الخميس, 12-مارس-2009
الميثاق نت - التحنيط الميثاق نت -
عالم آثار فرنسي:اليمن عرفت التحنيط قبل الميلاد بألفي عام

حوار/عبدالباسط النوعة:
اليمن غنية جداً بالمواقع الأثرية التي تنشر في مختلف المناطق اليمنية وأضحت اليمن من أكثر دول العالم ثراء بالموروث الحضاري الذي جاء نتيجة الحضارات التي تعاقبت على اليمن السعيد ومن المعالم الأثرية التي تشكل ثروة لكافة اليمنيين خلفها لهم الأجداد "المومياوات" وهي جثث محنطة تعود إلى مئات السنين قبل الإسلام والتي تظهر هنا وهناك
لتضيف بذلك اليمن إلى رصيدها الحضاري ثراء أخر يجعلها من أبرز دول العالم حضارة وتاريخاً ، والمعرفة كيف ينظر الأخر لليمن التقت"الثورة السياحية" بأحد العلماء الأوروبيين في مجال الآثار والجغرافيا الفيزيائية البروفيسور ألن فرومانت مدير مجموعة متاحف الإنسان بباريس وكبير خبراء البعثة الفرنسية التي زارت بلادنا الأسبوع الماضي وقامت بإجراء واخد عينات لعدد من المومياوات في صنعاء والمحويت ، بالإضافة إلى تقييم وضع المركز الوطني للمومياوات في صنعاء والمحويت ، بالإضافة إلى تقييم وضع المركز الوطني للمومياوات في المحويت وما يحتاجه من تجهيزات ..
في البداية كيف كانت زيارتك إلى اليمن ؟
تعد هذه زيارتي الأولى إلى اليمن وقد فوجئت بكل ماشهدته من تنوع في المناظر الطبيعية الجميلة للغاية وتنوع المعمار اليمني الأصيل الذي يتميز بزخارفه وأرتفاع بنياته رغم قدمه ، ومع هذا فلم تكن الزيارة كافية لمعرفة أشياء أخرى عن اليمن فقد كانت زيارتي لأيام لا تتجاوز الأسبوع لغرض دراسة عدد من المومياوات التي أكتشفت في اليمن وتحديداً في محافظة المحويت وأخرى موجودة في متحف الجامعة والمتحف الوطني ، وقد أستمتعت كثيراً بما شاهدته في اليمن رغم أنني لم أسمع عنه كثيراً قبل زيارتها ، ولكني سمعت عن المومياوات الموجودة فيها ، والزيارة كانت هامة جداً بالنسبة لنا تعرفنا من خلالها على الكثير والكثير من المعلومات حول المومياوات .
أصبح علم المومياوات ذو أهمية بارزة في بعض الدول هل بالامكان أن تعطينا في سطور ماهية هذا العلم وأهميته ؟
يعرف علم المومياوات أنه الرغبة في معرفة كيف أن الجسد يبقى آلاف السنين دون أن يتأثر ويستفاد من هذا العلم في دراسة كيف كانت الأرض من قبل وكيف أستطاع الإنسان أن يتأقلم مع بيئته وكيفية معيشته وماهي الأدوات والوسائل التي كان يستخدمها .
اليمن أستخدمت أفضل طرق التحنيط
*زرتم المومياء التي أكتشفت في مديرية سعوان بصنعاء وحضرتم عملية التنقيب عنها فكيف رأيتم تلك المومياء ؟
- نعم شاهدنا المومياء التي يحتمل أن يعود تاريخها إلى ماقبل 1800عام ولكن هذه المومياء أصبحت في حالة سيئة جداً ومن الصعوبة بمكان نقلها من مكانها إلى المتحف . *أجريتم دراسات وقمتم بمحالاوت لتركيب عدد من المومياوات في المحويت ، ماهي النتائج الاولية التي أستطعتم الخروج بها من تلك الدراسات؟
- بالنسبة لنتائج الدراسات التي أجريناها في اليمن فهي تحتاج إلى وقت ومال فنحن نبحث عن المال أولاً لدعم الفحوصات ويحتاج منا إلى سنة تقريباً ثم سنة اخرى للفحص وسنة اخرى للنتائج ، ولكن هنا بعض النتائج التي يكمن أن نسميها أولية لما لاحظناه وما قمنا به من دراسات على المومياوات في صنعاء والمحويت منها أن المومياوات اليمنية تختلف من حيث المقاسات والأحجام عن المومياوات في مختلف أنحاء العالم ، كما أن الدراسات تشير إلى أن هنان تشابهاً بين المومياوات اليمنية وعدد من المومياوات في دول أخرى من حيث الشكل والملامح ولعل أقرب الدول المشابهة عربية لايمكن تحديدها ألان تليها إيران في الدرة الثانية ثم المغرب العربي في الدرجة الثالثة والهند رابعاً وأروبا خامساً وأخيراً أفريقيا الشمالية ومصر ، ولهذا نشعر بالسعادة لوجود تشابه بيننا وبين اليمنيين وتعد اليمن من افضل الدول عالمياً في أستخدام طرق أفضل للتحنيط حيث تحل في المرتبة الثالثة وبعد مصر وتشيلي ويعد التحنيط في تلك البلدان الثلاث من أتقن أنواع التحنيط التي كانت تستخدم قديماً على مستوى العالم أجمع . طريقة فريدة
*ولكن بماذا تمتاز الطريقة اليمنية في التحنيط عن سائر بلدان العالم؟
* لاحظنا أن الطريقة التي أستخدمها اليمنيون القدامي في التحنيط تختلف من حيث أستخدام المواد اللازمة في التحنيط وهي طريقة فريدة ففي مصر مثلاً كانوا يلفون الجثث بنوعية مخصصة من القماش ، أما اليمنيون فكانوا يستخدمون الزبيب ودهن الجمل وبعض أوراق النباتات في تحنيط الجثث ، واليمنيون مارسوا التحنيط قبل الإسلام بألفي عام وعند مجيء الاسلام ترك اليمنيون التحنيط لأنهم أمنوا بالله وبأن البعث والاخرة بيد الله ، وربما نكتشف المزيد من الامتيازات أو الاختلافات للتحنيط في اليمن قديماً عند تعمقنا أكثر في الدارسة والفحص . *أخذتم عينات من بعض المومياوات في المحويت لفحصها ودراستها فما هي هذه العينات وأين سيتم دراستها ؟
- نعم أخذنا من أربع مومياوات بعض العينات الصغيرة جدا ًوالتي سيتم إرجاعها بعد أنتهاء الدراسة عليها وهي قطعتان صغيرتان من الكتان و(6) قطع صغيرة من الجلد وأربع قطع من عظم الضلع وسيتم دراستها في مجموعة متاحف الإنسان ومتحف جوام بباريس بمشاركة أحد خبراء الآثار من جامعة صنعاء.
قدرة يمنية عجيبة:-
*حدثنا عن المقابر الصخرية التي زرتها في المحويت ؟
- قمنا بزيارة عدد من المقابر التي استطاع الإنسان اليمني قديما ان ينشئها في الجبال وانا مندهش جدا من قدرة الإنسان اليمني في الوصول الى تلك المناطق الخطرة ودفن الجثث المحنطة فيها وهذا يدل على ان اليمنيين قديما كانوا يمتلكون قدرات عجيبة لعمل تلك المقابر لمعرفة كيف وصل الإنسان اليمني الى تلك المناطق الخطرة في بيئة بدائية تحتاج الى دراسات كبيرة لذلك خاصة اننا وجدنا أسفل إحدى المقابر الصخرية التي زرناها كتابات على الجبل بلغة غير العربية وهذا يدل ان تلك المقابر تعود الى زمن بعيد نظرا لان اللغة العربية لم تكن حاضرة في المجتمع آنذاك ونحتاج قبل استخراج تلك الجثث ان نبتكر وسيلة مناسبة للوصل إليها.
* هل اليمن هي الدولة الوحيدة التي استخدم اليمنيون فيها المقابر الصخرية في دفن الجثث وهل هناك صعوبة في استخراج الجثث من تلك المقابر؟
- توجد مقابر صخرية مماثلة لما رأيناه في المن ولا تقل صعوبة عنها وهي في دولة مالي بالإضافة الى بعض المناطق في إفريقيا الشمالية وتم الوصول اليها عن طريق الجبال والمتسلقين وهناك صعوبة كبيرة في استخراج الجثث من المقابر الصخرية في اليمن ولكن بعد انتهاء الدراسة والتحليل سيتم التوصل على وسيلة تضمن استخراج تلك الجثث بطريقة عملية حديثة ولكن نحتاج الى القليل من الوقت.
* ما هي المساعدة او التعاون الذي يمكن ان تقدمونه في عملية استخراج تلك الجثث؟
- لدينا تقنيات حديثة يمكن ان نساهم بها ونحن على أتم الاستعداد لذلك ولكن يتطلب ذلك إيجاد أناس رياضيين لهم القدرة على الوصول الى تلك المواقع واستخراج الجثث بالإضافة الى وجود تقنية أخرى تستخدم في هذا المجال وهي طريقة السلال وهذا الكلام لن تيم الا بعد تجهيز مركز المومياوات الذي سيتم نقل الجثث إلية وأيضا بعد الانتهاء من الدراسات والتحاليل اللازمة.
مركز المومياوات والجذب السياحي
*بالنسبة لمركز المومياوات الوطني في المحويت قمتم بزيارة المركز والتعرف على كافة ما يحتاجه من تجهيزات فما هي تلك التجهيزات التي يحتاجها المركز ومدى ملائمة المبني لذلك؟
- يحتاج المراكز الى العديد من الأشياء ونحن وسوف نتكفل بتوفيرها ولعل ابرز تلك التجهيزات تتمثل في الصناديق الزجاجية ( الفترينات ) اللازمة لحفظ المومياوات والمجهزة بكافة وسائل الحماية وسيتم الاتفاق بشأنها من وزارة الخارجية الفرنسية او توفيرها بطرق اخرى والمبني مناسب جدا وقمنا بتقسيمه وعرض التقسيم على رئيس هيئة الآثار.
* كيف يمكن ان يساهم المركز الوطني للمومياوات في جذب السياح الى اليمن وهل المومياوات تلقى اهتماما من السياح؟ ** ان مجال المومياوات يحظى باهتمام شريحة كبيرة من سياح العالم فمثلا لدينا في متحف الإنسان موميا واحدة ولكن الزيارات لها تزداد يوما بعد أخر فالسائح يريد معرفة كيف عاش الإنسان قديما ولهذا نتوقع ان يعمل المركز عند إنشائه وتجهيزه على جذب اكبر عدد من السياح بالإضافة إلى تحريك السياحة الداخلية الى محافظة المحويت وتحديدا الى مديرية الطويلة حيث يوجد المركز الأمر الذي يتطلب إنشاء فنادق ومطاعم مناسبة في المدينة. *هل هناك زيارات اخى ستقومون بها الى اليمن ؟
- بكل تأكيد هناك زيارات كثيرة قادمة ولكن المهم في هذه الزيارة اننا قمنا بتقوية العلاقات بين البلدين في مجال الآثار واتمني في الزيارات القادمة ان يرافقني عدد من الاختصاصيين في ترميم المومياوات الى اليمن بالإضافة إلى إمكانية اخذ متدربين يمنيين لتدريبهم في فرنسا .
*وماذا عن تدريب الكادر اليمني؟
**- الزيارة القادمة لن سنحرص على اصطحاب احد المتخصصين والذي سيكون عليه اختيار الكادر الذي سيتم تدريبه في فرنسا وهناك مشكلة تتعلق بالتمويل لهذه المنحة إما أن يكون فرنسيا او يمنيا.
* هل هناك أشياء سلبية لاحظتها إثناء زيارتك؟
- نعم المومياوات الأربع التي قمنا بدراستها ومحاولة تركيبها في المحويت تعرضت للعبث أثناء عملية استخراجها فكانت أجزاؤها منفصلة عن بعضها البعض وهناك أجزاء مفقودة وهو الأمر الذي حال بيننا وبين إعادتها الى وضعها المناسب فمن المفترض أن يعرف من قاموا بهذا العمل أهمية تلك المومياوات من الناحية الأثرية فهم يبحثون عن مصالحهم الخاصة مثل الذهب وأشياء أخرى يعتقدون أنها موضوعة بجانب الجثة دون ان ينظروا على مصلحة امة بكاملها أو أجيال سابقة ومثل هؤلاء الناس يجب أن يعوا
فداحة ما يقومون به من أعمال وينظرا الى العائد الكبير الذي سيعود الى البلد من هذه المومياوات ويعملون من اجل الحفاظ عليها كما يجب على الجهات المسؤولة في الدولة أن تقوم بدورها في الحماية ومعاقبة كل من يحاول العبث بالآثار بشكل عام ففي مصر توجد شرطة لحماية الآثار فلماذا لا توجد شرطة للآثار في اليمن. *ماذا تقول في نهاية هذا الحوار؟
** يعد إنشاء المركز الوطني للمومياوات شئ هام وخطوة كبيرة لجذب السياح الى اليمن فانا متأكد أن المركز سيعمل على جذب السياح على المستوى المحلي او الخارجي وهذا سيؤدي الى ازدهار المحافظة بشكل خاص واليمن بشكل عام واليمن بلد ذو ثراء حضاري كبير وإذا ما تم استغلال ذلك الثراء سياحيا فان اليمن ستحل في مراكز متقدمة في مجال الجذب السياحي.


تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-9462.htm