقل في خطورته عن الأذى الذي ألحقته الأعاصير بمحافظتي حضرموت والمهرة، وإذا كانت الشعوب العظيمة تحرص على أشبار من الأراضي المزروعة، فإننا لا نتردد عن تدمير عشرات الكيلومترات وبأكثر ما تستطيعه الأعاصير والعواصف. فكري قاسم في عمله الإبداعي الأول: "بلد في حارة" هو العمل الإبداعي الأول للكاتب والصحفي فكري قاسم، ويضم أربعة وعشرين نصاً سردياً بديعاً بشاعرية عالية تتناول في غالبيتها قضايا واقعية مستوحاة من الحياة، ولا يمكن لك إذا ما بدأت الصفحة الأولى من الكتاب أن تتخلى عنه، قبل أن تصل إلى الصفحة الأخيرة. فكري قاسم واحد من المبدعين الذين نتمنى أن لا يخسرهم الإبداع بعد أن استفادت منهم الصحافة، ومن هؤلاء: حسن عبدالوارث ومحمد الشيباني وجمال جبران ونبيل سبيع وفتحي أبو النصر. أتمنى أن يتذكر فكري وبقية زملائه أن عدداً كبيراً من المبدعين في العالم استطاعوا أن يوفقوا بين العمل الإبداعي والصحفي. تأملات شعرية: كيف أهرب منهم وهم اخوتي، وأبالغ في هجوهم والكلام الذي يجرح القلب يلسع صدري، ويغمرني بالبكاء. نحن مهد العروبة. أين العروبة؟! نحن حملنا مشاعل دين الهدى أين دين الهدى وبلاد العروبة خاضعة للغريب ومغمورة بالدماء؟!.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8055.htm