الميثاق نت - الباب الخامس
السياسة الخارجية
عبر مراحل تاريخية، كانت اليمن تلعب أدواراً فعالة في منطقة الشرق الأوسط بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي وبحكم كثافتها السكانية في شبه الجزيرة العربي والخليج وتستطيع اليمن اليوم أن تؤدي دوراً أكبر وتترك أثراً ملموساً في الساحة العربية والدولية.
ولا بد لنا أن نؤكد بأن قدرة بلادنا قد تزايدت فعاليتها في المجالين العربي والدولي.
وحتى تكون لنا سياسة خارجية ثابتة ذات أثر ملموس لا بد أن تكون متوازنة ومتطابقة مع سياستنا الداخلية التي تضمنها هذا الميثاق إنطلاقاً من أهداف الثورة اليمنية ذلك أن قيام الدولة على أسس ديمقراطية ومؤسسات دستورية وصيانة حرية وكرامة المواطنين وتوطيد الاستقرار وتحقيق الرخاء والرفاهية للمجتمع اليمني والاعتماد على النفس ونبذ التواكل وإزالة مظاهر وأسباب التخلف يجعل من تحركنا الخارجي عملية سهلة ومفهومة ومقبولة وفعالة ولا بد أن نضع منهجاً واضحاً لأسلوب التطبيق العملي لتلك السياسة العامة حتى تنسج مع مواقفنا الصادقة والواضحة من قضايانا الوطنية والعربية والإنسانية ذلك أن العلاقات الخارجية اليوم أصبحت في منتهى التشابك والتداخل والتعقيد والحساسية.
فقد اختلطت المصالح الاقتصادية والسياسية بالتيارات الفكرية المتنوعة إختلاطاً يجعل تحديد منهج واضح المعالم في مجال السياسة الخارجية أمراُ في غاية الصعوبة وقد زاد من هذه الصعوبة تطور وسائل الاتصالات الحديثة التي جعلت الفواصل الجغرافية والفكرية والحضارية شبه منعدمة وصار من المستحيل على أي دولة أن تنغلق وتتقوقع على نفسها أو أن تمنع نفسها وشعبها من التفاعل والتعامل مع بقية دول وشعوب العالم.
ومن هنا فقد أصبح وضوح مبادئ وأساليب السياسة الخارجية لا يكفي وحده لقيام علاقات متكافئة بيننا وبين الدول الأخرى إذ لا بد مع ذلك أن نبقى في غاية اليقظة والحس المرهف حتى لا نقع دون أن نشعر فريسة لنفوذ الاستعمار الجديد الذي يتستر وراء الكثير من الأقنعة البراقة المادية والفكرية ليخفي الوجه القبيح للاستعمار القديم.
وهذا النوع من الاستعمار المقنع لم تعد تمارسه الدولة الكبرى وحدها لأن دولاً صغيرة تابعة لها اعتقدت أن من حقها هي الأخرى إيجاد مناطق نفوذ لحسابها الخاص ما دامت قادرة بإمكاناتها المادية أو الحزبية أو العسكرية على مزاولة أساليب استعمارية مقنعة أو مكشوفة تبسط نفوذها أو تستولي على أرض الغير أو تزاولهما معاً وكمثال على ذلك دور إسرائيل بعد زرعها في قلب الوطن العربي.
ولذلك يجب أن تكون علاقتنا الخارجية مع جميع الدول واضحة كل الوضوح وقائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ومبدأ التعامل بالمثل.
ولما كان ارتباطنا بالأمة العربية قدراً ومصيراً فإنه يتوجب علينا أن نواصل تفاعلنا الجاد مع كل أماني وطموحات الأمة العربية في تطوير وتنمية مجتمعاتها وتوظيف طاقاتها من أجل بناء المجتمع العربي القوي في أفكاره ووسائل حياته المتمسكة بعقيدته وقيمه.
وهذه الحقيقة تفرض علينا أن يكون لنا تفكير خاص بأولوية العلاقات القائمة فبحكم موقعنا وواقعنا لا بد وأن تكون لنا علاقات متميزة بالأشقاء في دول شبه الجزيرة العربية والخليج تقوم على الوضوح والتعامل المتكافئ والاحترام المتبادل وتتطور بالممارسة الأخوية لإبراز المصالح المشتركة من خلال مشاريع اقتصادية وتجارية وتعاون ثقافي وإعلامي واجتماعي تساعد في مرحلة من المراحل على وضع اللبنة الأولى من صرح الوحدة العربية المنشودة لأننا جميعاً جزء لا يتجزأ من الأمة العربية إيماناً بوحدة الوطن العربي كمبدأ راسخ لا يتزعزع ونضالنا من أجل بلوغ الوحدة المنشودة في مقدمة أهدافنا القومية.
كما أنه ينبغي أن نكون سنداً قوياً ودعماً حقيقياً لكل قضايا أمتنا العربية العادلة لا سيما قضية فلسطين التي تعتبر في مقدمة القضايا المصيرية ومن الضروري أن يكون لبلادنا دور أساسي في التضامن العربي والإسلامي وأن نجعل من التفاهم والتحاور أساساً لحل المشاكل بين الدولة العربية والإسلامية بدلاً من استخدام الوسائل التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة العربية والإسلامية.
ولما كان السلام هو هدف البشرية وغايتها المنشودة وفي ظله يمكن أن يسود الرخاء والعدل وأن تنتشر الرفاهية في كافة أصقاع المعمورة فإننا نرى أن السلام القائم على العدل لا يمكن أن يتحقق إلا بوضع ضوابط تمنع الدول الكبرى من استمرار استغلال الدول الصغيرة وتوقف ممارسة عدوان أي دولة على دولة أخرى.
ولهذا فإن التمسك بميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة وتضامن دول العالم الثالث والالتزام التام بمبادئ عدم الانحياز وتحقيق المزيد من التضامن بين الدول الإسلامية ودول العالم الثالث من شأنه أن يوجد معادلة مقبولة لحفظ التوازن بين الدول العظمى ويجعلها أكثر ميلاً نحو التسليم بأهمية توفير سلام عادل تنعم به البشرية.. وعلينا أن نعمل متضامنين مع الدول النامية لإيجاد نظام اقتصادي عالمي جديد يحقق قيام علاقة اقتصادية متكافئة قائمة على تبادل المنافع يلزم الدول الغنية والدول الصناعية المتقدمة بتقديم المساعدات للدول النامية ويمكنها من استيعاب التقدم العلمي والتكنولوجي والاستفادة منه في جميع المجالات حتى تتمكن هذه الدول من اللحاق بركب الحضارة الحديثة.
وبالتالي فإن سياستنا الخارجية ينبغي أن تقوم على انتهاج سياسة الانفتاح في التعامل مع مختلف الدول في إطار الأسس التالية:
1- ألا يمس هذا التعامل كرامة الدولة وإستقلالها السياسي والاقتصادي ووحدة أراضيها وشعبها.
2- أن تقوم العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والتعامل المتكافئ وألا تتجاوز حدود المصالح الأساسية للبلاد.
3- أن تكون العلاقات المتميزة مع دول شبه الجزيرة العربية والخليج واضحة ومتكافئة وسيلة من وسائل السعي المتواصل لتحقيق تعاون عربي شامل يدفع بقضية الوحدة العربي الشاملة خطوات إلى الأمام.
4- أن يستمر التزامنا بسياسة الحياد الإيجابي وعدم الإنحياز في الصراعات الدولية وأن نواصل دعم مبادئ التعايش السلمي وأن يكون لنا وجود فعال في لقاءات وجهود دول العالم الثالث ودول عدم الإنحياز وفي نطاق الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها.
5- أن يستمر تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض سياسة التمييز العنصري
|