الإثنين, 17-نوفمبر-2008
الميثاق نت -    منير أحمد قائد -
يرى عدد كبير من المراقبين والمهتمين بالشأن الديمقراطي اليمني أن الانتخابات النيابية القادمة المقررة في 27 إبريل 2009م ستكون استثنائية بأهميتها الكبيرة والنتائج المتوقعة التي ستسفر عنها بالنظر إلى الظروف الوطنية التي ستحيط بهذا الحدث والاستحقاق الديمقراطي الكبير وتأثيرات معطيات الواقع الجديد فيه ودلالات هذا الحدث وأبعاده إقليمياً ودولياً، ولذا نجد أن حالة من الارتباك والاضطراب والضبابية السياسية تكتنف واقع معظم الأحزاب والتنظيمات السياسية بمستويات متفاوتة وعلى إثرها جرت محاولات ولا زالت مستمرة لإعاقة إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد أو تأجيلها وكلها محاولات باءت بالفشل بعد التأكيد الصارم المتكرر من قبل القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية بأن الانتخابات ستجري في موعدها الدستوري المحدد، ولذا نتوقع استمرار هذه المحاولات بوسائل مختلفة لكنها محكوم عليها بالفشل الذريع كون هذا التأكيد يبرهن على متانة ورسوخ البناء للنظام الديمقراطي الذي بما وصل إليه من تطور وتقدم كثقافة وممارسة وآليات تجاوز إمكانية الإعاقة من قبل بعض أدواته وخاصة بعض الأحزاب باتجاه تطويعه أو الانحراف به في غير مساره الصائب والسليم أو إخضاعه لمحاولات المساومات والابتزاز بكل أنواعه وهذا ما تجلى واضحاً في معطيات وتفاعلات الحراك الانتخابي والسياسي المتصل به منذ بدء الاستعدادات والتحضيرات لإجراء هذه الانتخابات في موعدها وظهر النظام الديمقراطي بقوته ومتانته ورسوخه منتصراً لإرادة الشعب في مضي مسيرة الديمقراطية بكل ثقة وأمان غير آبهة للخطاب السياسي الصادر عن أدوات سياسية لها امتداد وحاضن شعبي قادر على التأثير أو الإعاقة المتعمدة لتنفيذ الاستحقاقات الديمقراطية والذي يعبر عن أزمة العلاقة بين معظم الأحزاب والجماهير رغم تبني هذا الخطاب في مفرداته لما تعتقده هذه الأحزاب أنه معاناة وقضايا الشعب لكنه لا يتأثر مطلقاً به كونه فاقداً للمصداقية ويكتنفه الزيف والتضليل كتقييم دقيق له من أبناء الشعب على ضوء الفهم والإدراك والوعي العميق لخلفيات أداء هذه الأحزاب وعلاقتها التكاملية مع بعض القوى ومعرفة الفجوة الكبيرة بين معظم قيادات هذه الأحزاب المسيطرة على القرار فيها وقواعدها المتطلعة للتغيير خارج الالتزام بالمنظومة الحزبية والسياسية القائمة لهذه الأحزاب المحتوية من قبل تلك القوى المعيقة للتغيير الذي ينشده ويتطلع إليه الشعب سلمياً وحضارياً عبر الانتخابات الحرة أو النزيهة والشفافة، لذلك فإن مسيرة الديمقراطية ماضية بثقة نحو تحقيق إنجازات وانتصارات جديدة للشعب غير متأثرة سلبياً بالخطاب السياسي التضليلي الذي تنتجه تلك القوى وتروج له عبر أدوات في المعارضة وأخرى بأساليب مختلفة وهي جميعها تتكامل مع بعضها وتخدم كل منها الأخرى ليبرز إلى السطح أن هذا الخطاب وما ينتج عنه من أفعال وممارسات إرهابية وإجرامية يعبر عن خوف القوى التي تقف وتحرك هذه الأدوات من خوض الانتخابات النيابية القادمة على قاعدة أن تكون أكثر حرية ونزاهة وشفافية من أي دورة انتخابية سابقة، فظهر هذا الخطاب بحديته ومفرداته الإفلاسية كرد فعل سلبي على رفض المؤسسات الكبرى للنظام الديمقراطي إبرام أي صفقات مشبوهة مع بعض الأحزاب لتقاسم الدوائر الانتخابية وحسم نتائج الانتخابات قبل إجرائها لأن مثل هذه الصفقات المرفوضة والمدانة اذا تمت تمثل اعتداء سافراً على إرادة الشعب وجريمة لا تغتفر بحق القناعات الحرة والمسئولة للناخبين والناخبات، لذلك سنحاول تسليط الضوء على أبرز مقدمات المشهد الانتخابي القادم والتوقعات بالنتيجة التي سيصل إليها على ضوء معطيات الواقع ومواقف أطراف الخارطة الحزبية وسير إجراءات العملية الانتخابية.
إن أحزاب اللقاء المشترك اتخذت مواقف وإجراءات خاطئة دفعت بها باتجاه النتيجة الخاطئة وخاصة عندما اعتقدت اعتقاداً خاطئاً أن المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم لن يجرؤ على إجراء الانتخابات القادمة بمفرده وفق نظرة اللقاء المشترك الذي لا يعترف بالوجود القانوني لبقية الأحزاب، فوقع المشترك بالخطأ يؤدي وظيفة تخدم مراكز قوى فاسدة نجحت بأن يكون رد فعلها مؤطراً قانونياً ودستورياً وفق حسابات ضيقة هي حسابات المصالح غير المشروعة لتلك القوى لكن للنظام الديمقراطي وإرادة الناخبين حساباته الموحدة والمتوحدة والذي يرى الأهم في الوصول إلى الهدف المنشود من الانتخابات القادمة وأن تجري بحرية ونزاهة وشفافية هو سلامة سير الإجراءات في العملية الانتخابية من قبل اللجنة العليا للانتخابات طبقاً للدستور والقوانين ذات الصلة وهو ما حدث ويحدث راهناً بإشادة ودعم الجهات والمنظمات الدولية المعنية بتطور العملية الديمقراطية في بلادنا ولذا لن تؤثر على سلامة سير هذه الإجراءات حوادث الاعتداء المحدودة على مقرات لجان القيد والتسجيل، ولا الخطاب الاغترابي التضليلي لبعض القوى السياسية في المعارضة ولا أساليب مراكز القوى التي تريد مصادرة إرادة الناخبين كما اعتادت في مراحل سابقة، وخاصة بعد فشل محاولات تلك القوى إعاقة إجراء الانتخابات في موعدها أو تأجيلها لا سيما عندما فشل المشترك بالترويج لموقفه الخاطئ الذي يرى من خلاله أن أحزابه إذا لم تشارك في الانتخابات القادمة لن تكون شرعية.
إن شرعية الانتخابات تكمن أولاً في سلامة الاجراءات للعملية الانتخابية وبروز تنافس قوي وشريف وحضاري في أوساط الناخبين ، فعلى صعيد الخارطة الحزبية سيتنافس المؤتمر الشعبي مع أحزاب أخرى وإن كانت قريبة منه وتلتقي معه حول قضايا وطنية كبيرة لكنه على ضوء معطيات الواقع وتطوراته من المتوقع أن يجري التنافس الشديد بين المؤتمر وهذه الأحزاب والمستقلين الذين سيمثلون إلى جانب مرشحين في كل هذه الأحزاب القوة الجديدة الصاعدة في المجتمع التي تحمل مشروع التغيير المنشود مجتمعياً لتتبلور مطالب غالبية أبنائه في نتائج هذه الانتخابات ويمثل تصعيد المرشحين من القوة الجديدة إلى البرلمان النواة الأولى لتأسيس الكيان التأطيري الرسمي لهذه القوة وخيار التغيير الوطني المطلوب في هذه المرحلة الذي سيقوده ويتأطر في كيانه التأطيري التيار الوطني الواسع المعبر عن التقاء تاريخي لكل الاتجاهات السياسية والفكرية الوطنية والديمقراطية المؤمنة بالتغيير ليتجاوز هذا الكيان بوجوده الرسمي المتوقع بعد الانتخابات القادمة الواقع الركودي والفسادي والجمودي لغالبية مكونات الخارطة الحزبية القائمة، واتساقاً مع ذلك فإن هذه الانتخابات ستشهد إقبالاً شديداً عليها من الناخبين وستكون أكثر حرية ونزاهة وشفافية من مثيلاتها السابقة وستكون نتائجها محسومة لصالح خيار التغيير والمشروع الوطني التاريخي للجيل الجديد وستسقط كل الرهانات الخاسرة والمشاريع المشبوهة ومنها الاعتقاد الخاطئ الموحد للقيادات الفسادية والعصبوية المسيطرة على قرار أحزاب المشترك ومراكز قوى ونفوذ في السلطة متخوفة من التغيير الذي يتطلع إليه الشعب بأنها قادرة على تحقيق أهدافها المشبوهة باستغلال ما تسميه «القضية الجنوبية» وأتوقع أن الناخبين في المحافظات الجنوبية سيكونون أكثر إقبالاً على الانتخابات مقارنة بدورات انتخابية سابقة، وهذا الإقبال سيكون الرد العملي لتلك القوى وحساباتها الخاطئة وسيكون متجهاً لإحداث التغيير وفق مسار المشروع الوطني للجيل الجديد المستوعب كأهم مكون فيه تعبيرات الحراك في المحافظات الجنوبية في سياقه وتأطيره الوطني المساهم بقوة في صناعة المستقبل الواعد والتغيير المنشود في الواقع لإسقاط الكثير من المعادلات الخاطئة القائمة في الحياة السياسية والعامة وإسقاط مقولات زائفة ومغلوطة شوهت هذه الحياة السياسية.
إن مشاركة أحزاب اللقاء المشترك في الانتخابات القادمة أو مقاطعته لها ليس لها قيمة في الحالتين لأن النتيجة واحدة كونه مع احترامنا لأحزابه لا يمثل الخيار أو البديل المقبول شعبياً ، كما أن هناك من سيعاني من متاعب في هذه الانتخابات كما برز ذلك في مؤشر طلب تأجيل إجرائها في موعدها من قبل البعض، لكن إصرار وعزيمة وإرادة القيادة السياسية لإجرائها في موعدها هو انتصار للديمقراطية وإرادة الشعب، بالاحتكام إليها، فالشعب هو مالك السلطة وحامي الوحدة والديمقراطية وصاحب القول الفصل في اختيار الخيار المناسب لمصلحته من بين الخيارات المعروضة عليه، ولذا أرى أن المسار المطلبي التغييري للشعب يتجه من خلال نتائج الانتخابات التنافسية القادمة إلى بلورة كل مطالب الشعب في هذه النتائج التي ستحمل في طبيعتها مقومات ولادة كيان تأطيري سياسي وطني كبير سيتغير معه كلياً بل جذرياً واقع الخارطة السياسية والحزبية رسمياً وبنيوياً، وبولادته ستخفت تلك الأصوات النشاز للانتهازيين والتضليليين الذين يتحدثون عن مصلحة الشعب وهم المعادون لها ويعرفهم كل أبنائه أنهم أشخاص جعلوا من أنفسهم سلطة فوق سلطة القانون وراكموا الثروة بطرق غير مشروعة وبأساليب انتهاكية للقانون ويحملون في تفكيرهم العصبية الانفصالية بكل أنواعها فهم آخر من يحق لهم التحدث عن الوحدة والظلم والاستبداد والتغيير ويدركون أن مقياس الانتماء الحزبي في الانتخابات القادمة لن يكون الأساس في الاختيار بعد أن وصل أبناء الشعب إلى مستوى متقدم من الوعي عن واقع وأداء الأحزاب سلبياً بمستويات متفاوتة، بل إن المعيار الأساسي هو الانتماء والولاء الصادق والأمين للوطن والاندماج في هويته الجامعة والتأطر ضمن المشروع الوطني التغييري للجيل الجديد المعبر عن خيار الشعب راهناً ويمثل طليعته الواعية المؤهلة لقيادة التغيير السلمي والحضاري؟!!
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8058.htm