أمين جمعان* -
من حسن حظ المؤتمر الشعبي العام أنه تنظيم واسع الآفاق، أو مظلة، انطوت في إطاره قوى سياسية وجدت في الساحة السياسية قبل تشكله، وشكلت مصلحتها السياسية قاسما مشتركا في ما بينها أو مصالحها الاقتصادية أو الاجتماعية بمعنى من المعاني أن المؤتمر إطار لبيرالي أو هكذا يتهيأ لي، أنه تنظيم ليبرالي، استند إلى قاعدة تبادل المنافع والمصالح، أكثر منه إلى المبادئ والقواعد الأيديولوجية.
في حين نلاحظ على سبيل المقارنة أن أحزاب اللقاء المشترك، كأحزاب مؤدلجة عقائديا في ظاهرها، متنافرة في معتقداتها ومرتكزاتها الأيديولوجية والقاسم المشترك بينهم عداؤهم للنظام فقط.
نظرية تبادل المنافع بين المؤتمر كتنظيم وبين قياداته الوسطى وقواعده، خلقت حوله التفافاً شعبياً ربما بحكم ارتباط مصالح الناس ومنافع أفراد المجتمع وربما تحققت بمستويات معينة وبدرجات متفاوتة، بتفاوت مصالح الناس، دونما يلزمون عقائديا أو أيديولوجياً، كالتزام تنظيمي أيديولوجي على غرار الالتزامات الشيفونية المطلوبة من المواطن تجاه أحزاب اللقاء المشترك في حالة التزامه أو ارتباطه سياسياً بأحد تلك الأحزاب العقائدية.
بساطة الواجبات التنظيمية وتواضع مستوياتها، داخل المؤتمر الشعبي، وفرت على المواطن الوقت والتصنع البرتوكولي وسهلت عليه فعلا سبل الارتباط بالمؤتمر كتنظيم وبالمقابل نجد ان احزاب اللقاء المشترك المرتكزة عقائديا، أو أيديولوجياً فرضت واجبات تنهك كاهل المنتسب إليها وربما تنفره، وقد ترتب على مثل هذه الفروق الشاسعة ان هذه الأحزاب تجاوزها الزمن لأنها لا تستجيب لمتطلبات الإنسان اليومية ولا لعلاقاته ولا لمصالحه بل إنها عاجزة عن التعامل مع واقع الإنسان وبالتالي ضاقت رقعة الأرض التي شكلت في السابق مربعها الأول أو امتدت عليها كخارطة تنظيمية سواء تحت أقدام الحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية أو تجمع الإصلاح في المحافظات الشمالية أو الشمالية الشرقية.. لا سيما وان تواجد الحزب الاشتراكي ارتكز على معتقدات أيديولوجية، مجدت الفقر والحرمان والعوز كفلسفة، بينما نجد المواطن في المحافظات الجنوبية والشرقية اليوم قد تغيرت حياته المعيشية وكذا أنماط الحياة الاقتصادية ومعايير التعامل 081 درجة، وتغيرت بالتالي علاقات الناس، ومصالحهم، وطبيعة العلاقات التي ربطتهم ببعضهم، وحددت سقف علاقاتهم في الماضي وطبيعة العلاقات الناشئة اليوم وما سيترتب عليها من متغيرات.
تلك المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، المفترض ان يواكبها متغيرات استراتيجية في خطط وبرامج الحزب الاشتراكي كتنظيم حزبي لمواكبة المتغيرات في الشارع اليمني خاصة بعد أن فقد الحزب أغلب قيادته وأكثر قواعده الاجتماعية.. ومن الطبيعي أن مثل هذه الأحزاب ستفقد قواعدها التنظيمية الاجتماعية لأنها لم تكن بمستوى تنامي سرعة المتغيرات الاجتماعية، بينما المطلوب منها أن تكون سباقة إلى قيادة المتغيرات وليس لاحقة أو مواكبة لها وبالتالي لا بد إنها بقليل من المراجعة لمساراتها التنظيمية ستلاحظ أن الفرق شاسع بينها وبين متغيرات مجتمعها بما يفرض عليها التسليم بالعجز عن قيادة التغيير الاجتماعي كأحزاب وتنظيمات، ومن هنا اكتشفت بشاعة الصورة في مرآة الانتخابات القادمة.
*نائب أمين العاصمة - أمين عام المجلس المحلي