محمد علي سعد -
الاستاذ حيدر أبوبكر العطاس، رجل مسكون اليوم بالنرجسية يعيش حالة عظمة فات زمانها وأوانها، وقال ما كان ينبغي عليه قوله في زمن فات.
العطاس جاءت به الصدفة في مقعد رئاسة الوزراء في الشطر الجنوبي من الوطن في فبراير 1985م حين ضيقت الخناق جماعة علي عنتر وصالح مصلح بوجه علي ناصر محمد الذي كان يشغل حينها رئيس مجلس الرئاسة الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني، رئيس مجلس الوزراء يومها أفلح في الضغط على علي ناصر فسلّم رئاسة الوزراء لحيدر ابوبكر العطاس في فبراير 1985م، فقد جاء اختيار علي ناصر محمد له لأسباب عدة أولها أنه مسالم وطيّع ومن حضرموت وشغل وزيراً للإنشاءات لسنوات طويلة.. يعني رجلاً تنفيذياً.
وفي 13 يناير 1986م بانفجار الصراع بين ما عرف بالزمرة والطغمة داخل الحزب الاشتراكي كان حيدر أبوبكر العطاس في زيارة رسمية لسوريا تتبعها زيارة لكل من الهند ثم الصين على رأس وفد حكومي رفيع المستوى، العطاس في دمشق أيد البيان الصادر عن جماعة علي ناصر وشرح للرئيس حافظ الاسد الموقف داخل البلاد وكيف أن علي ناصر محمد ومن معه هم الأحق بالسلطة وهم خير من يقود البلاد وبعد خسارة علي ناصر محمد للحرب لجأ حيدر أبوبكر العطاس والوفد المرافق له الى العاصمة السوفيتية موسكو ولم يعد منها الى عدن بعد ضمانات من الروس لا حصر لها ، وبعد ان صدر قرار بعدن بتعيينه رئيساً لمجلس الرئاسة.. حينها عاد إلى عدن.
ومن فبراير 86 - 1990م لجأ العطاس الى السفارة السوفيتية بعدن مرتين خوفاً من بطش وهيمنة المؤسسة العسكرية (جماعة الضالع وردفان) وتطاول قادتها عليه واسماعه بأنه مجرد ديكور إذ تم تعيينه رئيساً لمجلس الرئاسة لإرضاء دول الخليج، وعليه ينبغي أن يعرف حجمه ولا يصدق أنه رئيس من صدق.
هذا هو الاستاذ حيدر أبوبكر العطاس الذي خرج علينا في مقابلته مع صحيفة النداء »التي نشرت الجزء الأول منها« خرج علينا كالأسد وقال ما كان يجب أن يقال في زمنه ووقته.
وفي المقابلة نجد الاستاذ حيدر ابوبكر العطاس يرد على دعوة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح له بالعودة للوطن بالكثير من قلة الوفاء ، فالدعوة الكريمة التي وجهها الاخ الرئيس له وجهها باعتباره مواطناً يمنياً ورجل دولة سابق حرص الاخ الرئيس أن يكون موجوداً في بلده.. وهذا دأب الرئيس حين دعا الجميع لكي يعودوا للوطن ويساهموا في بنائه، فما كان من العطاس إلاّ أن اشترط بقوله اتخذوا إجراءات اصلاح حقيقية وعندها سأعود!!
والسؤال: من أنت حتى تشترط أن تجري الدولة إصلاحاً حقيقياً؟ وبأي صفة تطالبها.. أليس الاصلاحات المالية والإدارية والسياسية.. الخ هي برنامج عمل حكومي ووطني يمني..؟ أما هي مطلب عطاسي فقط!! إنها نرجسية الرجل يتصرف وكأنه آمر ناهٍ وليس مجرد رئيس وزراء سابق موجود في الشتات!!
وفي المقابلة العطاس يتحدث عن الوطنية ودوره فهو يقول: إنه من مؤسسي الجبهة القومية وقد شاركت في المؤتمر الاول للجبهة القومية الذي عقد في مدينة تعز في 1965م، جئت الى صنعاء في وقت متوتر جداً وغادرناها الى تعز براً، كنت أمثل القطاع الطلابي باعتباري سكرتيراً للقطاع الطلابي بالقاهرة.. هذا الاستاذ المناضل يدرك أن الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني بدأ في عدن من اكتوبر 63 - نوفمبر 1967م بينما كان هو يدرس في القاهرة.. وبحسب المقابلة الجبهة القومية تأسست في 1965م.. وهو أمر غير صحيح غير أنه من المؤسسين كيف وهو طالب بالقاهرة!!
والحقيقة في قضية الوحدة اليمنية فقد شهد العطاس على نفسه بأنه لم يكن مقتنعاً بقيام هذه الوحدة.. وذلك حين قال لفخامة الرئيس وبحضور الدكتور الارياني حين شارك في احتفالات سبتمبر 1987م بصنعاء رداً على طلب صنعاء إقامة الوحدة.. قال علينا أن لا نقفز الى وحدة سياسية لا نريد نكرر مأساة الوحدة المصرية السورية.
وكرر هذا الموقف عندما رفض المشاركة في التوقيع على اتفاقية عدن للوحدة لأنه أرادها وحدة فيدرالية، ورفض الوحدة عندما اقتصر المرحلة الانتقالية من عام لنصف العام.. فالعطاس من البدء لم يكن مع خيار الوحدة وحتى عندما تم الاستفتاء على دستور دولة الوحدة في ربيع 1991م قال: إن الاستفتاء جرى بعاطفة وكأنه يقول إن على الشعب الذي صوّت لدستور دولة الوحدة صوت لها بعاطفة وهو فقط صاحب العقل السليم.. ثم راح العطاس يكرر أنه لا نريد أن نكرر مأساة الوحدة المصرية السورية..
ومع أن المقارنة غير صحيحة فنحن شعب واحد ولا حدود تفصلنا عن بعضنا البعض بعكس مصر وسوريا.
باختصار العطاس لم يكن يريد وحدة لهذا الشعب.. وهذه قناعاته وهو حر.. لكن من غير المنطقي أن يفرض علينا قناعاته ويُجبر شعب على احترام قناعات رجل الانفصال.. للتذكير حين كان العطاس رئيساً لوزراء دولة الوحدة كان صاحب أسوأ القرارات منها عدم إيصال خير الوحدة للمحافظات الجنوبية وعدم استفادته القصوى كرئيس للوزراء للفائض من العملة الصعبة وغيرها كان يمكن استخدامها في مشاريع التنمية والاستثمار.. وكذا فإن محافظة حضرموت لم تشهد تزحزحاً من مشاكلها وحلاً لقضاياها إلا بذهاب العطاس.
أخيراً هذا أول حديث لنا بخصوص العطاس ولا يزال في الجعبة الكثير.. وللحديث بقية.
❊ بيكاشي قهوجي: تاجر هندي كان يملك أسداً عجوزاً من غير أسنان، يخيف لكنه لا يأكل في مقهاية بالتواهي.