الجمعة, 28-نوفمبر-2008
الميثاق نت -  حنان محمد فارع -

يُقال «إن التاريخ يعيد نفسه» لقد تداول الناس بكثرة هذه العبارة وأصبحت لصيقة بكل رواية أو واقعة يتراءى لكاتبها وقارئها أنها نسخة من الماضي البعيد نتيجة التشابه في بعض الأحداث والوقائع مع اختلاف الزمان والمكان.
وخلافاً لهذه المقولة المعروفة لستُ من أولئك الذين يؤمنون بالاعتقاد السائد «ما أشبه البارحة باليوم» فتلك المصطلحات المقرونة بالتاريخ لا يعتقد بها إلا فاقدو الذاكرة من ذوي العقول التي تجهل التاريخ واعتادوا أن يلقوا بالتهم إلى المجهول حتى ترتاح ضمائرهم ، بينما التاريخ عبارة عن سلسلة مترابطة من الأحداث وهيهات أن يكون اليوم شبيهاً بالأمس .
فلو كان التاريخ يعيد نفسه لبقي المتخلف متخلفاً والمتقدم متقدماً فلن يكون هناك ارتقاء إلى أعلى أو تقدم نحو الأمام وستظل عجلة التاريخ تلف في حركة دائرية تنتهي إلى حيث نقطة البداية، وقتذاك ما جدوى من إعادة قراءة التاريخ قراءة تحليلية واعية ومستنيرة لاستخراج الدروس والعبر والاستفادة من الأحداث التاريخية السابقة في رسم سياسات مستقبلية طالما إن التاريخ يدور حول نفسه، وتتكرر الأحداث والمواقف في كل مرة ، لذلك أرفض تلك المقولة ولا أعتقد بصوابها طالما لم أجد لها ترجمة واقعية.
بالتأكيد قد تتشابه أفعال الناس ويتم استنساخ مثيري الفتن واستخراجهم في كل زمان، مما يدل على أن الفاعلين تتشابه أساليب تفكيرهم وفلسفاتهم وربما معتقداتهم ومناهجهم، بالتالي لا مفرّ من حتمية الصراع فهو الحقيقة المتجددة نتيجة تفكير لا يتغير أراد لعجلة التاريخ أن تعود للوراء ولا تتغير، وهنا لا ذنب للتاريخ ، فالمياه لا تجري في ذات النهر مرتين.
كل رجل شريف داخل اليمن يرى أن الوحدة اليمنية حقيقة مؤكدة وراسخة في المجتمع اليمني ومبدأ ثابت لا حياد عنه، فرجال اليمن الشرفاء دائماً ما يسعون إلى لملمة الشمل تحت سماء واحدة بحثاً عن العزة والكرامة والرقي، ولا يختلف اثنان على وحدة اليمن أرضاً وإنساناً، بل لم يعد هناك من يشكك في بقاء اليمن الأرض والإنسان في نسيج متكامل ومتناسق إلا من جهل تاريخه وباتت الوحدة تؤرقه، وأعتقد أنه لابد للتاريخ أن يعيد نفسه، متوهماً أن العودة للوراء أمر ممكن، وبمقدوره التلاعب بإرادة ومصير الملايين من اليمنيين وقتما يشاء .
إن الترويج لدعوات الانفصال الشاذة لا تتعدى عن كونها تعبر عن أغراض ومآرب شخصية خاصة بأصحابها وتعجز عن امتلاك القدرة لإرجاع عجلة التاريخ للخلف والبقاء دون تغيير فداسوا تلك المصالح الذاتية وغلفوها باسم الحقوق حيث وجدوا الفرصة في المساحة الديمقراطية المتاحة فاستغلوا معاناة الناس وطموحاتهم، مدعين الوطنية والحرص على المصلحة العامة بينما الانتماء للوطن والحرص على وحدته لا يستقيم مع الدعوات الانفصالية، يثيرون الفتن والبغضاء هنا وهناك للمساس بأمن المجتمع ليحتدم الموقف وتمتلئ جيوبهم بما يجود به من يتبناهم من عملاء الخارج، مهما تعالت أصواتهم فالأساس ثابت وتاريخ اليمن الطويل يدل على أن الوحدة هي الخيار الصحيح وهذا هو وقتها المناسب ومبرراتهم في الانفصال لن تشفع لهم، ولم يسمح لهم أي شريف في اليمن من تحقيق أطماعهم والعودة بالوطن إلى عهود التشرذم والتشتت، حتماً لن يسعدوا بأوهامهم كثيراً على حساب الأرض واللغة والانتماء ووحدة التاريخ والآمال والآلام والطموحات، فالتاريخ لا يعيد نفسه ..!
[email protected]
عن "الجمهورية"
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8177.htm