ابن النيل -
أفاقت الدول المطلة على البحر الأحمر.. على دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح .. بضرورة أن يجتمع كبار مسؤوليها، لمواجهة مخاطر الشروع في تدويل مياهها الاقليمية، بدعوى مكافحة ظاهرة القرصنة البحرية الناجمة عن تدهور الأوضاع السياسية والامنية في الصومال، لدرجة أنْ باتت الفوضى مسوغاً لكل ما يجري بين ربوعه أو على مقربة من شواطئه الساحلية، في غيبة المساعي الجادة والمسؤولة للتوصل الى صيغة توافقية مرضية لأطراف النزاع في هذا البلد العربي الشقيق، بغية استعادته دواعي أمنه واستقراره بعد طول غياب.
وقد جاء البيان الختامي لاجتماع القاهرة بهذا الخصوص.. على نحو أقل ما يقال عنه.. إنه لا يرقى الى مستوى ما بات يتهدد ركائز الأمن القومي لأمة العرب ككل، آخذين بعين الاعتبار حقيقة أن حيثيات واقعنا العربي الراهن.. لا تسمح بأكثر مما خلص إليه المشاركون في أعماله، وإن بقيت هناك اجتماعات أخرى لاحقة في الاتجاه ذاته.. نأمل أن تسهم نتائجها المرجوة في قطع الطريق أمام أية ترتيبات دولية محتملة.. من شأنها انتهاك حرمة مياهنا الاقليمية على الأقل، في هذه المنطقة المهمة من العالم.
فمنذ أمدٍ ليس ببعيد .. وسيادة عديد بلداننا على أراضيها مشكوك في مدى صحتها، قد تكون منقوصة أو شبه منقوصة، إن لم تكن غائبة بالكامل أو ملغاة الى أجل غير مسمى، أما سماء وطننا الأم من خليجه وحتى المحيط.. فقد باتت مستباحة بقدرة قادر.. منذ كان تدمير المفاعل النووي العراقي، أو ربما قبل ذلك الحين.. إن لم أكن مخطئاً ، وهو ما يكفي لتأكيد حقيقة أننا لم نعد نملك من أمرنا شيئاً بالفعل.
ورحم الله أياماً .. طالما رددنا فيها مع صوت الفنانة المصرية فايدة كامل، وهي تشدو بكلمات أغنيتها الشهيرة عبر الأثير.. دع سمائي فسمائي محرقة.. دع مياهي فمياهي مغرقة.. ودع الأرض فأرضي صاعقة، وسبحان مغير الأحوال .. فقد بتنا في أيامنا هذه دونما مبالغة أو مغالاة.. نتفاوض مع الآخرين على استحياء حول حقوقنا المبدئية الثابتة والمشروعة، وكأنما نتسول من هؤلاء الآخرين - مع الأسف الشديد - النظر إلينا بعين الشفقة والرحمة، بدلاً من أن نعد العدة لانتزاعها بالقوة من براثن مغتصبيها، بل إننا - وعلى مستوى الفعل الإنساني فحسب - لم نعد قادرين كذلك.. على أن نمد يد العون والمساعدة.. لتخفيف حدة معاناة إخوة لنا في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، مثلما هو مفترض في حالة كهذه، بفعل ما آلت اليه أوضاع أمتنا في راهن الوقت .. على خلفية تسليمنا المبكر بالعجز، والى حديثٍ آخر.