الميثاق نت -

الإثنين, 16-فبراير-2009
د/ علي مطهر العثربي -
لم يكن غريباً أن يصر الشعب على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد لأن أحزاب اللقاء المشترك أبدت تعنتاً حيال الانتخابات النيابية لأنها لم تتمكن من تنظيف سجلها الوطني، وتصلح شأنها مع الإرادة الناخبة صاحبة الحق الطبيعي في منح الثقة أو حجبها، بل الأكثر من ذلك أن هذه الأحزاب غير قابلة بالتعايش والتداول السلمي للسلطة في إطار الدستور والقانون، وتعتقد أن المعارضة محصورة في شخوص القيادة الحزبية المكونة لتلك الأحزاب فقط، وما دون ذلك فإنها ترفض الاعتراف به، وهو أمر في غاية الخطورة من وجهة نظر الشارع اليمني الذي بات على درجة عالية من الوعي والإدراك، إذْ أن الشارع اليمني يقول إذا كانت قيادات هذه الأحزاب التي لم يتجاوز عددها أصابع اليد لا تعترف بالأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى، التي يتجاوز عددها الـ16 حزباً وتنظيماً سياسياً، بعضها أعرق من أحزاب تكتل اللقاء المشترك، ناهيك عن منظمات المجتمع المدني، فمن الطبيعي أن ترفض إرادة الناخب، ولا تحترم الهيئة الناخبة، ولا أدل على ذلك من سعيها للحصول على توافق خارج إطار الدستور والقانون.

إن ما تدعيه تلك الأحزاب من إصلاح للعملية الانتخابية غير واضح في طرحها، بل أن ما تطرحه اليوم تلغيه غداً، وما بات ضرورياً اليوم سيصبح في الغد غير ذي جدوى، وهكذا فهي تدور في حلقة مفرغة لم تستطع تحديد أهدافها الاستراتيجية الوطنية، ولم تقدم رؤية وطنية تلامس هموم وتطلعات الجماهير، ونتيجة لهذا الإفلاس ليس أمامها من طرح غير الخوف من عدم نزاهة الانتخابات، الأمر الذي أضحك المواطن البسيط، ففي أحد اللقاءات سألني أحد المواطنين البسطاء بقوله: لماذا تتخوف أحزاب المشترك من الدخول في الانتخابات؟ قلت هذا السؤال ينبغي أن تجيب عليه أن من خلال ما فهمته من طرح هذه الأحزاب، قال: الذي فهمته أنها تخاف من عدم وجود ضمانات للنزاهة، قلت وهل من وجهة نظرك كمواطن شاركت في كل الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية السابقة، إن هناك فرصة للشك في العملية الانتخابية؟ قال: لا يمكن، قلت لماذا؟ قال للأسباب التالية:
- إن اللجنة العليا للانتخابات مكونة من كل الأحزاب السياسية.
- إن اللجان الأصلية مكونة من كل الأحزاب السياسية.
- إن اللجان الفرعية ولجان الصناديق من كل الأحزاب السياسية، وكل واحد يراقب الآخر.
- وجود المرشحين ومندوبيهم في كل صندوق.
- وجود الرقابة المحلية ومنظمات المجتمع المدني.
- وجود الرقابة الدولية واسعة الانتشار.
- الشفافية المطلقة في العملية الانتخابية.
- وجود الصورة في السجل الانتخابي للناخب.
- إن عملية فرز وإعلان النتائج تتم في كل مركز انتخابي.
- القضاء الذي يفصل في الطعون الانتخابية مبدئياً.
- رقابة أجهزة الإعلام التي تفصح أية مخالفة أولاً بأول..الخ.
قلت ورقم ذلك فإن هذه الأحزاب لا تعترف بهذه الضمانات ولم تقدم بدائل أكثر جدية من ذلك.

إن الحقيقة التي تحاول تغيبها تلك الأحزاب في زحمة المغالطات والاستقواء بالمنظمات الدولية التي لم تنطل عليها ألا عيب الكيد السياسي، هي أن هذه الأحزاب مفلسة جماهيرياً وأن نزعة الوصاية التي نشأت عليها هذه الأحزاب سيطرت على تفكيرها، وأن نظرتها إلى الهيئة الناخبة نظرة قاصرة ودونية، ولم تقدر بأن الشعب لم يقبل بالوصاية، وأن درجة الوعي الجماهيري فوق الصور الذي هيمن على قيادات تلك الأحزاب.

وعليه فإن المطلوب أن تتكاتف الجهود في سبيل حماية التجربة الديمقراطية من أية محاولات مغرضة، وأن ينطلق الجميع من إرادة الناخب، وأن يتم التعامل مع الهيئة الناخبة باحترام، وأن تقدم البرامج الانتخابية ليختار المواطن الأكثر قرباً من همومه وآماله وتطلعاته، وعلى الذين ما زالوا يعتقدون أنهم أوصياء على الشعب أن يدركوا بأن الشعب قد شب عن الطوق، ولا يمكن أن يمنح الثقة ألا لمن كان عند مستوى قدسية التراب الوطني وعلى رأس أولوياته هموم الناس وتطلعاتهم بعيداً عن المزايدة والمناكفة السياسية الرخيصة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-9066.htm