محمد انعم -
ليس كل شيء على ما يُرام في قضايا الشباب.. والذين يعتقدون غير ذلك، فإنهم لا يختلفون عن الذين يديرون أوكار التطرف ويمجدون الارهاب..
الشباب هم الثروة المتجددة للشعوب والاوطان والقوة الخارقة لتجاوز المستحيلات وبناء صروح المجد والفخار.. غير أن هذه القوة والثروة غير القابلة للنضوب يمكن أن تتحول الى باروت متفجر ينسف كل مقومات التطور ويهدم أمجاد الشعوب والبلدان.
بالأمس كانت بيانات الشجب والتنديد التي أطلقتها كل الفعاليات الوطنية والمستنكرة للجريمة الارهابية التي حدثت في سيئون.. كانت تلك البيانات سمجة جداً الى درجة لا تستحق حتى التأمل فيها ولو بنظرة واحدة، لأنها مكررة وخاوية من الشعور الجدي بروح المشاركة في تحمل المسؤولية او تشخيص طبيعة المشكلة، وإنما يتم التعامل مع مثل هذه القضايا المخيفة على طريقة اسقاط واجب للتنصل من تحمل المسؤولية الوطنية في مواجهة ظاهرة التطرف التي انتقلت الى مرحلة اكثر وحشية وبشاعة.
نعم.. ليس كل شيء على ما يرام في قضايا الشباب لأن بيانات الشجب والاستنكار المنددة بكل جريمة تتعرض لها بلادنا لا يتغير فيها عدا التاريخ واليوم ومكان ارتكاب الجريمة، في الوقت الذي نلاحظ أن هناك تطوراً في أساليب الارهابيين والمتآمرين وأعداء شعبنا اليمني ووحدته..
وها هي نماذج من تعدد أنشطتهم التخريبية نعاني منها سواء عبر المتمردين أو دعاة الكراهية أو مشاريع الانفصاليين أو المفخخين او المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية أو.. أو.. الخ.
إن مشاكلنا الجادة لا يمكن ان تُحل بالزوامل او المسيرات او التظاهرات الصورية، أو بإبداء التعاطف »والهربة«.. بل إن علينا التخلص من هذه الأنماط التقليدية الرتيبة ونلتفت لقضايا ومشاكل الشباب وإيجاد حلول لها واقعية وجريئة.
ولا أخفيكم سراً أني أضحك إلى درجة البكاء عندما يهتز الوطن من حادث ارهابي ولا تتحرك لإطفاء نيران أحقاد يجري النفخ فيها وراء ظهورنا .. لقد مرت حوالى عشر سنوات ولم نتخلص من الفكر المتشدد ولم نغرس الوسطية والاعتدال في وعي الشباب والطلاب، ولم نجفف بؤر الارهاب ولم نحمِ الشباب.. وبات علينا أن نعترف أن تجربة الحوار مع الارهابيين فشلت.. وأن أيادي »القاعدة« لم تعد تقتل السياح، بل أنها تزج بشباب اليمن الى المحرقة.. انهم أبناءنا.. ولم تعد القضية ترتبط بطرد الاستثمار بل ان فلذات أكبادنا هم أعظم الخسارة.
حقيقة إنه لأمر مؤسف جداً أن تنصرف الاحزاب والتنظيمات السياسية الى الكولسة وتترك الساحة لأصحاب مشاريع »الفوضى« ويظل الجميع يمارسون التضليل ويكذبون على أنفسهم وعلى مسؤوليهم بأن كل شيء على ما يرام.. كما يدعون..!!
لا.. لا.. ليس الأمر هكذا إطلاقاً.. الحال مفجع خاصة وان طلاب الثانوية بل والجامعات لم تعد محصنة ايضاً.. وهذا يوجب على الجميع أن يأخذوا إجازة من الكذب والتضليل والاعتراف بحجم المشكلة وخطرها على البلاد.
اعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة تقييم أساليب ووسائل تكريس منهج الوسطية والاعتدال بين الشباب، وعلينا أن نعترف هل فشلنا.. ولماذا..؟! أم أن القضية مجرد اسقاط واجب ايضاً.. بعد كل عملية ارهابية.. وكل يعود الى وكره أو الى أحزمته الناسفة..!