صادق ناشر - لم نكد نستفيق من ضربة شبام في محافظة حضرموت حتى جاءت الضربة الثانية خلال أقل من ثلاثة أيام في العاصمة صنعاء..
فحادثة شبام التي أودت بحياة خمسة بينهم أربعة من الرعايا الأجانب لم تكن تكفي للتأكيد على أن الإرهاب لا يعرف حدوداً ولا جنسيات، إنه يضرب في كل مكان وفي كل اتجاه.
والضربتان الأخيرتان - كما هي حالات الضربات الأولى - موجعتان، لأنهما جاءتا في وقت كانت الأجهزة الأمنية تحقق فيه بعض المكاسب على الأرض من خلال ملاحقة بعض العناصر المطلوبة أمنياً، واستسلام البعض الآخر، لدرجة ساد اعتقاد أن كتائب الانتحاريين بدأت تخف أو تتلاشى.
نحن اليوم في ورطة حقيقية، يجب أن نعترف بهذا حتى لا نواصل إخفاء الحقائق، فالاعتراف بحجم المشكلة ضروري لمعرفة الحلول لهذه المشكلة.
صحيح أننا لم نصل بعد إلى مستوى ما يحدث في بلاد عربية أخرى مثل العراق والجزائر، إلا أن التطورات التي حملتها الحوادث الأخيرة تكشف لنا عمق التحديات التي تواجه البلاد.
لا أريد أن يُفهم من حديثي هذا بأنه "نظرة عدمية" إلا أنه يتوجب علينا البحث في الأسباب التي دفعت وتدفع المئات من صغار السن إلى استرخاص حياتهم بهذه السهولة ورميها في أتون حرب لا يعرفون أبعادها وأهدافها.
يجب أن نسأل أنفسنا ومعنا خطباء المساجد ورجال الدين وعلماؤه ومفكروه الذين يشكلون وعي صغار السن:
ما الذي يدفع شاباً مراهقاً لا يتجاوز عمره الـ 18 عاماً لينفذ عملية انتحارية؟!.
عـلـى رجـال الـديـن وعـلـمـائه الأفـاضل أن يـبـدأوا بـمـنـاقـشـة هـذه الـظـاهـرة الـتـي تـجـر أرجـل شـبـابـنـا كـل يـوم إلى التهلكة.
لا نريد من خطباء المساجد أن يبقوا بعد اليوم صامتين حيال ما يجري في البلد، فالخطابة في المساجد ليست مقتصرة على تعريف الناس بالدين الإسلامي فحسب، بل في البحث عن الأسباب التي تجعل الشباب يلجأون إلى التطرف كحل نهائي لمشاكلهم التي يواجهونها.
نحن اليوم بحاجة إلى معرفة مشاكل الشباب ونجرّهم إلى المربع الذي يجعلهم أفراداً صالحين؛ لا تركهم فريسة للأفكار الغريبة التي تهيئهم ليكونوا قنابل قابلة للانفجار في أية لحظة.
المهمة اليوم لا تقتصر على الدولة ولا على وزارة الداخلية، وإن كانت مهمتهما أكبر، بل إن مهام كبيرة تقف أمامنا أيضاً مثقفين ومفكرين وخطباء مساجد ورجال وعلماء دين، بحيث يكون الجهد موحداً وقادراً على فرملة سير أبنائنا الصغار إلى الجحيم الذين يُدفعون إليه دفعاً.
الجمهورية |