طه العامري -
الاختطاف ظاهرة منافية للدين والقيم الإسلامية والأعراف والتقاليد ولكل النواميس الإنسانية, ناهيكم عن أن اليمن بتراثها وقيمها الحضارية وأعرافها القبلية وكل موروثها الأخلاقي والحضاري والقبلي تدين وتجرم ظاهرة (الاختطاف) والتعرض لكل آمن حر تحميه الدولة, سواء كان مواطنا أو زائرا أو خبيراً أو أيا كانت صفة (الضحية) الذي يقع فريسة لأبطال الظاهرة التي يبدو أنها تحولت من ظاهرة عابرة إلى مشروع استثماري يتكسب من خلالها البعض دون التفكير بسمعة ومكانة اليمن دولة ومؤسسات وشعباً وتاريخاً ومناخاً وعلاقات تعمل القيادة السياسية على نسجها مع العالم من حولنا، ويبذل فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح, جهوداً لتعزيز مكانة اليمن على الخارطة الدولية، ثم يأتي حفنة من المخربين والخارجين على القانون والنظام العام ليهدموا كل هذه الجهود التي تبذل من خلال جعل (الاختطاف) والتعرض للآمنين وسيلة للتكسب وتحقيق مصالح خاصة على حساب سمعة اليمن الدولية والقيادة والشعب، وبفعل يخالف كل القيم والنواميس والأخلاقيات والقوانين.
إن متابعة متأنية لظاهرة (الاختطاف) التي يقوم بها البعض من ذوي النفوس المريضة والخارجين على القانون غدت ظاهرة مقلقة ويجب أن يردع كل من يقوم بها بما يكفل هيبة الدولة والقانون واحترام النظام العام أيا كان الفاعل وكانت دوافعه ومبرراته، وشخصيا لم أعد أرى في الظاهرة غير أنها أصبحت ظاهرة خطيرة, وأخطر ما فيها ليس البعد الجنائي وغير الأخلاقي أو القانوني، بل أصبح أخطر ما في الظاهرة أنها غدت وسيلة للتكسب والابتزاز والارتزاق والثراء غير المشروع، وهنا قد تكون ظاهرة (الوسطاء) الذين يقدمون أنفسهم للوساطة بين الدولة ممثلة بأجهزتها الأمنية وبين الفاعلين الرئيسين للجريمة أخطر ما في المشهد، إذ أن (الوسيط) لم تعد قطعا تصدق وساطته أو تصدق نواياه الوطنية ولا يندرج في كل الأحوال في دائرة البراءة الفطرية, بل علينا أن نضع ألف علامات استفهام أمام بعض (الوسطاء) الذين قد يكونون هم من يدفعون بالفاعلين لدائرة الفعل ومن ثم الذهاب للمساومة والتوسط تحت شعار لا نريد إلا مصلحة الوطن والدفاع عن سمعته، لقد شاهدنا وخلال السنوات الماضية ظواهر سلبية ومنها - الاختطاف - والتعرض لعباد الله للمساومة على حريتهم وابتزاز الدولة والارتزاق من - الظاهرة - دون أن نعفي بعض المسئولين من داخل مفاصل السلطة والذي قد لا يكونون أبرياء من - الظاهرة - لدوافعهم وحساباتهم الخاصة..!!
إن ظاهرة (الاختطاف) يجب أن تتوقف وتختفي من حياتنا ومن بلادنا وأن نحافظ على سمعتنا ومكانتنا وعلى هيبة الدولة اليمنية ومؤسساتها, وأن ندرك أن هناك ألف متربص يقنص الفرص لتوجيه الضربات لمسارنا، وهناك من جعل مثل هذه الظواهر ومنها طبعاً (الاختطاف) وسيلة للتوظيف السياسي في سياقه الاستراتيجي أملا من خلال هذه الورقة في ممارسة المزيد من الضغوطات ضد بلادنا ومسارها وقرارها السيادي المستقل، وهؤلاء الذين يمارسون - الاختطاف - هم مجرمون بحق الوطن والشعب وبحق كل القيم التي يأخذ بها شعبنا ويتصف بها ويتخذها كنواميس حياة, فلا القانون ولا الدين ولا الأعراف القبلية تبيح مثل هذه الأفعال الشائنة والمسيئة لتحولاتنا ولقيمنا ولهيبة النظام الوطني، وعليه فإن من واجب الأجهزة المختصة الضرب بيد من حديد على كل من يمارس مثل هذا الفعل المشين أيا كان ومهما كان, فقانون الردع يجب أن يفعِّل وخاصة في مواجهة من يلجأ للاختطاف بحثا عن مطالب أو مكاسب دون أن يستثنى الوسطاء الذين هم في غالبهم شركاء للخاطفين ودافعين أساسين لهم لارتكاب الجريمة..
إن هيبة الدولة يجب أن تسود ويجب على كل من تسول له نفسه التفكير كثيراً قبل الإقدام على جريمة (الاختطاف) لأي كان، وهذا لن يكون إلا بتفعيل قانون الردع والضرب بيد من حديد على كل من يقلق السكينة بعيدا عن أي اعتبارات أو حسابات أو دوافع فهيبة الدولة فوق كل الحسابات والاعتبارات، وفرض احترام القانون فعل مقدس وواجب وطني ومسئولية كل صاحب قرار هو التصدي للظاهرة وإنزال العقاب المناسب على الفاعلين والمحرضين والدافعين والمتورطين والمتواطئين على حد سوءا..
بيد أن ظاهرة الاختطاف يجب أن تختفي وتتوقف وهذا مطلب لا يقبل التأجيل ولا التسويف ولا المماطلة والتراخي, بل يجب أن توجه الظاهرة بقوة ويجب معاقبة كل من يقوم بها بحسم ودون رحمة أو تردد، فالوطن أكبر من كل هؤلاء مهما كانت دوافعهم ومكانتهم ولا نعتقد أن هناك مكانة لخاطف أو دافع أو ذريعة قابلة للتسويق، فالخطف جريمة بحق الوطن والجريمة الأكبر هي أن نجد الوسطاء هم رأس الشر ومصدر الجريمة ودافعها والمحرضين عليها والقضية في النهاية ابتزاز وارتزاق واستثمار، هذا على الصعيد العابر, لكن في البعد الآخر تدفع اليمن ثمنا باهظا جراء هذا الظاهرة وعلى مختلف الجوانب, ناهيكم عن أن الاختطاف قد غدا ظاهرة تحمل غايات سياسية ونوايا خبيثة خاصة وأن هناك من يستغل الظاهرة للمساومة, ولكن في المسارات الأخرى وهي الأخطر، فهل نقبل أن تظل الظاهرة سيفا مسلطا على هامة الدولة والنظام والقانون ومحل تداول إعلامي واسع النطاق تنسج من بين مفرداته سيناريوهات سياسية واقتصادية وحسابات أخرى لا حصر لها، يقال أن معظم النار من مستصغر الشرر، وعليه لا بد من حسم ظاهرة (الخطف) بقوة وبطريقة رادعة تحول دون التفكير بتكرارها من قبل أي كان ومهما كان, فالقانون يجب أن يقدس ويصان وحرية الفرد يجب أن تحميها قوة القانون وهيبة الدولة.. فهل نفعل؟.. هذا ما نأمل ونرجو ونستجدي حدوثه..
عن صحيفةالثورة
[email protected]