تحقيق: بليغ الحطابي- توفيق الشرعبي - - بتفاؤل كبير تحدثن وأكدن العزم على المطالبة بتوسيع مشاركتهن المجتمعية والسياسية، ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية لزم على المرأة- التي أصبحت جزءاً رئىساً منها وفيها- ورقماً صعباً في مجمل المعادلة السياسية- أن تذكِّر »بميثاق الشرف« و»الكوتا« والاتفاقات السابقة للأحزاب حتى تأخذ دورها »كمرشحة« وليس ناخبة فقط.. ورغم ما تمارسه الأحزاب تجاه المرأة إلاّ أنها بدت متفاءلة بمستقبل واعد.. وفيما لايزال موقف أحزاب اللقاء المشترك غير واضح المعالم من قضية تمكين المرأة سياسياً وافساح المجال أمامها وإعلان تحديد نسب تمثيل لها في الانتخابات المحلية القادمة.. فإن آمال المرأة وطموحاتها لولوج الحياة السياسية سيظل مرهوناً بمدى مناصرة وتأييد الأحزاب السياسية.. وتضمين قوائم مرشحيها لعناصر نسائية لإثبات مصداقيتها في دعم المرأة والخروج من حالة الانفصام الحاد بين الخطاب السياسي لأحزاب المعارضة وبين الواقع الفعلي لممارسات تلك الأحزاب.. والذي يعود- كما تقول الدكتورة بلقيس أبوأصبع استاذ العلوم السياسية جامعة صنعاء- إلى ضعف الدور الذي تلعبه النساء في أحزاب المعارضة وعدم اشراكهن في صياغة هذه المبادرات..
- وبالنظر إلى موقف التجمع اليمني للإصلاح من قضايا النساء وإشراكهن في القرار السياسي حيث يسوده جناحان الأول شبه ليبرالي يزيد مشاركة المرأة ومناصرة قضاياها، والثاني متشدد وممانع.. فكان دخولها مجلس شورى الإصلاح (اللجنة المركزية) من أسخن القضايا في المؤتمر العام الثاني للتجمع والتي انتصر فيها جناح التجديد (الأول) بانتخاب سبع مرشحات لمجلس الشورى.. رغم عدم القدرة على حسم الموضوع بقرار صريح للمؤتمر.. على اعتبار ان القضية شرعية وليست خاضعة للتصويت.
ففي الوقت الذي يرى فيه عدد من فقهاء الإصلاح (من أصحاب الجناح الثاني) عدم جواز دخول المرأة إلى مجلس الشورى لأنه يدخل في الولاية العامة التي اختص الله بها الرجل..
إلاّ أن أصحاب الرأي الثاني (المجددون) يرون ان ذلك لايدخل ضمن الولاية العامة وإنما من قبيل الولاية الخاصة التي لايوجد دليل شرعي يمنع المرأة من المشاركة فيها..
وفي اليوم الثاني لمؤتمر حزب الإصلاح طرح الرأيان على أعضاء المؤتمر ليس للتصويت وإنما ليأخذ كل واحد منهم بالرأي الذي يناسبه، وهو ماكشف عن عدم فهم واختلاف في فهم النصوص الشرعية، وتهرب واضح من تحديد دقيق لموقف الإصلاح من قضية مشاركة المرأة سياسياً.. إلاّ أنه في نفس الوقت متشبثاً بها كصوت واستغلالها كسلعة بشعارات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب!!
- وإذا ما رجعنا إلى مبادرة أحزاب اللقاء المشترك فإننا سنجد تغييباً واضحاً وفاضحاً لدور المرأة ولمشاركتها لا من قريب أو من بعيد.. وهذا ما يؤكد التناقض المريب بين الخطاب والفعل، رغم الدعوات والمطالبات اللامحدودة من القيادات النسوية من مختلف شرائح المجتمع ولكن دون جدوى.. وهو ما يؤكد استبعاده تماماً ونكرانه لدور المرأة.
التواجد وقضاياه
- ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية القادمة لم يصدر عن الأحزاب شيء ما يوضح موقفها من قضية المرأة ومشاركتها- باستثناء المؤتمر الشعبي العام- الذي يعتبر بحسب الأخت فائزة البعداني- رئىسة القطاع النسوي للمؤتمر الشعبي العام بمحافظة إب داعماً أساسياً للمرأة والانتصار لقضاياها على الدوام كذلك.. بتخصيص نسبة 15٪ في جميع الدوائر المحلية.. وإن كانت نسبة قليلة بحسب فائزة البعداني، إلاّ أنها خطوة جريئة، الأمر الذي يؤكد المكانة المرموقة الصحيحة التي أصبحت عليها المرأة في المؤتمر وفي جميع الهياكل التنظيمية والقيادية وفي أجهزة الدولة والمؤسسات الحكومية.. وذلك إيماناً منه بأن تحديث ونهضة المجتمع لاتقوم إلاّ بالشـــراكة الفعــلية بين مختلف فئاته (رجالاً ونساءً)..
- فيما طالبت الأخت رحمة محمد صالح الشرعبي- رئيس القطاع النسوي للمؤتمر الشعبي العام -محافظة تعز- في السياق ذاته الأحزاب الأخرى ان تمنح المرأة الفرصة الكافية في اثبات ذاتها.. وان تحذو حذو المؤتمر الشعبي العام الذي أخذ بيد المرأة في كثير من مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.. وان تطبق أقوالها إلى أفعال دون مزايدة كما تعودت دائماً..
- وتؤكد الأخت فاطمة الحريبي- أمين المجلس المحلي بمديرية التحرير أمانة العاصمة- أنه إذا لم تكن الأحزاب جادة في دعم المرأة ومنحها الإمكانات والدعم الكافي (المادي والمعنوي) لن يكون هناك أي تقدم للمرأة.
- فيما تشير الأخت انتصار سنان- اللجنة الوطنية للمرأة- إلى أنه أصبح للمرأة إرادة قوية تجعلها أكثر استعداداً لخوض الانتخابات القادمة للترشح.. مؤكدة ان هناك نساء ذات كفاءات وقدرات عالية في مختلف الأحزاب السياسية..
شك وشكاية
- وكأول تجربة تشهدها بلادنا هي انتخابات السلطة المحلية عام 2001م حيث لم تشهد تحسناً في ترشيح النساء.. فلم يتجاوز عدد المرشحات للمجالس المحلية للمديريات والمحافظات (147) امرأة انسحب منهن (27) امرأة.. وبلغ عدد المرشحات (108) امرأة في المديريات و(12) لعضوية المجالس على مستوى المحافظات فازت منهن (38) امرأة فقط.. وتشير مؤشرات الاقتراع إلى ان مشاركة المرأة كان 1-5٪ في أحسن الحالات.. ويرجع ذلك بحسب الدكتورة أبو أصبع إلى الشك في صدق التوجهات الداعمة للمرأة التي تحس أنها جزء من البريق الإعلامي وليست جوهر العملية الديمقراطية.. إضافة إلى تنامي الخطاب الموجه إلى مشاركة المرأة الناخبة وعدم تشجيعها كمرشحة، وهو ماجعل مشاركتها كناخبة ضعيفاً جداً قياساً بكل العمليات الانتخابية التي عرفتها اليمن.. إضافة إلى تفاوت المستويات العلمية للمرشحات.
غموض
- وتشير احصاءات اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء إلى تنامي حالة الوعي لدى النساء بأهمية الانتخابات.. حيث ارتفعت نسبة مشاركة النساء من 15٪ عام 1993م إلى 36٪ عام 1997م لتصل عام 2003م إلى 42٪ من إجمالي عدد المسجلين من الجنسين وهو ما يؤكد فاعلية وأهمية صوت المرأة في الانتخابات ويفتح شهية الأحزاب لكسب صوتها ناخبة ومرشحة وليس ناخبة فقط، كما تفعل أحزاب المعارضة وخاصة حزب الإصلاح الذي يعتمد على قوة الصوت الانتخابي للمرأة في الفوز بالانتخابات رغم أن موقفه من مشروع نظام الحصص للنساء (الكوتا) لايزال غامضاً من بقية الأحزاب الأخرى المنضوية تحت اللقاء المشترك..
تفعيل الإدارات
- وبالنظر إلى مشاركة المرأة في المجالس المحلية فإنها لاتزال دون الطموح المنشود للمرأة- بحسب كثير ممن استطلعنا آراءهن.. كما لايتناسب مع ماجاء في النصوص القانونية والدستورية الكاملة لتكافؤ الفرص..
حيث ترى الأخت فاطمة الخطري- مدير عام إدارة المرأة بوزارة الإدارة المحلية- ان تفعيل مشاركة المرأة في المجالس المحلية لايمكن أن تتحقق مالم يتم تفعيل وتنفيذ المهام المناطة بإدارة تنمية المرأة بالوزارة والمنصوص عليها في اللائحة التنظيمية لدواوين المحافظات والمديريات ورفع الوعي المجتمعي والتنموي للمرأة ولدوها الفاعل في التنمية المحلية وزيادة مشاركتها في المجالس المحلية مع تفعيل دورهن فيها.. إضافة إلى توفير الإمكانات اللازمة للتوعية والتدريب والتأهيل.. إلى جانب دعم جهود إدارات تنمية المرأة في المحافظات من أجل تشجيع إقامة المشاريع الإنمائية والإنتاجية بما يزيد من تحسين مستوى معيشة المجتمع المحلي ومكافحة الفقر.. وإنشاء لجنة لشؤون المرأة على مستوى المحافظات إضافة إلى اللجان المنصوص عليها في القانون والتي تختص بتطبيق برامج المرأة التنموية..
أما على مستوى أجهزة السلطة المحلية فتشير الخطري إلى أهمية إتاحة الفرصة أمام المرأة للوصول إلى مواقع القيادة العليا واتخاذ القرار في أجهزة السلطة المحلية من خلال التعيين انطلاقاً من مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة التي ينص عليهما الدستور والقوانين النافذة.
بناء القدرات
- أكثر من (250) امرأة في سائر محافظات الجمهورية عقدن العزم على خوض غمار المعترك الانتخابي القادم.. إلاّ أنها لاتزال تعاني من اشكالات تحول دون نجاحها ولعل على رأسها ضعف الدعم الحزبي تجاه الدفع بمشاركة المرأة لاسيما المنضوون تحت مسمى أحزاب المشترك.. حيث يسعى برنامج بناء قدرات المرشحات لانتخابات المجالس المحلية الذي ينفذه المكتب التنفيذي لاتحاد نساء اليمن بالتعاون مع السفارة الهولندية على أربع مراحل لأكثر من (150) متدربة عازمات على خوض الانتخابات القادمة ويشمل هذا البرنامج جميع النساء الحزبيات والمستقلات.. ويأتي هذا البرنامج نتيجة دراسات تمت في هذا المجال حول سبب تدني عدد المرشحات في الانتخابات عام 2001م رغم تواجدها الكبير في سجلات جداول الناخبين، حيث وصل عددهن في انتخابات 2003م إلى (3.414.640) ناخبة من أصل ثمانية ملايين ناخب وناخبة.. لذا فإن محاولات ولوجها مؤسسات صنع القرار وحجم وجودها قد شهد تراجعاً ملحوظاً.. كما ذكرناه سابقاً.. وبحسب الاستاذة رمزية الإرياني رئيسة الاتحاد فإن البرنامج يتركز على التوعية بالقوانين الانتخابية وقانون السلطة المحلية واللوائح التنفيذية الصادرة.. إضافة إلى بناء القدرات لمنح المرأة القدرة على إدارة حملتها الانتخابية والتدريب والتأهيل من خلال تغيير الوعي المجتمعي وتغيير وعي النساء اللاتي يرغبن بخوض المجال السياسي..
فيما سعى- على نفس الصعيد- منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان تدريب أكثر من (50) مرشحة حزبيات ومستقلات من جميع محافظات الجمهورية وذلك لزيادة الوعي لدى النساء ورفع قدراتهن واكسابهن المهارات والكفاءات الكافية للمنافسة الجادة في الانتخابات.
تشريعات لاتفرِّق
- أما من حيث القوانين فيؤكد الاستاذ علي أبو حليقة- رئيس اللجنة الدستورية والقانونية بمجلس النواب- ان قانون الانتخابات ينظم العملية الانتخابية بشكل عام سواءً المحلية أو النيابية أو الشوروية كما لم يفرّق على الاطلاق بين الرجل والمرأة.. فنجده يقول مثلاً: »الناخب« وهو الرجل والمرأة.. كما أنه لايجب التفريق في النص القانوني ويجب أن تكون عامة.. ويضيف لذا على المرأة أن تناضل من أجل الحصول على حقها وأن تصل إلى ماتريد في السلطة عبر قانون الانتخابات الذي يتيح لها ذلك ويؤهلها.. مشيراً إلى أن المشكلة لاتكمن في التشريع وإنما في الأرث الاجتماعي الذي نعيشه، والثقافة الاجتماعية التي توارثناها من الماضي..
موضحاً أنه لو كان التشريع هو السبب لما صعدت كثير من النساء للعمل في المجالس المحلية والنيابية.. لذا فالسبب في المجتمع الذي يمتلك هذه الموروثات ويحاول أن يضع المرأة في زاوية ضيقة.
|