جمال عبدالحميد - ظلت ومازالت معظم المساجد المنتشرة في عموم محافظات الجمهورية والتي يزيد عددها عن (50) ألف مسجد تحت سيطرة خطباء حزب التجمع اليمني للإصلاح.. وأصبحت هذه المساجد وبلا منافس أحد أهم الوسائل الإعلامية الرئيسة التي يستغلها الإصلاحيون لايصال رسائلهم الحزبية والدعائية لجموع المصلين طوال أيام الأسبوع.
ومع استمرار الصمت الرسمي حيال الاستغلال السياسي لحزب الإصلاح لهذه المساجد.. صارت خطبة الجمعة من كل أسبوع أحد أهم الأدوات الدعائية الخطيرة التي يتم من خلالها بث مفاهيم خاطئة ومزاولة الخداع السياسي وتزييف الوعي الاجتماعي وما يترتب على ذلك من مخاطر على مستقبل الديمقراطية في الوطن.
ذلك ان هذه الأماكن المقدسة التي وجدت أصلاً للعبادة قد جعلها خطباء الإصلاح منابر لتحقيق أهداف حزبية ضيقة واستغلها في خطابه الديني للتأثير على جموع المصلين عاطفياً ودينياً لدفعهم إلى التعاطي وبحسن نية لكل ما يقال لهم أو يملى عليهم من هذا الخطيب أو ذاك.. حتى وصل حال هؤلاء إلى استغلال خطبة الجمعة من كل أسبوع إلى الابتزاز الرخيص للمواطن لتحقيق أهداف نفعية ضيقة واستثمار هذه المنابر لجمع تبرعات مالية بعد الصلاة تحت دعاوى دعم مشاريع خيرية وهي مشاريع للأسف لم ترَ النور اليوم ولن نراها غداً.. وبجملة واحدة تعالوا معي لكشف »العلة« وبعملية حسابية بسيطة من جمعة إلى أخرى وطوال هذا العام دون الأعوام الأخرى.. دعونا نحصي ونجمع ما ربحوه الخبرة..
وبافتراض ان متوسط ما يتم جمعه من مبالغ عقب كل صلاة جمعة (5.000) ريال بالمتوسط في تلك المساجد التي يزيد عددها عن (50.000) مسجد في عموم محافظات الجمهورية، وحتى تكون الحسبة قريبة من الواقع ومنسجمة مع المنطق وبعيدة عن المبالغة علينا ان نستبعد في حسابنا (10.000) مسجد لم يتم تحصيل أي مبالغ تذكر منها لأسباب مختلفة.
فإن المحصلة النهائية لما تم جمعه في (40.000) مسجد من المساجد المنتشرة في عموم محافظات الجمهورية في العام يكون كالتالي:
40.000 مسجد* 48 جمعة في العام *5.000 ريال بالمتوسط في كل جمعة = (9.600.000.000) ريال.
لاحظوا تسعة مليار وستمائة مليون ريال.. ربح حزب الإصلاح من كل الذي جُمع في العام.. دون حساب الأعوام الماضية الأخرى..
وبذلك يكون خطباء الإصلاح قد ضربوا ضربتهم في صفقة واحدة، وربحوا ما لم يستطع ان يربحه في سنة كل مواطني اليمن مجتمعة.
هذه صورة مبسطة من صور ومشاهد مختلفة تبين الاستخدام السيئ لخطباء الجمعة في حزب الإصلاح الذين يجيرون مثل هذه المنابر وغيرها في الحدود التي تحققت لهم مكاسب أنانية خاصة واستخدامها كسلاح لمعاركهم الأيديولوجية والعقائدية المعروفة بالابتزاز والإرهاب الفكري والقمع السياسي.
وختاماً: نقول إذا كان خطباء الإصلاح قد راهنوا على خطبة الجمعة وجعلوها مكاناً لطرح وترويج مفاهيمهم السياسية ومقاصدهم الحزبية ومكاسبهم النفعية الضيقة، فنحن نقول لهم: إنه رهان خاسر.. لأنه باختصار يبين حجم الهوة السحيقة بين البرامج النظرية العقيمة التي يبيعها حزب الإصلاح في خطابه السياسي الدعائي في كل يوم جمعة خصوصاً وطوال أيام الأسبوع عموماً وبين مصداقيته وشفافيته في الكشف عن موارده الحقيقية وإمكاناته المالية المتراكمة وقدرته ووضوحه في توظيف هذه الأموال المجمعة من أقوات المصلين الطيبين البسطاء وترجمتها في مشاريع خيرية في الواقع المعيش خدمة للوطن والمواطن..
ويبقى السؤال: كيف يمكن ان »تردموا الهوة« وتكسبوا الرهان في مثل هكذا حيلة.
|