أمين الوائلي - قبل عشرة أيام أو أكثر قرأت ذلك المقال في ذلك الموقع .. وتوقعت أن يكون صاحبي قد قرأه .. حتى شرعت عيناه بالضحك.
أعرف أن الرجل عدو لدود للعبوس وقليلي العقول .. ممن يدعون أن أعزّ ما يملكون في هذه الدنيا العقل!! وهم يضحكون لا غير.
هذا في أصل طبيعته، ولكنه أيضاً تعود أن يصعر خده لـ “شر البلية”.. وأن “يكركر” ما وسعه كرشه الخفيف ومزاجه الرائق. فإذا ضحك .. فعلها ببساطة متناهية .. ومن “قاعة قلبه”.
وبالمناسبة لدى الرجل “قاعة” قلب واسعة ومؤثثة، ولكنها ليست للإيجار، ومن دخلها مرضياً لم يخرج منها إلا بأحد اثنتين:
- إما أن يقترف بنفسه خطيئة النكران أوالتنكر، وساعتها “سرحة أبوه”!
- أو أن يقصف عمره الموت، فقط لا غير. وبعض من مات لم يغادر تلك القائمة!
على سبيل الامتنان، يطيب لي دائماً التشرف بمعرفة رجل مغاير مثله، وفكر متحرر من عادات الكسالى ومن أساطير الأولين، وعقل يكد ويكسب زاده المعرفي بعمل يديه لا من جراب عقول الآخرين.
لطالما احتفيت باختلافي عنه .. ومعه .. وحوله. وأقدر أن الاختلاف مع مثله مكسب وقيمة أصيلة، إذ قلما تحظى بفرحة نادرة وعزيزة كهذه .. تتيح لك متعة الاختلاف مع وجهك الآخر، ومع رجل مفكر لا مهرج، ومع صاحب رؤية تخصه .. لا مع مقلد تخصصه “التنكواع”، و”البطالة”، وتلوين الفراغ الداخلي الرهيب بأشواك الطلح وعيدان الساج اليابس!
الرجل يساري بلا توقف .. يميني بلا هرطقة .. وسطي بلا مساومة، يكره “إسرائيل” .. وينتقد “حماس”، ولا يتحدث عن “فتح” و”منظمة التحرير” .. فلديه مبررات كثيرة تجعله يغض عن الموتى - سريرياً!ّ
لا يجهل قدر “مصر” أم الدنيا، ويحب الشام و”سوريا”، ويفهم أن “قطر” الصغيرة في مساحتها .. كثيرة في رسالتها وإمكاناتها الحضارية. يقدر “السعودية” .. دوراً وأهمية ومكانة .. وله أكثر من ثلاثمائة وأربعة وستين سؤالاً حول الريح القادمة من الشرق وما وراء الرافدين!!
يمقت الإرهاب .. وأظنه يحب الكباب وأفلام عادل إمام .. والأغاني الطربية المستعجلة نوعاً ما. يمضغ القات ويبلعه مع الشاي أو القهوة أو شراب الزنجبيل .. يقول إن ذلك مفيد جداً للبواسير(!!) والنصيحة لكم مجانية بالاستفادة من هذه الوصفة .. جربوا.
فوق هذا وذاك .. فهو مواطن يمني من حق “تعز”، لم يتذمر يوماً من صلعته الناصعة، مملوء بالهدوء والصخب، يحب اليمن أكثر مما يحب السياسة والأحزاب والمجتمع المدني، ويبذل جهده لتحطيم “أوهام الكهف” التي تحدث عنها “بيكون” وتشجيع الناس على ممارسة التفكير بمعزل عن خدمات الآخرين وإملاءاتهم .. هذه تحديداً هي فضيلته المؤلمة .. وذنبه الفاضل!
في الظروف الملائمة ومتى دعت الحاجة .. أغتنم الفرصة لأكتب إلى جواره في أخيرة هذه الصحيفة “الديمقراطية” - بامتياز” لا لكي أوافقه بل لكي أختلف معه، لأنه يستحق .. ولأنني كذلك، أزاول حرفته وأحذو حذوه في القراءة والتفكير والحوار بلا حواجز وبمعزل عن الغالبية “المختتة” أو القلة “المكلفتة”! وأعده أو أعاهده أن لا أكف عن اقتراف متعة الاختلاف مع داعية إسلامي، علماني، أممي، عاقل، مجنون، وإنسان، مثله.
الرجل .. فيصل الصوفي .. مع حفظ الألقاب التي تنتسب إليه وليس العكس - : ذلك المقال في ذلك الموقع .. يشهد بأنك نجحت في التحريض على ممارسة الحرية والحوار بلا هوادة.
أعرف أنك كركرت حدَّ الثمالة .. وكتبت عنه انتصاراً لفكرة رفض التهديد أو التحريض ضد الرأي المغاير .. ورفضاً للقمع والمصادرة. ورفضاً لمصائب القراءة بعيون الجلادين وعقول المحتسبين.
أتضامن معك .. بلاحدود .. إلى آخر الحرية التي لا آخر لها. وأضمن الآن أنك لا تنتظر بياناً تضامنياً مشابهاً بإمضاء نقابة الصحفيين اليمنيين .. وإن كان حقك أن تحصل عليه .. ولكنك لن تحصل عليه؟
ببساطة لأنك غير معني بخرافة “النضال السلمي” .. ولأنك تبحر ضد “التيار” .. ولأنك لا تأكل من صحاف “المشترك” ولا تكتب في صحفه .. فهنيئاً لك هذا القدر من الاخضرار.
ما أسعد (14 أكتوبر) بك.
.. تقبل مني هذا العزاء .. والتبريكات.
سلم على عبدالحكيم عبيد، وخصوصاً خصوصاً جمال الهجري - أمين صندوق “22 مايو”(!!).
ولا تنسى أن تقبل - عني - صلعتك الكثيفة (..) وشوف أنت كيف ستفعل ذلك.
الأمور تمام .. ومحمد المطري لا يزال الإنسان الوحيد الذي تركته لنا .. وقاتي زلج الآن .. مع السلامة.
|