محمود ياسين - أسوأ أخبار الموت عندما يكون الفقيد في مثل سنك ترجع تفكر تشرب شاهي والا موش ضروري، او يمكن تأخذ دش بارد ، لكن موش ضروري..
هناك مقترح تتصل بصاحب دار النشر وتعتذر أنه اتصل وأنت لم تتنبه ، لكن موش ضروري .
خطر لي الخروج للبحث عن بنزين ، لكن للمه .
الموت علينا حق،هذا صحيح لكن بعضنا موش مستعدين ،ولما يموت صديقك القديم وتفكر تنشر تعزية ، ترجع تقول موش ضروري .
هذي هي الحقيقة المباغتة ، فيها هكذا ما يأتي من خارج كل السياقات التي يمكنك ادعاء التحكم بنهايتها..
لم انشر رواياتي الثلاث بعد ،ولم اعتذر لأناس كثيرين لا اعلم على وجه الدقة من المخطئ أنا أو هم ، لم أتشمس على ساحل جزيرة مهجورة في الكاريبي ولم أتبادل النخب رفقة أصدقائي في المنافي ولم نذهب معاً لمشاهدة الجزء الثاني من فيلم تيتانيك ، لم يصوروا الجزء الثاني بعد ولم يناقشوا الفكرة من الأساس .
من صف ثاني وانا هامم ومهتم لأشياء لا اذكرها ، ومن ثالث اعدادي وانا ساهر، ومن تسع سنوات ونحن عرضة لجملة ضلالات ذهنية لم يعد بوسعنا معها التمييز ما إن كنا ما نزال موجودين حقا وأحياء على وجه التحديد .
وكأنه وبشكل مضمر يجب على الكهول وحدهم أن يدفعوا ثمن إقرارنا الجمعي أن الموت علينا حق ، هذه فكرة لامعة حسدت نفسي عليها لكن موش ضروري .
عمر تلتفت صوب ماقطعت منه لتجده أمامك مجموعة كراكيب ،صور اصدقاء يحدقون صوبك بنظرة عتاب لا تفهم أسبابها ونسخ من مجلة العربي ووجوه لأبطالك الكرتونيين وهم نموذجك المتعذر على الموت ، مواقف وأعقاب سجائر ونساء يرفضن أن يسامحنك واضلاف دواليب ورؤوس ثيران مقطوعة في أعياد أضحى تركتها لك على سبيل الذكرى ، كراكيب من مهام مؤجلة وخطط فاشلة وديون وملذات في قيعان كؤوس ملقاة اسفل الكوم اللامتجانس والذي يفصح عن انسجامك الشخصي للغاية مع الكسل في حياة بقيت مؤجلة على الدوام .
أنا هكذا حظيت بوعد من القدر أنني لن اموت الا وقد زهقت تماماً من كوني لم أمت ، وقمت بتحديد سقف زمني يتخطى المائة عام ببضع سنين ، على التزام في الآونة الأخيرة بالاعتماد على جهازي المناعي الذي اقترحت أنه كان لديناصور ، ديناصور وحيد نجا من النيازك وبقي يتجول في المنحدرات والغابات وانقرض بعدها على سبيل الضجر .
تعلمت اختراع كذبات سعيدة منذ طفولتي ، فقط على سبيل مغافلة الحقائق القاسية والمباغتة على غرار هكذا اخبار عن موت أشخاص كان لديهم أيضاً كذباتهم السعيدة .
تذاكر وتذهب بين المطر إلى سوق المنطقة لمتابعة سيناريو ريمي ، السيناريو الذي كان اقسى من طفولتنا ونحن نسمع المحقق بصوته الأجش يصرخ : ايها الولد لقد وقعت في قبضة شرطة لندن .
لا كلاب لدينا ولا ناي نعزف به للعمر الجوال ونحن بقينا مع عائلاتنا لكن لكل منا سيد فيتالس يعلمه العزف ويكتشف طيبة قلبه بعد أن يفقد طريق العودة إلى البيت .
احزاب صحف تجمعات تذاكر سفر معجبات وخصوم رماديون وخصومات ساذجة ومعارك غير عادلة .
ونموت وفقاً لهيمنجواي " لا يتسنى لنا الوقت الكافي لنعرف كيف .
|