حاوره: رئيس التحرير -
نشرت صحيفة "الميثاق" -لسان حال المؤتمر الشعبي العام- في عددها الصادر اليوم حوارا شاملاً مع رئيس مجلس الوزراء، الدكتور علي مجور، تحدث فيه عن الإجراءات الحكومية لترشيد الإنفاق، والحوار مع أحزاب المعارضة، وجهود اليمن في مكافحة الإرهاب. لأهمية الحوار تعيد "السياسية" نشره:
أكد رئيس الوزراء، الدكتور علي محمد مجور، أن قرار ترشيد النفقات الذي اتخذته الحكومة مؤخراً مثل ضرورة للحفاظ على وضع الموازنة العامة لمواجهة الآثار الناجمة عن الأزمة المالية العالمية وتدني أسعار النفط، تلافياً لعدم اللجوء إلى القروض الخارجية لتمويل الموازنة العامة، مشيراً إلى أن هذا القرار تضمن أكثر من 35 إجراءً مع عدم المساس بالأجور والمرتبات.
وقال رئيس الوزراء، في حوار أجرته معه صحيفة "الميثاق" نشرته في عددها الصادر أمس، إن الحكومة لم تقم بأي زيادات سعرية في المشتقات النفطية، وتحرص على عدم المساس بمصالح الشريحة الواسعة من أفراد المجتمع. ودعا الدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء قيادات أحزاب اللقاء المشترك إلى إنقاذ أنفسهم أولاً قبل أن يفوتهم قطار الديمقراطية والذي لا يقبل المتخاذلين والمرتدين عن النهج الديمقراطي التعددي ونتائج الصناديق الانتخابية بعيداً عن الالتفاف على إرادة الناخبين عبر الاتفاقات خارج الدستور والقانون. وأكد الدكتور مجور أنه لا يجوز لمن فشلوا في الاتفاق على اختيار أسماء ممثليهم للجنة العليا للانتخابات أن يتهموا الآخرين بالفشل. وقال رئيس الوزراء إن المعارضة تدرك حقيقة عجزها عن كسب ثقة الناخب عبر برنامج انتخابي موضوعي وخطط تنفيذية واقعية قابلة للتحقق على أرض الواقع، ومثل هذه المعارضة للأسف الشديد تتجه نحو تزييف الحقائق.
* بدايةً دولة رئيس الوزراء، أبى العام 2008 أن يمر دون أن يسجل جريمة جديدة للكيان الصهيوني بشن إسرائيل حرباً حقيقية ضد قطاع غزة حصدت أرواح المئات من الشهداء والجرحى، كيف تقرؤون معاليكم هذا الحدث الذي طغى على كل الأحداث؟
- العدوان البربري والمجازر الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة تعتبر من جرائم الحرب التي توجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤولياته لمعاقبة مرتكبي أعمال الإبادة التي تهز الضمير الإنساني. فما يحدث في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية تأكيد واضح أن الكيان الإسرائيلي الغاصب لا يريد سلاماً إنما يمارس حرب إبادة وتهجيرا. وقد دعونا في اليمن مراراً وتكراراً إلى ضرورة لم الشمل الفلسطيني وتوحيد الصف الوطني لمواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية، كما حذرنا من خطورة استمرار الانقسام الفلسطيني وتفاقم الخلافات الداخلية على الساحة الفلسطينية لما له من آثار أبرزها العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة. وقد جاء الموقف الشجاع لفخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بالدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة بمشاركة حركة فتح وحماس والقيادات الفلسطينية الداعمة، من أجل إنجاح المصالح الوطنية الفلسطينية ورفع الحصار الجائر عن قطاع عزة، ودعم الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
* وسط عواصف الأزمات الخارجية والداخلية والكوارث الطبيعية كيف يقيم دولة الدكتور أداء حكومته للفترة الماضية، سواء في مجال مواجهة تلك التحديات أم تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية في سياق البرنامج الحكومي؟ ماذا نفذ وما الذي لا يزال في طور التنفيذ؟
- لقد تقدمت الحكومة بتقرير شامل إلى اجتماع الدورة الاستثنائية الذي انعقد مؤخراً للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام تضمن مجمل البرامج والسياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية بدرجة أساسية، وكذا مواصلة عملية الإصلاحات السياسية والقضائية والإدارية وإعادة الهيكلة ومكافحة الفساد وتعزيز المساءلة والشفافية في الإجراءات الحكومية. والحكومة تنطلق في عملها من مسؤوليتها الوطنية وترجمة مضامين البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية، محاولين قدر المستطاع أن نكون مبادرين لإيجاد الحلول لمختلف المشاكل التي تواجه الوطن، سواء تلك المرتبطة بالأوضاع الداخلية والتي يسعى البعض إلى استغلالها على نحو سيئ يمس الاستقرار والسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، أم لأهداف حزبية وشخصية ضيقة. لذلك فإن الحكومة تعمل جاهدة لتجاوز تلك التحديات، ولاسيما خلال المرحلة الراهنة والمتعلقة بمواجهة تداعيات الأزمة المالية وانعكاساتها المباشرة على الاقتصاد الوطني والمتمثلة في تدني أسعار النفط الخام إلى مستوى أثر بشكل كبير على وضع الموازنة العامة للدولة التي تعتمد في إيراداتها على نحو 75 بالمائة على هذا المورد، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات للتخفيف من آثار هذه الأزمة ومنها ترشيد الإنفاق العام وتطوير آلية تحصيل الإيرادات غير النفطية وفي المقدمة الضريبية والجمركية، إلى جانب إقرار رفع الدعم عن مصانع الأسمنت ومصانع أخرى فيما يخص الديزل والتي تثبت عدم استفادة المواطن من الدعم الموجه لها... إلى غير ذلك من الإجراءات الرامية إلى التخفيف من آثار الأزمة المالية على القطاع المصرفي.
أما ما يتعلق بالبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية فكما تعلمون الحكومة وضعت برنامجها العام كأداة تنفيذية لبرنامج الرئيس وتم التركيز من قِبل الحكومة على الأولويات في البرنامج والتركيز على ترجمة السياسات العامة التي تضمنتها محاوره الرئيسة في مختلف المجالات وبما يتناسب مع فترة الحكومة الحالية المحددة بعامين. ووفقاً لتقرير تقييم الأداء الحكومي في تنفيذ البرنامج للفترة إبريل 2007 - يونيو 2008 والذي أعدته الأمانة العامة لمجلس الوزراء في ضوء التقارير المرفوعة من الوزارات والجهات الحكومية الأخرى، تبين أنه قد تم إنجاز 75 بالمائة مما تم التخطيط له للعام الأول، في حين الأداء متواصل لاستكمال ما تبقى من البرنامج للعام الحالي والذي نتوقع أن يسير على نفس الوتيرة وهي دون شك نتيجة طيبة تُـحسب لهذه الحكومة التي تمكنت من تنفيذ ذلك خلال فترة وجيزة من الزمن رغم التحديات التي برزت في طريقها خارج برنامجها العام. ومن أبرز النتائج التي حققتها الحكومة تلك المرتبطة بتعزيز استقلال القضاء والبيئة الاستثمارية وتنشيط الأداء الاقتصادي والاستثماري وكذلك مكافحة الفساد وفق آلية عمل مؤسسية شفافة ومستقلة بما في ذلك تطوير نظام المناقصات والمزايدات وتأكيد استقلاليته التامة في اتخاذ القرار دونما تدخل من الحكومة، فضلاً على تطوير نظام السلطة المحلية وتعزيز اللامركزية المالية والإدارية وإنجاز أول انتخابات للمحافظين عبر الأطر المحلية المنتخبة من قِبل الشعب إلى جانب إقرار الاستراتيجية الوطنية للانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات والعمل في نفس الوقت على زيادة حجم المخصصات المالية للسلطة المحلية بنسبة 300 بالمائة، كما ركزت الحكومة في برامجها على توسيع شبكة الأمان الاجتماعي وبرامج التنمية المحلية وذلك للتخفيف من الفقر ولاسيما في المجتمعات الريفية التي نشعر بأنها أكثر حاجة لتلك المشاريع.. وتم اتخاذ عدد من الإجراءات لمعالجة الاختلالات في إدارة الموازنة العامة بما في ذلك وضع الحلول للتخفيف من حجم الدعم الذي ينفق على المشتقات النفطية والأخذ بعين الاعتبار في هذه العملية عدم المساس بمصالح الشريحة الواسعة من أفراد المجتمع. يضاف إلى ذلك الإجراءات العملية التي تم اتخاذها في مكافحة الفساد وتأكيد الشفافية والتي توجت بتنفيذ قانون الذمة المالية وتشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد واللجنة العليا للمناقصات إلى جانب الانضمام إلى الاتفاقية الدولية للشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية وتشكيل المجلس الأعلى للشفافية إلى غير ذلك من المهام والأعمال التي أنجزتها الحكومة في إطار تنفيذها للبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية. ولا ننسى هنا المعالجات الإضافية التي وضعتها الحكومة للتخفيف من آثار أزمة الغذاء العالمي خلال النصف الأول من العام الحالي وكذا الإجراءات العاجلة لمواجهة الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول على محافظتي حضرموت والمهرة بالمنطقة الشرقية.
* أقرت الحكومة مؤخراً ترشيد وخفض النفقات غير الضرورية والتي لا ترتبط بالتنمية، ومنها قرار تقليص البعثات الدبلوماسية ووقف شراء السيارات والأثاث... وغير ذلك، فما الآليات التي وضعها مجلسكم الموقر لتنفيذ مثل هذه القرارات التقشفية؟
- جاء هذا القرار ليواكب المتغيرات الكبيرة في أسعار النفط الخام الذي تعتمد عليه الموازنة العامة للدولة بنسبة 75 بالمائة تقريباً. وكانت المادة السابعة من قانوني ربط الموازنة العامة للسنة المالية 2009 قد نصت على تفويض الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لخفض النفقات بما يتلاءم مع تدفق الموارد في حالة استمرار تراجع أسعار النفط الخام عن المقدر للموازنة العامة 55 دولارا للبرميل ولما فيه المحافظة على العجز عند الحدود الآمنة. أي أن الحكومة اضطرت لاتخاذ هذا القرار الضروري للحفاظ على وضع الموازنة العامة والمواءمة بين الإيرادات والنفقات، تلافياً لعدم اللجوء إلى مصادر تضخمية أو زيادة حجم الاعتماد على القروض الخارجية لتمويل الموازنة العامة لما يمثله ذلك من آثار سلبية على العملة الوطنية وزيادة حجم الدين وانعكاس ذلك مباشرة على السياسة النقدية والتضخمية. قرار الحكومة بترشيد الإنفاق تضمن أكثر من 35 إجراءً لتحقيق هذه الغاية مع عدم المساس بالأجور والمرتبات حيث تم التركيز على خفض جميع بنود الموازنة العامة بنسبة 50 بالمائة والتأكيد في نفس الوقت على تطوير عملية تحصيل الموارد الضريبية والجمركية والتركيز على تنمية دور القطاعات الإيرادية الأخرى. وهذا القرار قابل للمراجعة والتعديل كل ثلاثة أشهر في ضوء تحسن مستوى تدفق الإيرادات بزيادة حجم الموارد سواءً بارتفاع أسعار النفط الخام أم بزيادة الإيرادات الأخرى.
* الشيء المؤكد أن الأزمة المالية العالمية أثرت على معظم دول العالم، فما طبيعة التعديلات التي فرضتها هذه الأزمة على الأجندة الاقتصادية للحكومة؟
- كما سبق وأوضحت لكم أن إعادة النظر في وضع الموازنة العامة من أبرز التغييرات التي فرضتها الأزمة فيما يخص تراجع أسعار النفط الخام، الأمر الذي يلقي بتبعات هذه المسألة على التنمية وتراجع حركة تدفق الاستثمارات الخارجية جراء الكساد وحالة الانكماش في الاقتصاد الدولي. إلا أننا ورغم ذلك نتوقع تدفق بعض الاستثمارات الخليجية إلى اليمن نظراً إلى الفرص الاستثمارية المتاحة والحوافز المتعددة التي تقدم للاستثمارات وحالة الأمان والاستقرار وتدني حجم المخاطر على الاستثمارات بالمقارنة مع وضع الاستقرار في الدول الأخرى.
* دولة رئيس الوزراء، أشرتم في حديث لكم إلى أن الحكومة تصرف ما يقارب من 75 ملياراً للرعاية الاجتماعية، أي لحوالي مليون ومائة ألف حالة. سؤالنا: إلى أين وصلت جهود حكومتكم في مكافحة الفقر والبطالة؟ وهل هناك تقييم لسياسة مكافحة الفقر؟
- سأبدأ من حيث انتهى السؤال. مؤخراً وقف مجلس الوزراء أمام تقييم قُدّم من وزارة التخطيط والتعاون الدولي لمستوى تنفيذ السياسات والبرامج الموجهة لمكافحة الفقر على مستوى كافة القطاعات وذلك وفقاً لاستراتيجية التقييم التي أقرها مجلس الوزراء في وقت سابق والتي تم إعدادها بالتعاون مع الأصدقاء الألمان. دون شك إن تلك البرامج حققت الكثير من الآثار الإيجابية وساهمت في تراجع معدل الفقر من 41 بالمائة إلى حوالي 34 بالمائة وفتحت مجالات واسعة لامتصاص الباطلة وتوفير فرص عمل كثيرة جداً ومتنوعة دائمة ومؤقتة. ونود التأكيد أنه إلى جانب الـ75 ملياراً الخاصة بالرعاية الاجتماعية المباشرة فهناك أيضاً مشاريع كثيرة جداً تسعى إلى مكافحة الفقر ولاسيما في الريف الذي مازال معدل الفقر فيه مرتفعاً مقارنة بالمدن. وذلك من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة فضلاً عن المشاريع المعتمدة في الموازنة العامة للدولة. فعلى سبيل المثال نجد أن إجمالي عدد المشاريع التي ينفذها كل من الصندوق الاجتماعي ومشروع الأشغال العامة بلغت حتى منتصف العام الحالي أكثر من 11 ألف مشروع تجاوزت كلفتها مئات المليارات من الريالات. وفي إطار عملية التقييم لشبكة الأمان الاجتماعي فقد تم مؤخراً إقرار إدخال نظام الإقراض الميسر للأسر القادرة على العمل والإنتاج بما يكفل توفير مهنة مناسبة تدر الدخل المستمر لأفراد الأسر الفقيرة وتعمل في نفس الوقت على تحقيق الدور المنشود للأسر المنتجة في خدمة الاقتصاد والتنمية.
* تنتقد أحزاب المشترك باستمرار الحكومة، وتتهمها بالفشل، وتحملها كل المشكلات الموجودة سواء المتعلقة بظروف إقليمية أم دولية أم الكوارث الطبيعية، دون أن يقدموا بدائل، لكنهم يذهبون إلى المطالبة بما يسمونه تشكيل حكومة إنقاذ. ما تعليقكم على ما يزعمون؟
- المعارضة لو بيدها تحميل الحكومة مشاكل العالم وأزمته الحالية لفعلت، فهي لا تتورع عن كيل التهم وتزييف الوعي العام وتشويه الحقائق بل وقلبها لخلق البلبلة ومحاولة إثارة الناس ضد الحكومة وتضليلهم لكسب تعاطف الشارع معها في إطار التحضير المبكر للانتخابات القادمة. من السهل جداً على أية معارضة في العالم إطلاق الاتهامات والأحكام جزافاً على الحكومة، خاصة إذا كانت هذه المعارضة تدرك أنها عاجزة عن كسب ثقة الناخبين عبر برنامج انتخابي أو عبر خطط واقعية قابلة للتحقق على أرض الواقع. لكن مثل هذه المعارضة للأسف الشديد، نجدها ونتيجة لعجزها عن تحقيق ذلك، تتجه نحو تزييف الحقائق وإنكار أوضاع إقليمية ودولية تأثرت بها بلادنا. وقيادات أحزاب المشترك منهم رجال المال والأعمال وخبراء الاقتصاد يدركون هذه الحقائق جيداً، لكن العزة بالإثم تجعلهم ينكرونها لكي يحملوا الحكومة مسؤولية ذلك، وحتى لا يفقدوا ما يعتقدون أنها أوراق مربحة لهم. وليس ذلك فحسب فالمتتبع لخطاب وممارسات أحزاب اللقاء المشترك في الفترة الأخيرة يجد أنها لم تعد تقتصر على مناصبة العداء للحزب الحاكم، بل إنها في غالبيتها تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً وتضرب بالمصلحة الوطنية عرض الحائط. أما فيما يتعلق بالمطالبة بما يسمونه بتشكيل حكومة إنقاذ، فالواضح من خلال تخبط قيادات أحزاب المشترك وخصوصاً في الأشهر القليلة الماضية حول الاستحقاق الانتخابي المقرر في إبريل 2009 الواضح أن قيادات أحزاب المشترك -وقد نكثت بكل العهود والاتفاقات الموثقة- بحاجة ماسة إلى فريق إنقاذ أو بمعنى أصح لجنة وطنية لإنقاذ قيادات المشترك وانتشالهم من مستنقع الشمولية والجمود الفكري الذي يشدهم إلى الخلف أو لنقُل لتحديث أفكارهم بمستجدات وتطورات المسيرة الديمقراطية في بلادنا وإعادة تأهيلهم بما يتواكب مع متطلبات العصر والواقع المعيش. لذلك فإن عليهم أولاً إنقاذ أنفسهم قبل أن يفوتهم قطار الديمقراطية والذي لا يقبل بالمتخاذلين والمرتدين عن النهج الديمقراطي التعددي ونتائج الصناديق الانتخابية بعيداً عن الالتفاف على إرادة الناخبين عبر الاتفاقات خارج الدستور والقانون. وأما الحكومة فلديها مصفوفة برامج تنفيذية تمضي فيها قُـدماً رغم ما استجدت من أحداث شهدتها بلادنا مثل فتنة صعدة، وكارثة السيول التي ضربت بعض المحافظات وكذلك تداعيات الأزمة المالية في العالم. وأحب أن أشير إلى أنه لا يجوز لمن فشلوا في الاتفاق على اختيار أسماء ممثليهم للجنة العليا للانتخابات، أن يتهموا الآخرين بالفشل!
* يتكبد الاقتصاد الوطني 700 مليار ريال سنوياً تذهب دعماً للمشتقات النفطية. مؤخراً بدأت أحزاب معارضة تردد عن تنفيذ الحكومة لجرعة جديدة فهل هذا يندرج ضمن أساليب التضليل الانتخابية المبكرة التي يمارسها حزب الإصلاح؟
- فعلاً هذا يندرج ضمن سياسات التضليل وتزييف الحقائق والاعتماد على الإثارة لتحقيق أهداف حزبية معروفة سلفاً. فالحكومة لم تقم بأية زيادات سعرية في المشتقات النفطية. ولكن في إطار مسؤوليتها تجاه الحفاظ على المال العام والتخفيف من أعباء الدعم الذي يقدم للمشتقات النفطية على الموازنة العامة فقد أقرت وفقاً لدراسة اقتصادية -مع مراعاة عدم التأثير على الشريحة الواسعة من السكان- رفع الدعم عن مصانع الأسمنت ومصانع الحديد والتي ثبت أنها تستفيد من الدعم وتقوم ببيع منتجاتها بنفس الأسعار العالمية غير المدعومة. أي أن استفادة المواطن من منتجات هذه الجهات المستفيدة من الدعم غير موجودة، وهو ما حدا بالحكومة إلى اتخاذ هذا القرار إلى جانب تشديد الإجراءات لمكافحة تهريب الديزل محلياً وإلى الخارج. ولا ندري لماذا كلما بادرت الحكومة إلى وضع معالجات اقتصادية نجد المشترك وصحفه يقيمون الدنيا على الحكومة ويقفون ذات الموقف السلبي تجاه كل عمل ومنجز وطني يهدف إلى خدمة المصلحة العامة.
* تابع الشارع اليمني باهتمام كبير نجاح الحكومة في اثنين من المشاريع الاستثمارية العملاقة التي ظلت سنوات متعثرة وهما مشروع تصدير الغاز المسال والمنطقة الحرة بعدن. وبدأ يتردد مؤخراً أن هناك اكتشافات غازية ونفطية جديدة لا تقل أهمية عن هذين المشروعين. ما صحة ذلك؟
- فعلاً هناك مؤشرات إيجابية أولية تلقتها الحكومة من بعض الشركات العاملة في مجال الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز إلى جانب نجاح تطوير لبعض الحقول النفطية ولاسيما القطاع 4 الذي أبلغتنا الشركة المطورة أنه سيتم خلال الفترة القادمة زيادة حجم الإنتاج اليومي له من 100 برميل إلى 20.000 برميل. كما أننا نتوقع اكتشافات غازية جديدة وذلك في ضوء التعديل الذي تم إدخاله على الاتفاقية النمطية للمشاركة في التنقيب والإنتاج للنفط والذي يتيح المجال أمام الشركات النفطية لاستغلال الغاز المصاحب وفقاً لاتفاقية المشاركة الموقعة مع الحكومة.
* حققت الحكومة انتصاراً مشهوداً على عناصر "القاعدة" وبذلك جنبت اليمن مشاكل كثيرة. لكن ظاهرة اختطاف الأجانب لا تزال تؤرق الجميع. هل ترى دولتكم أن الحكومة قد قطعت شوطاً لافتاً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة؟
- دون شك تمكنت الحكومة من إنجاز خطوات هامة ضمن جهودها لمكافحة ظاهرة اختطاف الأجانب والتي ساهمت بشكل مؤثر في الحد من هذه الظاهرة والتي كدنا ننساها لولا حادثة الاختطاف للأصدقاء الألمان مؤخراً والذين تم الإفراج عنهم. وبنفس القدر فقد سعت الحكومة جاهدة وبالتعاون مع المجتمع الدولي للتصدي لآفة الإرهاب واستطاعت أن تحقق نجاحات ملموسة رغم محدودية الموارد وشح الإمكانات. وجهودها بهذا الجانب جاءت وقبل كل شيء لدرء مخاطر هذه الظاهرة العالمية على الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية والاستثمارية وتعزيز الأمن والاستقرار الذي يمثل الركيزة الأساسية لاستقرار التنمية وجذب الاستثمارات. ولا يخفى على الجميع مدى الأضرار التي خلفتها العمليات الإرهابية على الاقتصاد الوطني والسياحة وسمعة اليمن على المستوى الدولي. لذلك فإن الحكومة لن تألو جهداً في مكافحة هذه الظاهرة ومن يقفون وراءها.
* قطعت الحكومة شوطاً كبيراً في الإجراءات المؤسسية والتشريعية لمكافحة الفساد. دولة رئيس الوزراء، المواطن ينتظر منكم إجراءات رادعة للمفسدين، فما توجهاتكم المستقبلية لحماية المال العام وتجفيف بؤر الفساد؟
- سنعمل دون شك على تعزيز الإجراءات المؤسسية لمكافحة الفساد وتطوير آلية عمل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من خلال تأكيد الدور المحاسبي وإيجاد الآلية اللازمة التي تربط بين مخرجات الجهاز والأجهزة العدلية مع العمل على مساندة ودعم جهود الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والتي أكدنا خلال لقائنا بها مؤخراً على المسؤولية التكاملية إزاء قضايا الفساد أياً كانت وفي حدود مسؤولية الحكومة واستعدادنا الدائم للتعامل المباشر مع مخرجات اللجنة الوطنية بإحالة من يثبت تورطه من موظفي الحكومة في أعمال فساد أو نهب للأموال العامة إلى القضاء لينال الجزاء العادل. أما ما يتعلق ببؤر الفساد فقد وجدنا أن المناقصات كانت أحد العوامل المساعدة على الفساد سواءً فيما يتعلق بإقرار المناقصات أم عملية التنفيذ والتقييم، لذلك تم إقرار القانون الجديد للمناقصات والمزايدات الحكومية وتشكيل اللجنة العليا للمناقصات وفقاً لهذا القانون وفق آلية شفافة أفضت إلى اختيار شخصيات كفؤة ومتخصصة ومشهود لها بالنزاهة ممن سبق لهم العمل في الحكومة وفي المؤسسات الخاصة. فيما يجري حالياً التحضير لتشكيل اللجنة العليا للرقابة على المناقصات وذلك لتأكيد الرقابة وضمان تنفيذ المناقصات وفقاً للمواصفات والإجراءات الفنية المحددة.
* كيف تقيمون جهود الحكومة في إعادة إعمار ما دمره المتمردون بصعدة، في ظل مؤشرات كثيرة إلى عدم التزام المتمردين وإصرارهم على قطع الطرق ومهاجمة المواطنين العزل واستمرار تمترسهم في معاقلهم؟
- كنا في اجتماع قبل عيد الأضحى المبارك مع مسؤولي صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة جراء فتنة التمرد في بعض مديريات محافظة صعدة، حيث تم الوقوف أمام الخطوات التي تم إنجازها في عملية إعادة دوران عجلة التنمية على مستوى المحافظة ولاسيما في القطاعات ذات الأولوية المتمثلة في التعليم والصحة وإعادة الإعمار للمنشآت العامة والخاصة وتم التأكيد على إعطاء الأولوية للمديريات التي تتوافر فيها مقومات إعادة البناء وبحيث يتم الانتهاء من هذه العملية وفقاً لخطة العمل والبرنامج الزمني المعد من قِـبل الإدارة التنفيذية للصندوق وفي فترة لا تتجاوز شهر أغسطس من العام القادم 2009، مجسدين بذلك توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية ورؤيته الوطنية في التعامل مع المحافظة وأبنائها بروح المسؤولية العالية والإنسانية وليس بعقلية التمرد المدفوع الذي يسعى إلى عرقلة جهود إعادة الإعمار والتنمية على حساب أبناء المحافظة. لذلك فإن الدولة ماضية في خطتها الإنمائية وإعادة الإعمار في هذه المحافظة، ونحمّل المتمردين تبعات أي تصرفات غير مسؤولة تهدد عملية التنمية والاستقرار بالمحافظة.
* ما مدى استعداد المؤتمر وحكومته للتجاوب مع أساليب الابتزاز التي تمارسها أحزاب المشترك لإجراء الانتخابات النيابية؟ وهل هناك جديد في حوار المؤتمر مع المشترك بهذا الشأن؟
- لا جديد في هذا الجانب غير استمرار رفض المشترك لكل المبادرات التي يقدمها المؤتمر الشعبي العام وذلك في تكرار للصورة النمطية التي تسبق الانتخابات والتي يحاول فيها المشترك الضغط على المؤتمر الشعبي واستغلال حرص فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية على صون التجربة الديمقراطية لتحقيق مآرب حزبية وشخصية، وهو قطعاً ابتزاز مرفوض من قِـبل المؤتمر وحكومته. ولكننا سنظل مع الحوار البنَّاء الذي يعزز من تجربتنا الديمقراطية ويحميها من أي تصرفات غير مدروسة.
* ما تعليقكم على الخطاب الذي تتبناه بعض قوى المعارضة في المشترك باتجاه إعادة التشطير أو إثارة النعرات المقيتة؟ وهل لهذه القوى رعاية ودعم خارجي لتبنّي مشاريع تستهدف أمن واستقرار اليمن؟
- هذا الخطاب ميت قبل أن يولد بالمطلق، ذلك أن الشعب لم يقدم التضحيات بالغالي والنفيس ليجد البعض ممن باعوا ضمائرهم يتحدثون بتلك اللغة المقيتة التي تحاول تكريس ثقافة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. إن هذا الخطاب يتنافى قطعياً مع ضمير هذا الشعب الواحد أصلاً. والوحدة اليوم راسخة رسوخ الجبال ولا خوف عليها من بعض التصرفات الغوغائية أو الأصوات النشاز التي تدعي الوصاية على هذه المنطقة أو تلك. وهناك دون شك قوى خارجية لا يروق لها رؤية اليمن آمناً ومستقراً، وهي لا تدخر جهداً للنخر في جسد الوطن اليمن الواحد واستغلال الحاقدين في أعمالها التخريبية.
* إلى أين وصلت الحكومة في تأهيل اليمن للانخراط في مجلس التعاون الخليجي؟
- العلاقات مع مجلس التعاون تسير على نحو جيد ووفقاً لخارطة الطريق التي تم إعدادها من قِـبل فريق من الخبراء الدوليين والتي تشمل الاحتياجات التمويلية لليمن وبرامج محددة الأبعاد ومدى زمنياً وفق برنامج استشاري يغطي الفترة الحالية وحتى 2015 والذي بدأ فعلياً من خلال انضمام اليمن إلى عدد من المجالس المتخصصة التابعة لمجلس التعاون إلى جانب دعم تمويل البرامج وخطط التنمية الاقتصادية وتشجيع تدفق الاستثمارات الخليجية إلى اليمن في إطار خطوات تأهيل اليمن تنموياً للانضمام إلى المجلس.
* ما تقييم دولتكم لأداء الإعلام الرسمي والصحافة المقروءة بالذات؟
- نحن نقدر الدور الذي يقوم به الإعلام الرسمي في شرح السياسات العامة للدولة في مختلف المجالات بما في ذلك نقل الحقائق حول سير برامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما تحقق للوطن من إنجازات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وغير ذلك، ونتمنى أن يظل الإعلام الرسمي ماضياً في تأدية هذه الرسالة الوطنية المهمة، وأن يبحث دوماً عن الحقيقة ليقدمها إلى الناس بكل مصداقية وشفافية، وأن يكون مبادراً دوماً للتصدي لحملات التضليل وتزييف الحقائق والوعي العام التي دأب عليها عدد من صحف المشترك ومن يدور في فلكها.
* يشير مشهد القرصنة في بحر العرب وخليج عدن إلى مؤامرة تنسجها قوى دولية للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية. إلى أي مدى يصح هذا الطرح؟ وما دور بلادنا في إحباط مثل هذه المؤامرة؟
- نحن لن نتعامل مع هذه القضية من خلال نظرية المؤامرة، ولكن هناك فعلاً قرصنة بحرية تهدد سلامة الملاحة الدولية والدول المطلة على خليج عدن ومنها بلادنا. واليمن منذ وقت مبكر حذر من خطورة الانفلات الأمني في الصومال الناجم عن الصراع الدائر فيه منذ أكثر من عقد، ودعا مراراً وتكراراً إلى مساندة الحكومة الصومالية لبسط نفوذها على جميع أراضي الصومال والسيطرة على الوضع الداخلي. ومما لا شك فيه أن أمن هذه المنطقة مسؤولية الدول المطلة على منطقة جنوب البحر الأحمر، ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى دعم مشروع اليمن بشأن إقامة مركز إقليمي لمكافحة القرصنة لما لذلك من أهمية في دعم وتعزيز دور دول الإقليم -ومنها اليمن- في تأمين سلامة هذا الخط الملاحي الذي يمر بالقرب من مياهها السيادية، وتقوية دورها للتصدي لإعمال القرصنة والتهريب... وغيرها من الأنشطة الإرهابية. ومن دون شك أن عدم حل المشكلة الصومالية إنما يكرس حالة عدم الاستقرار في هذه المنطقة المهمة.