موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 09-سبتمبر-2019
سهير‮ المعيضي -
لم تكن وطنا مثاليا وأعترف بأنك منحتني هزائم متكررة وكسرتني كلما فكرت أن أٌقوّم اعوجاج روحي وأقف من جديد، وأعترف أيضا بأنني غضبت منك كثيرا وأقسمت ذات يوم بائس أن أرحل عنك.. لست وطنا مثاليا أبدا، فأنت تتعثر كثيرا وتقف من جديد.. تُخطئ دائما وفي النهاية تصيب..‮ ‬لست‮ ‬مجرد‮ ‬أرضا‮ ‬أخطو‮ ‬عليها‮ ‬أو‮ ‬سماء‮ ‬أحتمي‮ ‬بظلها‮ ‬أنت‮ ‬أكبر‮ ‬بكثير‮ ‬من‮ ‬مجرد‮ ‬ظل‮ ‬وأكثر‮ ‬اتساعا‮ ‬من‮ ‬رقعة‮ ‬أرض‮.‬
لم تكن وطنا مثاليا ولم أكن أنا أيضا مواطنة مثالية أحببتُك بطريقتي أُهديك بؤسي بعد كل هزيمة لي منك.. أمنحك سخطي بعد كل ثورة غضب منك، المهم أننا نتبادل كل شيء ابتداءً بالهواء والماء وانتهاءً بالغضب والسخط وأحيانا البكاء.
أُحبك لأنك تُشبهني بكل مافيك أُحبك لأنك تحتويني وتحتويهم بانكساراتهم وبؤسهم، ازدحام شوارعك ووجوه العابرين التي تحمل معها حكايات غريبة.. أصوات أنين السيارات..وقرع الأحذية على الطرقات، ودعاء البائعين بالرزق من الله وتعلق اليائسين برحمة من لا أحد سواه.. دخان السيارات‮ ‬الثائر‮ ‬يزدحم‮ ‬مع‮ ‬دخان‮ ‬الشواء‮ ‬في‮ ‬المطاعم‮ ‬ووجوه‮ ‬العابرين‮ ‬تتلون‮ ‬مابين‮ ‬جائع‮ ‬ممتلئ‮ ‬وجائع‮ ‬محروم،‮ ‬وأيادٍ‮ ‬تعرف‮ ‬مواضع‮ ‬الألم‮ ‬فتربت‮ ‬عليها‮ ‬بحنان‮.‬
كل مافيك أُحبه حتى ذاك الوجع المحكي كقصة مكتوبة في وجوه المشردين نقرأها في عصى عجوز أعمى يتلمس الطريق ويخطو بثقة لرب السماء، وقبعة شرطي أنهكها الحر فرفعها ليريحها فتسقط أرضا ويعود ليحملها ويترك مكانها همومه وقلة صبره.
كل مافيك أُحبه حتى يأس العابرين المتعلق بخطواتهم تجده في وجه ذلك العجوز المكسور كالجدار البائس خلفها، وأجساد النائمين التي ملت من قسوة الدنيا وتعبت من البحث عن سقف يحتويها فأختارت السماء سقفا وأرضك ياوطني أرضا.
أُحبك‮ ‬يا‮ ‬وطني‮ ‬ياعزي‮ ‬وياذُلي‮ ‬يا‮ ‬فرحي‮ ‬وياحزني‮ ‬لأنك‮ ‬دائما‮ ‬هنا‮ ‬كلما‮ ‬تعبنا‮ ‬من‮ ‬الركض‮ ‬بعيدا‮ ‬عنك‮ ‬عدنا‮ ‬لنجدك‮ ‬وكلما‮ ‬انهكتنا‮ ‬الطرقات‮ ‬التي‮ ‬فشلت‮ ‬في‮ ‬احتوائنا‮ ‬نجد‮ ‬طريقك‮ ‬يحتضنا‮.‬
أُحبك‮ ‬يا‮ ‬وطني‮ ‬لأنني‮ ‬لا‮ ‬أُطيق‮ ‬البعد‮ ‬عنك‮ ‬وكلما‮ ‬رحلت‮ ‬بعيدا‮ ‬أختنق‮ ‬بالشوق‮ ‬اليك‮ ‬وافتقدُ‮ ‬ارضك‮ ‬ورمال‮ ‬صحرائك‮ ‬وحتى‮ ‬الشاهق‮ ‬من‮ ‬جبالك‮.. ‬لاشيء‮ ‬يُشبهك‮ ‬ولا‮ ‬بحرا‮ ‬يُقبل‮ ‬الأقدام‮ ‬بدفء‮ ‬كما‮ ‬يفعل‮ ‬بحرك‮.‬
انت لست مثاليا أبدا وان كنت كذلك لصرت الوطن الوحيد للعالم كله والملجأ المتفرد لكل المشردين.. أنت وطنا تُشبهنا مناسب جدا لمواطنين ومواطنات يحتفلون بعيدك بدلة قهوة وبصحن تمر وبيوم اجازة يفرحون به أكثر من فرحهم بك.. انت مناسب جدا لقلوب بسيطة تحن للخيمة وهي في‮ ‬أحضان‮ ‬قصر‮ ‬تبحث‮ ‬عن‮ ‬غبار‮ ‬الصحراء‮ ‬وهي‮ ‬وسط‮ ‬عمائر‮ ‬المدينة‮.‬
ياوطني‮ ‬الأجمل‮ ‬كُن‮ ‬دائما‮ ‬كما‮ ‬أتمناك‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬ولا‮ ‬ترتكب‮ ‬حمق‮ ‬المثالية‮ ‬ولا‮ ‬تغرق‮ ‬في‮ ‬متاهات‮ ‬الحرب‮ ‬دائما،‮ ‬فنحن‮ ‬مثلك‮ ‬بسطاء‮ ‬ونخطئ‮ ‬كثيرا‮ ‬بعدد‮ ‬حبات‮ ‬رملك‮ ‬وأكثر‮.‬
يارب‮ ‬احفظ‮ ‬وطني
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)