الإثنين, 18-سبتمبر-2006
د‮. ‬علي‮ ‬احمد‮ ‬سارية -
إن رؤية مرشحي الرئاسة والمجالس المحلية وهم يسوقون أنفسهم ويعرضون برامجهم ويستجدون الجماهير التصويت لهم في مشهد وتنافس ديمقراطي رائع ليبعث غبطة في النفس وشعوراً غامراً بالارتياح لما وصلت إليه اليمن وبفضل الثورة اليمنية المباركة بقيادة زعيم الأمة قائد المسيرة علي عبدالله صالح حيث تتواصل المنجزات التي توجت بتحقيق الوحدة اليمنية والمشاركة الشعبية من خلال حرية التعبير عن الرأي والتعددية السياسية والاختيار الحر المباشر من قبل المواطن اليمني لرئيس الجمهورية وممثليه في المجالس المحلية.
وإلى جانب مشاعر الارتياح والرضى بسير العملية الديمقراطية في مسارها الصحيح وبحسب الخطط المعدة فإن الانتخابات كما هو الحال في كل مكان وزمان عادةً ماتكون مصحوبة بالتوتر وهو أمر طبيعي نتيجة للمنافسة الشديدة بين مختلف الرؤى والاتجاهات السياسية.. إلاّ أن انتخابات 2006م في اليمن قد تختلف عن سابقاتها من الانتخابات سواءً ان تلك التي جرت قبل أو بعد الوحدة من حيث أن ينابيع ومصادر التوتر والاحتقان قد تجمعت هذه المرة في كتلة واحدة أو ما سمي باللقاء المشترك أو »المرتبك« كما يحلو للبعض تسميته.. والسؤال المطروح محلياً ودولياً هل وجود أقطاب عرفت إلى وقت قريب بالمواقف المتشددة باتجاهات مختلفة، ومتباينة، يميناً ويساراً داخل اللقاء ستكون محصلته، وفقاً لقوانين الطبيعة والفيزياء تعادل الشحنات ومن ثم تهدئة أجواء العملية الانتخابية وخوضها ضمن التنافس الشريف؟ أم ان هذه الأقطاب، وخاصة‮ ‬على‮ ‬ضوء‮ ‬المؤشرات‮ ‬الدالة‮ ‬على‮ ‬الفشل‮ ‬الذريع‮ ‬الذي‮ ‬سيُمنى‮ ‬به‮ ‬اللقاء،‮ ‬ستتعاضد‮ ‬وتتبادل‮ ‬خبرات‮ ‬صناعة‮ ‬التوتر‮ ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬محاولة‮ ‬القيام‮ ‬بتعكير‮ ‬سير‮ ‬الانتخابات‮ ‬لتبرير‮ ‬خسارتهم‮ ‬المؤكدة‮.‬
غير ان ما يميز انتخابات 2006م حقيقة هي الظروف غاية في الصعوبة والتعقيد محلياً وإقليمياً التي باتت أكثر من أي وقت مضى تتطلب مواصلة اتباع سياسات حكيمة قائمة على فهم عميق لما يجري ورؤى بعيدة وعلى سياسات واستراتيجيات وطنية مدروسة مجربة ولا مجال لأي تسرع أو مغامرة غير محسوبة لما سيترتب على ذلك من عواقب كارثية، ويعتقد غالبية أبناء اليمن، الذين يدرك معظمهم حرج المرحلة، ان المرشح القادر على قيادة السفينة إلى بر الأمان خلال المرحلة القادمة هو المرشح الرئاسي علي عبدالله صالح، ومن هنا فإنه ليس وحده الحب والتقدير والعرفان بالجميل والشكر لتحقيق المنجزات العملاقة هو ما يدفع المواطن اليمني على طول الوطن وعرضه ومن كافة الفئات الاجتماعية والتوجهات والانتماءات الفكرية والسياسية بما في ذلك جل قيادات ومنتسبي أحزاب اللقاء، والذين لايمكنهم مبادلة الوفاء إلاّ بالوفاء، هو فقط ما يدفعهم للتصويت لعلي عبدالله صالح بل من معرفة وإدراك ان المرحلة حرجة جداً وان المصلحة الوطنية العليا تتطلب مميزات ومواهب وإمكانات قد لاتتوافر في غيره من المنافسين ولاتسمح الظروف سواءً منها المحلية أو الدولية بوضع اليمن تحت التجربة للتأكد من ذلك.
مؤشرات‮ ‬السقوط‮ »‬المشترك‮«‬
وعلى ضوء المؤشرات الواضحة لخسارة فادحة باتت بوادرها واضحة للعيان في انتخابات 20 سبتمبر سواءً منها المحلية وعلى وجه الخصوص الرئاسية وبدلاً من ان تعترف الفئات النافذة في أحزاب اللقاء المشترك والتي استولت على صنع القرار وقامت بتهميش القيادات التاريخية والمجربة بدلاً من ان تعترف بأخطائها الفادحة التي قادتهم إلى الفشل فإنهم يعملون حالياً بكل ما في وسعهم لخفض المشاركة الشعبية في الانتخابات القادمة من خلال نشر أقاويل وخدع وإشاعات مدروسة، ومن هذه الأقاويل ان علي عبدالله صالح ليس بحاجة إلى مزيد من الأصوات فهو ناجح لا‮ ‬محالة،‮ ‬كما‮ ‬يروجون‮ ‬أيضاً‮ ‬لمقولة‮ ‬ان‮ ‬التصويت‮ ‬لمرشح‮ ‬المشترك‮ ‬لن‮ ‬يؤثر‮ ‬على‮ ‬انتخاب‮ ‬الرئيس‮ ‬بل‮ ‬وسيساعد‮ ‬على‮ ‬هز‮ ‬وخلخلة‮ ‬النظام‮ ‬والمؤتمر‮ ‬وسيؤثر‮ ‬على‮ ‬معاوني‮ ‬الرئيس‮ ‬ويحد‮ ‬من‮ ‬الفساد‮ ‬على‮ ‬حد‮ ‬زعمهم‮.‬
وتدرك قيادة هذه الأحزاب التاريخية المغلوبة على أمرها والتي أضحت مهمشة المأزق الذي يواجهه اللقاء المشترك في انتخابات المجالس المحلية والخسارة الفادحة لمرشحي اللقاء فيها، فمن المعروف ان هذه الأحزاب وخلال عقود طويلة كانت على طرفي نقيض متخاصمة وعلى أشد عداوة وفي صراع فكري وإيديولوجي وعقائدي وسياسي.. لقد خضع أنصار ومنتسبو أحزاب اللقاء المشترك لعقود لغسيل الدماغ في كراهية وكيل وتبادل النعوت واتهام كل منهم الآخر مثل العلمانية والرجعية وحتى التبعية والخيانة، وفي مواسم الانتخابات يتحول الخصام إلى العنف ضد كل منهم الآخر،‮ ‬ثم‮ ‬في‮ ‬لحظة‮ ‬تقول‮ ‬لاعداء‮ ‬الأمس‮ ‬انسوا‮ ‬وصوّتوا‮ ‬لمن‮ ‬إلى‮ ‬الأمس‮ ‬فقط‮ ‬كان‮ ‬عدواً،‮ ‬بل‮ ‬ان‮ ‬مايحير‮ ‬المحللين‮ ‬كيف‮ ‬سيعطي‮ ‬أنصار‮ ‬وأعضاء‮ ‬اللقاء‮ ‬أصواتهم‮ ‬في‮ ‬الرئاسية‮ ‬للمؤتمر‮ ‬وفي‮ ‬المحليات‮ ‬للمرتبك‮.‬
ولهذا فإنه من المهم بمكان فهم واستيعاب والتصدي لهذه الإشاعة ومقارعتها الحجة بالحجة، ان حشد الجماهير ورفع مستوى الوعي بالانتخابات سواءً منها المحلية أو الرئاسية لزيادة حجم المشاركة الشعبية لتعكس إرادة ورأي أكبر قدر من المواطنين أمر له أهميته، وثانياً ان الادلاء بالصوت هو واجب وفرصة يجب ان ينتهزها كل مواطن لاختيار من يراه المناسب في صنع يمن الغد المشرق، وثالثاً: ان الواجب الوطني (وربما الديني)- وقد أتيحت لنا فرصة المشاركة- ان نقول رأينا بأمانة ويحتم علينا جميعاً اختيار قيادة قوية مجربة وقادرة على مواصلة مسيرة‮ ‬بناء‮ ‬الوطن‮ ‬وتجنيبه‮ ‬عواصف‮ ‬التوترات‮ ‬والعلاقات‮ ‬الدولية‮ ‬المضطربة‮.‬
ومن جهة أخرى فإنه وعلى العكس تماماً حتى وإن كان نجاح الرئيس صالح مضموناً، فإن التصويت لصالحه وحشد كل صوت لمواطن يمني لصالحه سيكون أمراً مهماً في دعم سياسات الرئيس صالح الوطنية المعتدلة ومسيرة التنمية الاجتماعية.
وإذا ما أخذنا المستوى الوطني بالاعتبار فإن المصلحة الوطنية العليا تتطلب اتخاذ قرارات اقتصادية وإدارية وسياسية لايكون لتقاسم السلطة أو الانتماءات الحزبية اليد العليا فيها، وقد أصبح واضحاً من خلال توجهات حكومة المؤتمر الشعبي العام وفي ظل قرارات المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام التصميم على مواصلة البناء التنموي والتصدي ومحاربة الفساد بكل أشكاله بما في ذلك فساد المعارضة، ودعونا نركز على كلمة حق يراد بها باطل ونعني الفساد، ولن نتحدث عن بعض أقطاب المعارضة، وليكن واضحاً من البداية أننا في المؤتمر الشعبي العام، وبعكس أطراف اللقاء المشترك، لانعمم ونقول جميع بل بعض أقطاب المعارضة الغارقين إلى أخماص آذانهم في الفساد، بل سنركز على دور المعارضة بشكل عام في احتضان وزراعة وتبني وابتكار الكثير من أنواع الفساد.. ليظهر دور المعارضة في أشكال متعددة من الفساد التي تنبع‮ ‬من‮ ‬المكايدة‮ ‬السياسية‮ ‬ومن‮ ‬رؤية‮ ‬قاصرة‮ ‬تضع‮ ‬الانتماء‮ ‬الحزبي‮ ‬قبل‮ ‬المصلحة‮ ‬العامة‮.‬
انتاج‮ ‬الفساد
إن للمعارضة دوراً مهماً ومؤثراً ونصيباً كبيراً في الاستيلاء على المال العام بدون وجه حق وبعض أقطاب أحزاب اللقاء المشترك يمتلكون شركات عملاقة لا في البناء والتنمية بل في تبني ونشر وممارسة الفساد.. ولمعرفة الدور الرئيس للمعارضة في الفساد وعلى أساس علمي وواقعي ومن خلال حقائق وأرقام لا ادعاءات وأقاويل لاتقوم على أساس، فإنه لابد لنا في البداية التأكيد على بعض القضايا الأساسية للوصول لذلك، أولها وضع تعريف يتفق عليه الجميع حول ماهو الفساد وما أنواعه ومظاهره وعوامل نموه وآليات مكافحته وغيرها من الأمور الأساسية لمعرفة أسس المشكل.. ان الاستيلاء على المال بطرق غير قانونية والربح السريع وغيرها ليس إلا مظهراً واحداً من مظاهر الفساد، وفي المعارضة يوجد في معسكر اللقاء المشترك المؤسسين وأطراف أخرى والمعارضة فطاحلة ومعلمون بدرجة الاستاذية، ومرة أخرى بعض لا الكل، وهؤلاء »إن اعطوا‮ ‬منها‮ ‬رضوا‮ ‬وإن‮ ‬لم‮ ‬يعطوا‮ ‬إذا‮ ‬هم‮ ‬يسخطون‮«.‬
غير ان هناك مظاهر أخرى من الفساد السياسي والمالي والإداري هي حصراً من صناعة وإنتاج وإخراج وتنمية وتفريخ المعارضة، وفي هذا الجانب فالكل يعرف دور أحزاب المعارضة في استقطاب واحتضان وتبني كل من يتم الاستغناء عن خدماته في الجهاز الحكومي والإداري من الوظائف العامة لأي سبب كان، مثل الازدواج الوظيفي والتقاعد أو افتقاره لمهارات وقدرات وعلوم ومعارف ضرورية لشغل تلك الوظيفة، وحتى ان تضمنت الأسباب مخالفات مالية وإدارية أو اقتراف جرائم الخروج عن القانون ومع علم المعارضة ان القرار الذي اتخذته الحكومة كان صائباً فإن دكاكين المعارضة دائماً مفتوحة لهؤلاء واحتضانهم واستقطابهم وتبني قضاياهم وهذا قد يكون أحد أهم أخطر مظاهر الفساد في بلادنا والوقوف أمام عجلة التنمية والتحديث ومواكبة التطورات الإدارية والعلمية الجارية في غير ما مكان من العالم.. وهكذا الحال بالنسبة للمناقصات والمقاولات التي تتنافس في تنفيذها مختلف الشركات التجارية وبعضها مملوكة لبعض أقطاب أحزاب المعارضة، ما ان يتم اقصاء عطاء بسبب ارتفاع السعر أو عدم تلبية المواصفات الفنية حتى تهب صحف المعارضة في دعم مواقف الشركات الفاسدة.. ومن المضحك انه عندما تقوم الحكومة بممارسة حقها‮ ‬في‮ ‬كسر‮ ‬احتكار‮ ‬بعض‮ ‬الشركات‮ ‬لخدمات‮ ‬عامة‮ ‬تطالعنا‮ ‬بعض‮ ‬أقطاب‮ ‬المعارضة‮ ‬بأن‮ ‬تأسيس‮ ‬شركة‮ ‬وطنية‮ ‬لحماية‮ ‬المواطن‮ ‬هو‮ ‬شكل‮ ‬من‮ ‬أشكال‮ ‬الفساد‮.‬
ساعة‮ ‬الصدق
إن ساعة الصدق مع النفس قد أزفت ولا مكان للمجاملة وأنصاف المواقف، إننا مطالبون كمواطنين بشكل عام وأعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام بشكل خاص بالتصدي لهذه الأقاويل والمشاركة في حشد الناخبين والدعاية والترويج لمرشحي المؤتمر الشعبي في الانتخابات الرئاسية والمحلية بتحديد وإعلان موقف واضح وجلي لكل من يعز علينا ويثق بنصيحتنا وجموع وعامة المواطنين ممن تعرضوا أو صدقوا تلك الشائعة كما ان علينا بالذات شرح وتوضيح ذلك لأعضاء أحزاب اللقاء المشترك وقناعتنا ان التصويت لعلي عبدالله صالح لا يعني فقط التعبير عن مشاعر الحب والتقدير والعرفان بالجميل لمن تحققت على يديه آمال وأحلام كل اليمنيين بل ولمعرفة وإدراك ان المرحلة جد حرجة وان المصلحة الوطنية العليا وأداء الأمانة تتطلب من الناخب وبغض النظر عن الانتماءات أو الاملاءات الحزبية ان يدلي بصوته لمن يعتقد انه يمتلك مميزات ومواهب وإمكانات‮ ‬وعلى‮ ‬وجه‮ ‬الخصوص‮ ‬القوة‮ ‬والقدرة‮ ‬على‮ ‬قيادة‮ ‬السفينة‮ ‬إلى‮ ‬بر‮ ‬الأمان‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-927.htm