كلمة الميثاق - الديمقراطية في تعبيرها المباشر لمبدأ التداول السلمي للسلطة يتجلى في الانتخابات التنافسية الحرة الشفافة المجسدة لقواعد التعددية السياسية والحزبية التي هي أسس متعارف عليها في كل الديمقراطيات ولا فرق هنا بين الدول المتقدمة والدول النامية إلاّ من حيث الوعي الجمعي للشعب وقواه الحية من أحزاب وتنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني.. وهذا كله متوافر في الخيار الديمقراطي من أول يوم لأخذ اليمن بهذا النهج الذي تلازم مع قيام الجمهورية اليمنية ليكون الطريق الذي به تشيِّد صروح الدولة اليمنية الحديثة.
من هنا فإن التعاطي مع الانتخابات من قبل البعض كفرصة للضغط والابتزاز لتحقيق مكاسب حزبية خارج السباق الديمقراطي هو تفكير قاصر لا يدرك من يمارسه تبعية ما يقوم به والى ماذا يؤدي.. فالبديل بدون شك الحوار في سياقه الصحيح والسليم حول قضايا وطنية حيوية وهو كان ومازال وسيبقى راسخاً كنهج للمؤتمر الشعبي العام انطلاقاً من ايمانه بالشراكة في تحمل المسئولية تجاه الوطن، والتي تقع على عاتق كل ابنائه وهو يعمل على أن يكون الحوار توجهاً لكل القوى السياسية في الساحة الوطنية لاسيما في هذه الفترة الدقيقة على الصعيد الداخلي والخارجي، والمؤكد بالمشهد الاقليمي والعربي والعالمي مما يفترض من الاحزاب السياسية أن ترتقي الى مستوى التحديات والمخاطر التي تفرزها الاحداث المتسارعة ومن ثم البحث عن الوسائل لمواجهة استحقاقاتها وطنياً والنفاذ من قشور القضايا الى جوهرها وهذا يستدعي خروج البعض من مربع المنطق الانتهازي الى الافق الواسع للمصلحة الوطنية.. وكما هو واضح فإن جعل الانتخابات النيابية القادمة ورقته الرابحة للوصول الى غاياته من الشكليات قضايا رئيسة في حين أن ما هو رئيس في موضوع الانتخابات حسمه الدستور والقانون وما اتفق عليه في جلسات الحوار وأي تفاصيل لا تتعارض مع الثوابت الوطنية يمكن التفاهم عليها ليس بالعمل على المزيد من افتعال التأزيم بل بخلق المزيد من أجواء مناخات الانفراج -عندها فقط يمكن القول إن اليمن قادر على استيعاب أية تداعيات سياسية واقتصادية للوضع الدولي وتجاوزها بالمضي قدماً الى الامام في مسار نمائه وتطوره وازدهاره، لذا ينبغي على من يعتقد أن بإمكانه توظيف المظاهر السلبية الموضوعية واستغلالها لتحقيق مصالح خاصة به سيكون هو أول الخاسرين -وعلى هؤلاء ألا ينظروا الى الامور من منظور ضيق وأن يوسعوا فضاءات رؤيتهم ليتبينوا مدى أهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ولا يتعاملوا مع ما قدم لهم من تنازلات أنه يرجع الى ذكائهم ودهائهم السياسي وانما الى تغليب المصلحة الوطنية وعليهم أن يرتقوا الى مستوى الرؤية الاستشرافية لمعطيات الفترة التاريخية والأخذ باعتبار أن جزءاً من محيطنا العربي والفضاء الدولي الذي يتوجب أن نكون في خضم معطيات تفاعلاته التي حتى الآن غير معروف على وجه الدقة الى أين ستؤدي -مع أن المؤشرات تضعنا في الصورة العامة، اضافة الى تحدي الارهاب وصراع المصالح بين القوى الكبرى وامتداداته الاقليمية تأتي الأزمة الاقتصادية التي وان بدأت تداعياتها واضحة في اقتصاديات الدول الكبرى فإن نتائجها الأشد ايلاماً ووطأة ستتحملها الاقتصاديات الضعيفة ونحن منها ومن مصلحتنا جميعاً لمواجهة ما ينتظرنا أن نوحد جبهتنا الداخلية ونعمق توجهنا الديمقراطي ونتفق على قواسم مشتركة ولا بأس من تقديم التنازلات لبعضنا البعض في اطار الثوابت الوطنية والدستور واجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها وفي هذا احترام لأنفسنا الذي به نكسب رأي العالم.. وهكذا نكون قد انتصرنا لحاضرنا ومستقبل أجيالنا القادمة.
|