اقبال علي عبدالله -
مازال البعض ممن لا ينظرون أبعد من أنوفهم لم يتعلموا الدرس، لم يستوعبوا أن الوحدة المباركة التي تحققت بإرادة الشعب في الثاني والعشرين من مايو ٠٩٩١م أصبحت مثل الشمس لا يمكن لأيٍّ كان على وجه الأرض أن يخفي ضوءها، كما أنها أصبحت في حياة شعبنا اليمني اليوم كالدم الذي لا غِنَى للجسد عنه.
نقول هذا ونحن نسمع بعض المارقين ممن يردد ما يسمى بـ»القضية الجنوبية«!!.. نعم البعض وليس الغالبية .. البعض الذين مع انبلاج فجر الوحدة المباركة وتحديداً يوم الانتصار لها في السابع من يوليو ٤٩٩١م شعروا بل أحسوا ان الوحدة طوَّقت أعناقهم وبشرت بزوال سنوات حكمهم الشمولي البغيض الذي هيمن على جزء غالٍ من الوطن، حُكْم لا أعتقد أن مواطناً واحداً حتى الاطفال حينها لا يتذكرون كيف كانوا يعيشون في ظله من ظلمٍ وسحلٍ وإرهابٍ نفسي وحرمانٍ من حرية التعبير وحقوق الانسان وانتهاك كرامة المرأة وإذلالها خاصة زوجات أو اخوات وحتى أمهات ممن كانوا يرفضون هذا الحكم الشمولي وجبروت الحزب الواحد على كل مناحي الحياة في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة.
فاليوم وبعد أن ترسخت الوحدة وصار الوطن كله من المهرة الى صعدة ينعم بالمنجزات العملاقة التي ما كان لها أن تتحقق خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية لولا الوحدة المباركة.. ولا نبالغ لأن هذه هي الحقيقة أن فخامة الاخ المناضل علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أعطى كل اهتمامه ووجَّه المئات من التوجيهات منذ الوهلة الأولى للوحدة لبناء البنية التحتية للمحافظات الجنوبية التي دخلت الوحدة وهي تعاني الحرمان من أبسط الخدمات الاساسية وأبرزها الطرقات التي صارت اليوم تربط ليس فقط عواصم المحافظات بل كل المديريات والقرى والمرتفعات الجبلية والصحارى والسهول.. الى جانب الخدمات التعليمية من كليات متنوعة وجامعات والخدمات الصحية والسياحية وفوق كل ذلك التنمية التي كانت معدومة في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة.
أشياء وحقائق كثيرة أصبحت ملموسة أمام المواطنين وليس شعارات كما كنا نسمعها إبان الحزب الطليعي (الحزب الاشتراكي) ومنها شعاره »تحقيق الوحدة«، وعندما تحققت الوحدة حاول بعد أقل من أربع سنوات ذبحها، وعودة عهد التجزئة والتشرذم وهو ما يردده اليوم البعض تحت مسمى »القضية الجنوبية«.
من نافل القول ان الذين يرددون اليوم ما يسمى »القضية الجنوبية« هم بقايا فتنة الحرب والانفصال في صيف عام ٤٩٩١م، والتي للأسف مازالوا يفكرون بنفس العقلية التي أثارت بها تلك الفتنة التي تسلموا ثمنها من الخارج وعلى حساب دماء الشهداء والجرحى وتكبيد الوطن تلك الخسائر الباهظة في الأرواح والممتلكات، واليوم والوطن الواحد يشهد معركة البناء والتنمية والاستثمار انبلج هؤلاء المأجورون وبأموال مدنسة لإثارة الفتنة ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد للإضرار بالوحدة الوطنية وتمزيق الوطن، وهذا أبعد عليهم من عيون الشمس.
وما أصابنا من الدهشة أن بعض أحزاب العجنة الغريبة »اللقاء المشترك« وأخص بالذكر حزبي »الاشتراكي والاصلاح الديني المتشدد«، قد انجرا وبكل غباء سياسي وراء هذه الفتنة وكأنهما لم يتعلما من دروس الوحدة خاصة حزب الاصلاح الذي وقف الى جانب المؤتمر الشعبي العام وجماهير الشعب في التصدي لحرب الانفصال الفاشلة التي قادها الحزب الاشتراكي وأقصد بعض قادته صيف ٤٩٩١م.
واليوم وبكل غباء ووحشية سياسية يدعو (الاصلاح) في بيان دورته المركزية الاخيرة الى »الاعتراف بالقضية الجنوبية؟!!« ولا ندري ما مفهوم القضية الجنوبية في نظر أو حتى في فكر هذه الأحزاب التي تعمل بكل حرية وديمقراطية وأمن في ظل الوحدة؟!.. هل هي طلبهم من القيادة السياسية التسليم لتلك العناصر الهاربة في الخارج والمأجورين في الداخل بإعادة التجزئة والتشرذم مرة أخرى.. إن كان كذلك فإننا نقول لهم إن هذا هو المستحيل بذاته، فالوحدة قدر ومصير شعبنا اليمني وثمرة كفاحه ونضاله.
فنصيحة أخيرة لوجه الله نقولها لمن في نفسه مرض وتعشعش في مخيلته أوهام الدولارات والعمالة بأن الوحدة راسخة ، وما يسمى بالقضية الجنوبية ما هي إلا رغوات الصابون ليس أكثر..