السبت, 20-ديسمبر-2008
الميثاق نت -  اقبال علي عبدالله -
تعلمت من والدي - رحمه الله واسكنه فسيح جناته وأنا صغير العبارة التالية: »يا ابني لا تبكِ على من مات بل إبكِ على من فقد عقله«.. واعترف انني حينها لم استوعب معنى هذه العبارة.. وعندما اسمع بأن قريباً أو صديقاً قد انتقل الى جوار ربه كنت أشرع في البكاء في الوقت الذي كلما شاهدت شخصاً يطلقون عليه »مجنون« أشرع في الضحك بل أنني كنت أشارك مجموعة من الاصدقاء في الجري خلف هذا »المجنون« ورميه بالحجارة .. عمل شيطاني طفولي كنا نقوم به.. يسامحنا الله عليه ولكن مع مرور السنوات وكبرنا أدركت معنى المقولة التي سمعتها من والدي.. فالميت قد انتقل من الدنيا الفانية الى الآخرة الدائمة وكل ما يتركه الميت بعد رحيله ما قدمه من أعمال سواء طيبة او شريرة يذكرها الناس.. أما المجنون فإنه مازال يتنفس العيش ولكنه وكما يقولون (خارج الجاهزية) لا يعلم ماذا يعمل وكيف يسير حياته بين الآخرين.. فمنهم‮ ‬من‮ ‬جنونه‮ ‬مضرٌّ‮ ‬بالناس‮ ‬وحتى‮ ‬بنفسه‮ ‬ومنهم‮ ‬جنانه‮ ‬لا‮ ‬يضرّ‮ ‬الا‮ ‬نفسه‮ ‬فقط‮.‬
هذه المقدمة استحضرتها لمقالتي هذه وأنا أتابع قراءة وسمع لبيانات أحاديث قادة أحزاب العجنة الغريبة »اللقاء المشترك« خاصة بعد كل هزيمة يواجهونها من المواطنين ابتداءً من هزيمة حرب الردة والانفصال صيف 1994م والتي كان مشعلها الحزب الاشتراكي - أحد أبرز أحزاب المشترك - ومروراً بالدورات الانتخابية الرئاسية والتشريعية والمحلية وصولاً الى هزيمتهم في التحضيرات الجارية لإجراء رابع انتخابات برلمانية (تشريعية) المقرر اجراؤها في موعدها الدستوري المحدد في السابع والعشرين من ابريل العام القادم 2009م.
والحقيقة أنني لا أريد الخوض بتفاصيل هذه الدورات لأنها باعتقادي بل ويقيني معروفة لدى كل ابناء شعبنا حتى أن قيادة العجنة الغريبة (المشترك) يدركونها جيداً إلا أنهم بعد أن فقدوا جادة صوابهم وطارت عقولهم من رؤوسهم أصبحت هذه الحقائق غائبة عنهم واستبدلوها بأحلامهم‮ ‬الشيطانية‮ ‬التي‮ ‬توهمهم‮ ‬بعودة‮ ‬النظام‮ ‬الشمولي‮ ‬وتمزيق‮ ‬الوطن‮.. ‬اللهم‮ ‬لا‮ ‬شماتة‮ ‬لمن‮ ‬فقد‮ ‬عقله‮.. ‬
إنني فقط أريد استعراض وبشكل موجز لا إسهاب فيه لحقيقة لعل وعسى تدق رؤوس هؤلاء وتحرك عقولهم التي غابت عنهم وهي حقيقة أن المشهد الجماهيري.. في التدفق على مراكز القيد والتسجيل وتصحيح جداول الناخبين خلال الفترة من الحادي عشر حتى الخامس والعشرين من نوفمبر المنصرم، والتي دعت قيادة المشترك الى مقاطعتها واستخدام العنف من قبل الموتورين في بعض أحزاب المشترك، قد جسد هذا المشهد حقيقة واحدة لا تستطيع أحزاب المشترك بالتحديد نكرانها حتى وإن كانت قيادة هذه الاحزاب فاقدة العقل وهي حقيقة أن المسار الديمقراطي الذي أوجدته الوحدة المباركة لا رجعة عنه، والانتخابات وهي أحد أهم مرتكزات الديمقراطية هي الطريق السليم للسلطة دون عنف.. وان الجماهير صارت مدركة اليوم وبعد سنوات طويلة من التجارب ومعرفة كل حزب من الاحزاب، مدركة بأن المؤتمر الشعبي العام هو الحزب الوحيد الذي يجسد آمالها وتطلعاتها في بناء اليمن الجديد يمن الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي لم يأتِ رغبة من حزب بل جاء بإرادة كل أبناء الوطن إرادة جسدها الى الواقع فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله ورعاه - لذلك كانت دعوة المقاطعة الفاشلة المهزومة هي المسمار الأخير الذي دق في نعش كل الموتورين والحالمين بتمزيق الوطن.. فتدفقت الجماهير صوب مراكز القيد وإن كانت بعض المراكز وهي قليلة جداً لا تحسب في أجندة العملية الانتخابية قد شهدت بعض اعمال العنف .. بل أن المواطنين أنفسهم قاوموا بعض أعمال العنف.
هذا المشهد الذي جاءت نتائجه دليل على هزيمة جديدة تضاف الى دورات الهزائم لقادة (المشترك).. الى جانب إصرار الجماهير على ممارسة حقها الدستوري في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد والتصدي لأي دعوات أو أعمال مشاغبة أو عنف لعرقلة هذا الحق الدستوري والديمقراطي كافية للعالم كله بأن اليمن بلد ديمقراطي، وأن المعارضة فيه ليست مؤهلة بعد للحكم، ولعل التجارب السابقة منذ الوحدة وحتى حرب صيف 1994م وفترة مشاركة (حزب الاصلاح الديني المتشدد) في الحكم.. خير شاهد على هذه النتيجة.
اليوم وبعد أن طار العقل من رؤوس قادة (المشترك) ماذا عسانا أن نقول؟! وكيف للجماهير أن تقتنع بأن هؤلاء (القادة) ومن معهم ان يكونوا جزءاً من منظومة الحكم الرشيد.. لا نقول ذلك من زاوية أننا في الحزب الحاكم الذي اختارته الجماهير ولم يغتصب السلطة ولم يتربع عليها بفوهة البندقية وعربة مدفع ودبابة.. بل نقول من واقع التجارب والمشاهد اليومية على الارض مدعومة بما يسمى (الحراك) و (العودة الى التشطير) أو (محاولة إقلاق الأمن والسكينة العامة للمواطنين)، وغيرها مما نشاهده من قادة (المشترك) كلها تؤكد أن العقل طار والحلم الاسود‮ ‬سراب‮ ‬يتبخر‮ ‬في‮ ‬الفضاء‮.. ‬وتؤكد‮ ‬أيضاً‮ ‬دعوتنا‮ ‬لهم‮ (‬قادة‮ ‬المشترك‮) ‬الى‮ ‬البحث‮ ‬عن‮ ‬عقولهم‮ ‬لأن‮ ‬العقل‮ ‬زينة‮!!..‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8305.htm