ابن النيل -
اعتدنا نحن العرب.. دون غيرنا من سائر بني البشر.. أن نتعمد التقليل من شأن مايتحقق لنا من انتصارات أو مكاسب على هذا الصعيد أو ذاك، أياً كان حجم أثرها وتأثيرها.
فقد راح البعض من بني قومنا- مع الاسف الشديد- يشككون كعادتهم دائماً.. في حقيقة ما أدى إليه ذلك الصمود الاسطوري غير المسبوق لأهلنا في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، تحت وطأة محرقة صهيونية هي الأكثر بشاعة على مر العصور، من آثار ونتائج لاينبغي تجاهلها تحت أية ذريعة كانت.
فعلى الصعيد الميداني.. لم تتمكن قوات جيش العدو - على مدى ثلاثة أسابيع أو يزيد- بكل ما لديها من أحدث وسائل القتل والتدمير، من تحقيق ما استهدفته عملياتها العسكرية القذرة هذه، اللهم إلا إذا كان قتل الابرياء من المدنيين - شيوخاً ونساءً وأطفالاً- من الممكن احتسابه مكسباً على سبيل المثال، في حالة ما إذا تجاهلنا مدى تعريته لحقيقة بني صهيون وإبطال مفعول محاولتهم تزيين صورة كيانهم العنصري المصطنع.
فلا أهالي غزة- وهم الأكثر تضرراً بفعل هذا الذي حدث - أعلنوا استسلامهم ورفعوا الراية البيضاء في مواجهة مغتصبي حقوقهم، ولا رجال المقاومة وقعوا في فخ استدراجهم خارج مدنهم ومخيماتهم لملاقاة جحافل العدو في معركة غير متكافئة وبكل المقاييس، بحيث يتسنى تكبيدهم خسائر جسيمة في الأرواح من شأنها إضعاف قدراتهم القتالية بعدها، بينما لم تشأ القوات المعتدية خوض مغامرة حرب الشوارع معهم، على ضوء إدراكها المسبق لحجم مايمكن ان تتكبده من خسائر في حالة كهذه.وفوق كل هذا وذاك.. فقد حظي خيار المقاومة بأوسع التفاف حوله على المستوى الشعبي، وبما يكفل اسقاط خيار المساومة على حقوقنا المغتصبة، وإلى غير رجعة بالمقابل.
فما الذي كان يبتغيه هؤلاء المشككون بنصر غزة إذاً، هل كانوا يبتغون ان يتولى المحاصرون من بني جلدتنا في هذا القطاع المنكوب مهمة تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، من الماء الى الماء، نيابةً عن جيوش أمتهم التي ارتكب عديد حكامها حماقة تجميد دورها أو إلغاء وظيفتها بمحض إرادتهم..؟!